لا ينبغي الاحتفال في اسرائيل بتغيير السياسة الأميركية بالنسبة للمكانة القانونية للمستوطنات. فلئن كانت هدية، فهذه هدية سامة. فالترخيص الأميركي الرسمي للاستيطان في المناطق المحتلة ليس فقط لن يساهم في حصانة ومكانة اسرائيل، بل من شأنه ان يدفعها الى وضع لا مرد له كدولة أبرتهايد.
يخيل أن استراتيجية ترامب بالنسبة للنزاع يمكن اجمالها على النحو التالي: اذا كانت الادارات السابقة حاولت على مدى عشرات السنين احلال السلام بلا نجاح – فنحن سنأخذ المعتقدات التي افترضها اسلافنا ونفعل العكس تماما. بعد أن "أزالوا عن طاولة المفاوضات" مسائل جوهرية كمكانة القدس ومشكلة اللاجئين، من خلال الاعتراف بالقدس كعاصمة اسرائيل والمس بالأونروا، فان اعلان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو هو محاولة فظة لاستبعاد الفرضية الاساس التي قبعت في اساس النهج التقليدي الأميركي تجاه النزاع، وبموجبه، فان السلام يستوجب اخلاء مستوطنات.
مرت ثلاث سنوات منذ انتخب ترامب للرئاسة واعلنت "صفقة القرن" كحل يضع حدا للنزاع القديم، والمنطقة لم تتقدم حتى ولا خطوة واحدة نحو المصالحة. كل ما تبقى من الاعلانات العظمى هي هدايا سامة يمنحها ترامب لمرعيه نتنياهو، والتي تحسن له انتخابيا وتعزز معسكر اليمين.
وبالفعل، لم يبق نتنياهو صامتا وشكر الأميركيين، الذين باعلانهم ردوا "بشكل واضح الادعاء الكاذب، وبموجبه الاستيطان الاسرائيلي في المناطق يتعارض في اساسه مع القانون الدولي". ان من يكذب هو بالطبع نتنياهو، الذي يعرض جيدا بانه رغم الاعلانات الأميركية، ليس في وسعها تحليل الدنس. فالمستوطنات بنيت على أرض محتلة بما يتعارض مع القانون الدولي وقرارات الامم المتحدة. والاخطر من هذا هو ان الاعلان الأميركي كفيل بان يمنح ريح اسناد لخطة الضم لدى اليمين. قد يكون نتنياهو على علم بالاثار الهدامة لمثل هذه الخطوة، ولكن امام ناظريه لم تعد منذ زمن بعيد الدولة ومستقبلها، بل مستقبله وحده فقط.
مثير للحفيظة حتى اكثر من ذلك هو رد رئيس أزرق أبيض بيني غانتس، الذي شكر الادارة على التصريح. فبدلا من تمثيل من يسعون الى السلام على اساس تقسيم البلاد، انطلاقا من الفهم بان هذا هو الحل الممكن الوحيد الذي يعترف بالتطلعات الوطنية للشعبين وبحقهما في تقرير المصير، يتبين غانتس كنسخة شاحبة لنتنياهو في كل ما يتعلق بافكاره السياسية.
اذا كان يريد حقا ان يكون بديلا مناسبا، فان عليه أن يستوعب الحقيقة بانه الى جانب تفكيك النسيج الاجتماعي والغرق في ثقافة الفساد، فان الاخطر الاكبر الذي يحوم فوق اسرائيل هو التدهور الى وضع يتعين فيها ان تحسم بين كونها دولة أبرتهايد وبين كونها دولة ثنائية القومية، بحيث أن كل واحدة من الامكانيتين معناها نهاية الحلم الصهيوني.
إضافة تعقيب