news-details

هل يمكن القول إنه لن يكون ضم؟

على رأس هذه الدولة يقف شخص خطير ومقطوع عن الواقع. ولا توجد أي فائدة من الاحتجاج ضده وتعليق الآمال عليه. والأمل الوحيد هو الدول التي تطوعت من اجل انقاذ إسرائيل من نفسها

 

هل يمكن القول إنه لن يكون هناك ضم؟ نتنياهو لن يقوم بضم ملليمتر واحد بشكل أحادي الجانب. وبقي أن نرى فقط كيف سينزل عن الشجرة. بأي ذرائع سيتحجج، على من سيلقي التهمة (موجة ثانية، احتجاج السود في أميركا، كحول لفان).

في الطريق نجح في أن يوحد ضد هذا الخيال تحالف دولي يثير الاعجاب. العالم الكبير تفرغ للحظة من الوباء ومن الازمة الاقتصادية وسوى صفوفه وأوضح التداعيات. الاردن، المحور السني المكون من السعودية ودول الخليج، الاتحاد الاوروبي بقيادة المانيا، بريطانيا وفرنسا، الحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة، ايضا البيت الابيض خف حماسه والجمهوريون يصمتون.

كل هؤلاء هم اصدقاء لإسرائيل. ولم نصل بعد حتى إلى الرد المحتمل للسلطة الفلسطينية، منظمات الرفض وباقي الجهات والدول التي تحبنا بدرجة أقل. هذا هو العرض المدهش للساحر العظيم، رجل الدولة الذي بقي سنوات يطحن العقل الإسرائيلي ويقول لهم بأن العالم كله مفروش تحت قدميه وليس هناك أحد غيره. اجل، هذا دوري آخر.

هذا بالطبع هزيمة لنتنياهو. لقد هزم نفسه. منذ البداية كان الحديث يدور عن نزوة شخصية، هو شيء اكثر من عوالم الطقوس والنظريات مما هو عالم الواقع. لهذا ايضا هي تهم فقط نسب ضئيلة من الإسرائيليين، كما تشير اليه استطلاعات الرأي العام. أصلا بالفعل، مناطق الضفة وغور الاردن تم ضمها منذ زمن. فكل من زار هذه المناطق في السنوات الـ 53 الاخيرة ادرك ذلك. السيادة الإسرائيلية تم تطبيقها على المستوطنات منذ اقامتها. سكانها يصوتون للكنيست ويدفعون الضرائب وأحيانا يخدمون في الجيش. ويوجد حتى مستوطنان في المحكمة العليا.

كل عرض الضم جاء كمناورة سياسية من اجل أن يضمن أكبر قدر من اصوات المستوطنين ومنع قضم الاصوات في اليمين. هناك من يقولون بأنه اضيف ايضا ثمل القوة والتطلع لإبقاء تراث أو "ارث" حسب تعبيره. هذا غير مهم. الامر المهم حقا والمخيف حقا هو الصورة الكبيرة.

الفكرة التي لا اساس لها للضم أحادي الجانب ولدت في رأس نتنياهو المتقد وتم دفعها قدما من قبله تقريبا بدون عائق. هذا يضع علامات استفهام كبيرة على فاحص الوقائع لديه. ولكن الاخطر من ذلك هو أن هذا يضع علامة استفهام على مجرد كون إسرائيل ديمقراطية سليمة، مع توازنات وكوابح، اجهزة منظمة لعمل الفريق واتخاذ القرارات والاشراف والرقابة. حسب تطور الضم هذا لم يعد هو الوضع.

توجد هنا سلطة فرد مع علامات ملكية، مدعوم بالمساعدين وترافقه جوقة صارخة من المخصيين. الاجهزة تفككت، التوازنات والكوابح تعفنت، حراس العتبة ومن يحذرون ناموا. أين الكابينيت؟ أين هيئة الامن القومي؟ أين وزارة الخارجية؟ أين الجيش الإسرائيلي، جهاز الاستخبارات، الموساد والشباك؟ لماذا لم يقلبوا الطاولات؟ هل هناك أحد ما زال يعمل في هذه الاجسام المحترمة، أو أنهم جميعا يعرفون فقط هز الرأس والعودة إلى البيت بسلام؟

الامر يتعلق بعملية قابلة للانفجار، كارثية، يمكن أن تتسبب بضرر كبير للوضع السياسي والامني والاقتصادي في إسرائيل. ولا يوجد فيها أي فائدة على المستوى القومي والاستراتيجي. وقد اوضح الاردن بأن معناها الالغاء الفوري لاتفاق السلام. واوروبا حذرت من فرض عقوبات. ومعارضة فلسطينية عنيفة هي أمر مؤكد تقريبا. في الحقيقة، الجيش مستعد لـ "سيناريوهات تصعيد" وهو يجري "مناورات حرب".

هو فقط لا يعرف أي حرب يستعد لها لأنه لا توجد خارطة. ليس فقط لبني غانتس لا توجد خارطة ولا يوجد موقف. لا يوجد خارطة لأحد، ولا حتى لنتنياهو. كل شيء يتم بصورة هاوية، مع تذمر ومع خط نهاية هستيري، بصورة معزولة عن الحاجات الراهنة ونظام الاولويات لمواطني إسرائيل.

الاستنتاج هو أنه على رأس الدولة يقف شخص خطير ومقطوع عن الواقع. في هذه المرحلة لا توجد أي فائدة من الشكوى له أو أن نعلق عليه الآمال العبثية، عليه أو على رئيسي الاركان الجبانين اللذين اختارا التوصية به مرة اخرى. الحظ الوحيد لإسرائيل هو أن دول العالم تطوعت هذه المرة كما يبدو لانقاذها من نفسها. إلى هنا تدهورنا.

 

هآرتس- 18/6/2020

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب