هآرتس- 26/6/2020
*يبدو أن نتنياهو يخطط للقيام بخطوته في الاسبوع القادم. هناك محادثة هاتفية واحدة يمكنها وقف العملية احادية الجانب، لكن عباس غير مستعد لرفع سماعة الهاتف. توصية طاقم الخبراء لازمة الكورونا اتخذت بتأخير لثلاثة اشهر*
مع أخذه في الاعتبار ما هو موجود أمامه فإن بنيامين نتنياهو لا يظهر في هذه الاثناء أي قلق أو أي تأثر استثنائي. عدد المصابين الجدد بالكورونا آخذ في الارتفاع الحاد، والاقتصاديون يحذرون من ازمة طويلة وواسعة، الصحيفة المقربة منه تردد كل يوم عناوين تدعو إلى عدم تفويت الفرصة التاريخية لاعادة اراضي الوطن لسيادتنا الكاملة.
رئيس الحكومة يكثر من التواجد في مكتبه والابتعاد بقدر الامكان عن مقر الكنيست ومشاهدة التلفاز، وإن لم يكن بمستوى الالتزام الذي يميز صديقه، الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
عدد النقاشات الامنية التي يجريها تقلص مؤخرا. عندما نفتالي بينيت جلس في مكتب وزير الأمن، نتنياهو لم يثق به وقلل من تحويل الصلاحيات له. الوزير الجديد (رئيس الحكومة البديل بيني غانتس)، نتنياهو يطلق له الحبل أكثر في المجال الامني.
عدد من النقاشات التي رغم ذلك جرت ركزت على خطة الضم، لكن بقدر ما هو معروف لم تنزل إلى عمق التفاصيل. الكابينيت الامني يقلل انعقاده. نقاشات الكورونا زادت تسارعها على خلفية الارتفاع الجديد في عدد الاصابات. ولكنها تركزت في الاساس على تشديد سياسة الغرامات وعلى نية اعادة انظمة تتبع الشباك الاختراقية، رغم التحفظات الواضحة للجهاز نفسه.
نتنياهو لا يحتاج حقا إلى غانتس وكحول لفان من اجل اجازة قانون الضم في الكنيست. وسيكون له كما يبدو اغلبية كبيرة بدونهم بفضل اصوات حزب يمينا وإسرائيل بيتنا الموجودان في المعارضة. اللغم يكمن في البند 28 في الاتفاق الائتلافي بين الليكود وكحول لفان، والذي ينص على أن نتنياهو وغانتس سيعملان بتوافق كامل مع الولايات المتحدة في كل ما يتعلق بخطة الضم "بما في ذلك موضوع الخرائط مع الأميركيين والحوار الدولي في هذا الشأن".
الأميركيون اوضحوا في السابق رغبتهم في أن يتخذ قرار الضم من خلال اجماع حكومي في إسرائيل. ولكن قبل اقل من اسبوع من الموعد الهدف الذي حدد لبداية عملية الضم، 1 تموز، السؤال المفتوح يتعلق بجدية واشنطن – بالأساس من يحدد هناك موقف الولايات المتحدة.
بنظرة إلى الوراء، احدى العمليات المدهشة من السنوات الاخيرة تتعلق بنجاح مجلس "يشع" للمستوطنين في اختطاف السياسة الخارجية الأميركية في الشرق الاوسط. ووصول المقرب من ترامب، صديق المستوطنين دافيد فريدمان إلى منصب سفير الولايات المتحدة في إسرائيل، له دور رئيسي في الضجة الحالية. فريدمان دفع بدون كلل من اجل تطبيق الضم.
وفي هذا الاسبوع كان في جولة مشاورات في واشنطن. اعضاء طاقمه في السفارة في إسرائيل لا توجد لهم أي فكرة عما يخطط السفير وماذا سيقرر الرئيس وماذا سيقول الضلع الثالث في المثلث، جارد كوشنر، صهر ترامب.
كليان كونفي، مستشارة ترامب، وعدت أمس المراسلين بـ "تصريح كبير" من الرئيس حول الضم. وباستثناء ذلك، لم يكن بالامكان فهم أي شيء من اقوالها عن نوايا ترامب. ولكن يبدو أن نتنياهو يخطط للقيام بخطوته في الاسبوع القادم. التقدير الراسخ في جهاز الامن وفي الساحة السياسية يقول إن رئيس الحكومة يفحص القيام بضم رمزي ومحدود، وربما ضم منطقة معاليه ادوميم، المنطقة القريبة من القدس والتي يوجد حولها اجماع في إسرائيل. في لقائه مع قيادة المستوطنين طرحت فكرة الضم على مرحلتين. ولكن عدد كبير من رؤساء مجلس "يشع" يعارضون ضم جزئي (حتى 30 في المئة من الاراضي) ويشككون بنتنياهو بأنه لم يفي بتعهداته بالقيام بنبضة الضم الثانية في المستقبل. فهم احترقوا منه في السابق.
المكاسب السياسية المتوقعة لنتنياهو من خطة الضم هي الآن موضع شك في الوقت الذي فيه تتزايد وتتراكم الاخطار الاستراتيجية. في الامم المتحدة وفي دول في الاتحاد الاوروبي يشددون من معارضتهم للخطة. وفي وزارة الأمن التي أنهت بيانات التصدير الامني للعام 2019 بـ 7.2 مليار دولار، يقلقون الآن من امكانية وقف صفقات اخرى في اوروبا، اذا تم تطبيق الضم.
عيون كثيرة في الشرق الاوسط تتطلع إلى الاردن القلقة جدا من كل امكانية لضم إسرائيلي في الضفة، خاصة في الغور. المملكة غير مستقرة تماما ازاء ازمة اقتصادية وفضائح فساد متواصلة. وحتى زعماء دول الخليج، الودودون جدا تجاه نتنياهو لن يغفروا له اذا بدأ بدحرجة كرة الثلج التي ستؤدي إلى تهديد نظام الملك عبد الله.
يبدو أن نتنياهو بدأ في أن يُعد لنفسه دفع غيبة محتمل حتى لتجميد الضم، بواسطة القاء التهمة على غانتس ووزير الخارجية غابي اشكنازي. عمليا، تهديده بالذهاب إلى انتخابات اخرى بسبب الخلاف على الضم الذي يظهر من حين إلى آخر على صفحات "يسرائيل هيوم" يثير الشكوك. الضم ليس هو الذي يشغل الناخب الإسرائيلي أو الكورونا، بل بالأساس الازمة الاقتصادية الشديدة التي تسبب بها الفيروس.
حل الائتلاف الآن استنادا إلى استطلاعات مستخذية يكتنفه الخطر: الرأي العام يمكن أن يتغير في الخريف عندما لن تختفي الكورونا من هنا، ووضع الاقتصاد فقط سيزداد سوء. في هذه الاثناء رئيس الحكومة يدير معركة صد ضد تشعب التحقيقات ضده لقضايا جديدة وينتظر الفرصة التي ستمكنه من التوصل إلى الحل المرغوب فيه حسب رأيه، انتخابات جديدة، انتصار، وبعد ذلك تشريع سيوقف الاجراءات القانونية التي بدأت بشأنه.
في لقاء غانتس مع المراسلين العسكريين في يوم الثلاثاء الماضي، لم يكن بالامكان عدم ملاحظة وضعه البائس. غانتس يعرف أن انضمامه لنتنياهو تسبب بضرر كبير له في اوساط ناخبيه. وهناك شك كبير اذا كان سينجح في أن يضع نفسه كبديل ما في الانتخابات القادمة، عندما لا تجري. في هذه الاثناء هو يعمل على وقت مقترض.
غانتس يأمل أن يقتنع مصوتيه بشكل ما لاحقا أنه في الظروف التي واجهته، وازاء خوفه من فوز ساحق لنتنياهو في انتخابات رابعة، بأنه مع ذلك فعل الخطوة الصحيحة. ولكن يبدو أن انجازاته المعدودة، استقرار الهزة الداخلية في وزارة العدل، وربما درجة من الضبط في نقاشات الضم، لن تكون كافية لمحو خيبة أمل الكثيرين من ناخبيه.
محادثة في الانتظار
رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس كان يمكنه حل هذه المشكلة بواسطة محادثة هاتفية واحدة مع ترامب. ولكن أبو مازن يتمترس في اهانته منذ نقل السفارة الأميركية إلى القدس قبل سنتين تقريبا. وقد قطع أي اتصال مباشر مع الادارة حتى قبل ذلك، في كانون الاول 2017، واتهم الرئيس علنا بأنه لم يكن وسيط نزيه بين إسرائيل والفلسطينيين.
قادة كبار في جهاز الامن الإسرائيلي توسلوا اليه، وحتى مؤخرا توسلوا اليه للتنازل عن كرامته والاتصال مع البيت الابيض. عباس يرفض، ولو أنه فعل ذلك لكان من المعقول أن اقتراح الضم كخطوة احادية الجانب كان سينزل عن الاجندة، على الاقل مؤقتا، ولكانت الادارة ستركز جهودها على محاولة طرح مشهد زائف للتقدم في المفاوضات قبل الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة في تشرين الثاني.
في جهاز الامن يقدرون أن عباس يريد وقف الضم بكل السبل، لكنه يعتقد بأنه يمكنه فعل ذلك بواسطة التهديدات والذهاب حتى نقطة النهاية دون أن يتدهور إلى انهيار السلطة أو اشعال حرب. في لعبة الحرب التي قام بها الجيش والشباك في بداية هذا الاسبوع نوقشت ايضا امكانية أن ينفذ عباس تهديده و"يلقي المفاتيح" لإسرائيل. فعليا لا يوجد لدى إسرائيل ما يكفي من الاموال من اجل العودة وادارة شؤون السكان في الضفة. وهناك شك كبير في أن يتجند المجتمع الدولي لهذه المهمة.
قبل سنتين تقريبا اجري في جهاز الامن انتقاد ذاتي لوحدات الحكم التي وظيفتها اعادة السيطرة على الادارة المدنية للمنطقة عند الحاجة. وبصورة غير مفاجئة تبين أن الحديث يدور عن اجسام فارغة هبطت على مدى السنين إلى أسفل السلسلة الغذائية العسكرية، لا توجد لديها وسائل أو قادة أو قوات مدربة بما فيه الكفاية كي تتولى بنفسها هذه المهمة.
الجمهور الفلسطيني حتى الآن غير مجند للمعركة ضد الضم، رغم الاعتصام الذي بادرت اليه السلطة الفلسطينية هذا الاسبوع في أريحا. الوضع الاقتصادي في الضفة الغربية معقول مقارنة مع الدول المجاورة.
ونسبة البطالة ما زالت غير مرتفعة بمفاهيم فلسطينية (14,5%)، والمشكلة الاساسية تتعلق بدفع الرواتب لموظفي القطاع العام، التي انخفضت إلى 60% بسبب الخلاف المتجدد مع إسرائيل على الاموال المخصومة. التقدير السائد في إسرائيل هو أن اعلان ضم، حتى لو كان مقلص، سيحرك زنبرك في الضفة، ولكن لا يوجد أي استنتاج واضح حول قوته المتوقعة.
التنظيم كما كتب في السابق هنا، يعتبر اللاعب المركزي. في نهاية الانتفاضة الثانية قاد عباس ورئيس الحكومة الفلسطينية في حينه، سلام فياض، عملية اخضاع حاملي السلاح للسلطة ("يد واحدة تحمل سلاح واحد"). ومؤخرا من اجل فرض الانضباط في فترة الكورونا اعيد نشطاء مسلحون إلى الحركة كنوع من الاستعداد الميداني لحركة فتح، إلى الشوارع. وهذا كان مقرونا بعدد غير قليل من الاحداث العنيفة. هذه البنادق في ظروف متطرفة يمكن مرة اخرى أن تكون موجهة ضد إسرائيل، في مرحلة اولى في عمليات ضد المستوطنين في شوارع الضفة.
حماس لن تبقى مكتوفة الايدي، بالتأكيد عندما ستكون هناك فرصة لسحب البساط من تحت أقدام السلطة في الضفة الغربية. في قطاع غزة كانت حماس ستفضل كما يبدو الحفاظ على الهدوء، لكن القرار ليس تماما في أيديها. الاعلان عن الضم يتوقع أن يؤدي إلى اطلاق صواريخ من قبل الجهاد الاسلامي وتنظيمات اخرى. ورد حماس سيكون مرتبط بأمرين: الشعور العام في غزة تجاه الضم وقوة الرد العسكرية الإسرائيلية ضد الجهاد.
إضافة تعقيب