*رغم أنه كان يمكن لنتنياهو أن يكون بحكم تجربته ومؤهلاته الشخص الصحيح في المكان الصحيح والزمان الصحيح، إلا أنه بتصرفاته الاخيرة أثبت في كل يوم بأنه غير جدير بمنصبه وأن من المهم جدا استبداله من اجل سلامة الشعب وسلامة البلاد*
بنيامين نتنياهو راكم في السنة الاخيرة سجل اجرامي من المخالفات ضد دولة إسرائيل، يفوق لائحة الاتهام التي تم تقديمها ضده. في الاجراءات الجنائية الرسمية التي تم تأجيلها في الوقت الحالي، فان نتنياهو ما زال يتمتع بافتراض البراءة، رغم أن تصرفاته الاخيرة يوجد فيها ما من شأنه أن يدلل على نهمته السابقة. على الصعيد العام، القانوني والوطني، فان أخطاء نتنياهو هي اخطاء واضحة ومكشوفة ومثبتة، وهي فوق كل شك معقول.
منذ اللحظة التي تبين له فيها بأن ادعاء "لن يكون هناك شيء لأنه لا يوجد شيء" تمت معارضته بالشهادات والدلائل، فان نتنياهو أخذ دولة اسرائيل كرهينة. فقد أخضع الديمقراطية، تمرد على سلطة القانون، قام بإهانة موظفي الدولة المخلصين وحرض ضد العرب واليساريين والمراسلين، وتمسك بالكرسي مثل من يتمسك بقرون المذبح، وفرض ثلاث جولات انتخابية وربما تكون اربع جولات، وقام بتقسيم الشعب، وبدد جهده على المؤامرات والدسائس في ارجاء العالم.
ومع ذلك فإن خطواته الاخيرة منذ الانتخابات وحتى اندلاع ازمة الكورونا، هي الخطوات الاكثر حقارة وقذارة وغير المحتملة تماما. نتنياهو يقوم بابتزاز خصومه من خلال التهديد، وبواسطتهم يبتز شعبه. هو يستغل خوف الجمهور من الوباء المتفشي من اجل أن يبتز من بيني غانتس تنازلات تمكنه من الاستمرار في رحلته من المحكمة المركزية في القدس الى الحصانة ومنها الى الحرية.
والبديل عن ذلك، اذا لم يحصل على طلبه، فان نتنياهو يضخم الخطر (الازمة الاكبر في تاريخ الانسانية منذ العصور الوسطى) ويعزف على خوف الرأي العام من اجل أن يصور خصومه كمن يغرسون سكين في ظهر الشعب، بوصفهم "مجرمي الكورونا". وبسبب كبر الساعة يقول نتنياهو لغانتس، يجب عليك التنازل عن الكتلة التي تقف من ورائك، وعن مطالبتك بأن تكون رئيسا للحكومة، وعن وعودك في الحملة الانتخابية وعن تفاخرك بالدفاع عن الديمقراطية وسلطة القانون.
في المقابل، نتنياهو على استعداد للتنازل عن كل شيء باستثناء استمرار ولايته كرئيس للحكومة وتعيين وزير للعدل ورئيس للكنيست، اللذان يمكنانه من مواصلة حفر الانفاق تحت الغرفة التي ربما تنتظره في سجن معسياهو في الرملة، بدون ازعاج.
بكلمات اخرى، فان متهم بمخالفات جنائية يبتز دولة اسرائيل في زمنها الصعب من اجل أن يعين دميته وزيرا للعدل. هذا لا يختلف بشكل جوهري عن قضية "بار أون- حفرون"، التي نجا منها نتنياهو بصعوبة كبيرة، لكنه في ذلك الحين لم يكن هو المتهم، ولم يجر الدولة الى ثلاث جولات انتخابية، ولم يفرض عليها حكومة انتقالية متعطشة للصلاحيات التي ليست من حقها، ولم يستغل ضائقة شعبه لاغراضه القضائية. وبالمقارنة مع ما يفعله الآن فان قضية "بار أون-حفرون" تعتبر قضية هامشية ومهملة.
إن خطورة المخالفات التي يتهم بها نتنياهو بصورة رسمية – تلقي الرشوة والتحايل وخرق الثقة – تتقزم امام الانحطاط، وكذلك الطابع الخياني لجهود نتنياهو من اجل التخلص من السجن. معظم الجمهور، بما في ذلك الكثير ممن يعارضونه، تعودوا على العيش مع جشعه المزمن ومع جنونه للظهور في وسائل الاعلام – كل ذلك يشفع له جنونه. ولكن هذا الجنون لا يشفع له أن يستغل الدولة في ساعة محنتها لاغراض رحلة هروبه. نتنياهو لن ينسى في أي يوم من وماذا يقف على رأس جدول افضلياته.
بشكل نظري، نتنياهو كان يمكن أن يكون الشخص الصحيح في المكان الصحيح وفي الزمن الصحيح. فهو شخص له تجربة وعقلاني ويعرف الاجهزة الحكومية التي يجب عليها معالجة فيروس الكورونا أفضل من الجميع. بشكل عملي، هو يثبت كل يوم الى أي درجة هو غير جدير بمنصبه والى أي درجة من المهم تغييره، حتى في فترة مصيرية جدا، من اجل سلامة الشعب والبلاد.
إضافة تعقيب