news-details

هل حقا لا توجد احتمالية لنكبة فلسطينية ثانية؟ 

 جاكي خوري 

الرأي العام العالمي وضغط الغرب والادانات في الأمم المتحدة- يمكن للأوكرانيين أن يخبروا الفلسطينيين كم فارغة هذه الكلمات الكبيرة.  

في تقارير من أوكرانيا يتحدثون عن نحو 10 ملايين شخص اضطروا الى الهرب أو الى ترك بيوتهم. عدد اللاجئين تم تقديره بثلاثة ملايين. التقارير الواردة من أوكرانيا تستهدف أيضا هز الرأي العام العالمي على أمل زيادة الضغط على دول العالم  لتساعد وتتدخل وتمنع المأساة. 

يبدو مما يحدث في أوكرانيا أنه يمكن استخلاص استنتاج مقلق من هذه المأساة حول الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني. مرة تلو أخرى نسمع بأن نكبة ثانية غير واردة، وأن الترانسفير هو شعار ناجح لحملة انتخابية لليمين المتطرف. لكن لا توجد احتمالية لأن يوافق العالم بصمت على ظاهرة كهذه في القرن الواحد والعشرين.  

لكن إذا كانت دولة أوروبية تحصل على دعم دولة عظمى، أمريكا، وتقريبا جميع الدول الأوروبية والأمم المتحدة لم تنجح في منع حرب يرافقها اقتلاع ملايين الأشخاص، فمن الذي يضمن أن مثل هذه المسرحية لن تحدث في منطقتنا أيضا؟ 

في ميزان القوى المحلي فإن إسرائيل هي قوة قوية أعظم من روسيا مقارنة بأوكرانيا. أيضا المجال الذي يتركز فيه الفلسطينيون أضيق بكثير. وبناء على ذلك فإن الوضع فعليا الذي فيه مئات آلاف الفلسطينيين يمكن أن يهربوا اثناء القتال ليس فيلم رعب خيالي. 

الحقيقة هي أنه لا حاجة لأوكرانيا لتجسيد الخطر؛ يكفي النظر الى فضاء الشرق الأوسط: سوريا واليمن والعراق امثلة واضحة على دول حدث فيها تغيير ديمغرافي أساسي. ملايين اللاجئين تركوا بيوتهم اثناء الحرب وهربوا الى دول أخرى في المنطقة ولا احد يمكنه أن يضمن لهم عودتهم الى بلادهم والى بيوتهم في المستقبل القريب. 

 

كيف يمكن لهذا أن يحدث فعليا؟ أي مواجهة مباشرة مع ايران وحزب الله، التي سيرافقها احتجاج شعبي في مناطق الضفة، يمكن أن تؤدي الى اخلاء واسع بشكل قسري أو طوعا. الضغط والهستيريا التي ستظهر اذا سقطت الصواريخ على المدن في إسرائيل يمكن أن تخفي بقايا الاعتبارات الأخلاقية التي لربما سيتهامس بها افواه اليسار. 

اذا انضم الفلسطينيون بطريقة معينة، محليا أو بشكل منظم، الى الضغط الذي سيستخدم على إسرائيل فإنها على الفور ستعتبر ضارة "بالامن القومي"، وبخطاب "الدفاع عن النفس" سيتم اتخاذ عمليات عسكرية هدفها التسبب بهروب جماعي. وسيكون من الصعب العودة، وربما حتى تصبح أمر مستحيل. 

 

أيضا العرب الذين يعيشون في حدود 1967 يمكن أن يدفعوا ثمنًا. احداث أيار الماضي اثبتت لنا كيف يعمل المنطق ما  وراء التصعيد. ففي اللحظة التي يتم فيها اشعال نزاعات محلية بين اليهود والعرب فإن الاستنتاج اليهودي الذي طرح في استوديوهات كثيرة، كان أن "هم فقط ينتظرون اختفاءنا من هنا". المسافة بين هذه الرؤية وبين غض النظر عن هرب العرب الإسرائيليين اثناء حرب شاملة، قصيرة جدا. 

يجب علينا التذكر أنه يوجد في إسرائيل الآن اشخاص يعتبرون محترمين ومهمين، ويبدو أيضا جمهور واسع يؤيد فكرة اخلاء العرب – الفلسطينيين من هنا، أو باسمه الدقيق "ترانسفير". في وقت ما هذه الفكرة كانت مناقشتها مرفوضة بشكل علني، لكن الآن يحظى من يؤيدونها بتغطية أكبر مما يحصل عليه وزراء في الحكومة. نفس الفكرة باسم مغسول، تبادل سكاني، حتى لو كان لا ينظر اليها كفكرة سخيفة وخيالية، اسألوا وزير المالية. حتى في البيت الأبيض هناك من اعتقدوا بشمل هذه الفكرة، وادي عارة والمثلث، في صفقة القرن. 

الرأي العام العالمي وضغط الغرب والادانات في الأمم المتحدة- يمكن للأوكرانيين أن يخبروا الفلسطينيين كم فارغة هذه الكلمات الكبيرة. 

  

هآرتس-23/3/2022 

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب