المشكلة هي أنه عندما نتعمق في الظلم الذي نلحقه بالآخرين ونرفض وقفه، لا يكون خيار أمامنا سوى الانضمام الى تحالف المستبدين الآخرين في العالم. هكذا هو التطبيع بالنسخة الاسرائيلية: يا محتلي العالم، اتحدوا
احتلال. آلاف عديدة من أبناء الشعب المحتل هم لاجئون في دول المنطقة. المنظمة التي تمثل المحتلين هي منظمة خارجة على القانون، والكثير من النشطاء فيها موجودون في السجون. منذ عشرات السنين ومنظمات حقوق الانسان الدولية تقول إن حرية التعبير لمعارضي النظام في المناطق المحتلة مقيدة، وأن النشاطات من اجل الاستقلال تعتبر تآمر.
المحتل اقام مستوطنات في المنطقة المحتلة ونقل الآلاف من مواطنيه اليها. مظاهرات ضد الاحتلال والمستوطنات ومن اجل الاستقلال تواجه بقوة ضخمة، ومنها استخدام الرصاص المطاطي، ومن ينظمونها يتم سجنهم. وحتى نشطاء حقوق الانسان من الشعب المحتل الذين يعملون من اجل المحتلين هم هدف للتحريض ونزع الشرعية.
حكومة المحتل تستخدم الوسائل الرقمية التي تطورها شركة السايبر الاسرائيلية "ان.اس.أو" من اجل متابعة منتقديها. في احدى المواجهات العنيفة التي حدثت بين المحتلين والواقعين تحت الاحتلال قام الجيش المحتل بقصف مناطق مدنية بالفوسفور الابيض، رفع علم وطني للواقعين تحت الاحتلال ممنوع حسب القانون وهو يوفر ذريعة للاعتقال. وحتى أن المحتل اقام جدار فصل بطول مئات الكيلومترات داخل الاراضي التي يدعي المحتلون بأنها ارضهم.
قولوا مرحبا للصديقة الجديدة لاسرائيل: المغرب.
يصعب أن نتوقع من دولة مثل اسرائيل التي تحتل شعب بنفسها وتحرمه من حقوقه الاساسية وتمتص ارضه وتسخرها لحاجاتها، أن تتصرف بتعاطف مع أناس آخرين تم احتلالهم، خاصة أنهم يوجدون غرب الصحراء. من سمع عنهم أصلا، عن القبائل الرحالة (ربما شبه رحالة) هناك في الصحراء. كيف أصلا يسمونهم؟ صحراويون؟ لا. الاسرائيليون ينامون جيدا مع احتلالهم، ولهذا ليس هناك أي سبب للافتراض بأن نومهم سيطير من عيونهم لأنهم ساعدوا في ترسيخ احتلال آخر. خاصة احتلال بدو في افريقيا.
اليوم اسرائيل تقف في طليعة جبهة اعادة العالم الى ما قبل الحرب العالمية الثانية. هي تريد محو العبر التي استخلصتها الانسانية من حربين قتل فيهما عشرات ملايين الاشخاص – عبر تم تضمينها (جزئيا أو بشكل كامل بالطبع) في القانون الدولي الحديث. العبرة الرئيسية، وهي استخدام القوة في العلاقات الدولية هو أمر مرفوض (باستثناء الدفاع عن النفس)، تم تضمينها في ميثاق الامم المتحدة وتم تعزيزها بمبدأ أنه لا يتم امتلاك السيادة بالقوة. لهذا، العالم لا يعترف بسيادة روسيا في شبه جزيرة القرم. ولهذا العالم لا يعترف بسيادة اسرائيل في شرقي القدس وهضبة الجولان. ولهذا العالم لا يعترف بسيادة المغرب في الصحراء الغربية.
الآن، في أواخر عهد الرئيس الامريكي الذي يؤمن بالداروينية الاجتماعية من النوع المتوحش جدا، اسرائيل تساعده على المس بهذا الجوهر للقانون الدولي. هذا حدث عندما كانت اسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم التي اعتبرت ديمقراطية واقامت علاقات تجارية مع نظام الابرتهايد في جنوب افريقيا. بهذا فقد أدى ذلك الى استمرار النضال ضد العنصرية الممأسسة.
هذا يحدث ايضا في السنوات الاخيرة، حيث مقابل المس بالنضال الفلسطيني من اجل الحرية نقوم بعقد تحالفات مع انظمة استبدادية في العالم، وبهذا نمنح المزيد من الدعم لأفول الديمقراطية. وهذا حدث ايضا في الاسبوع الماضي عندما جندنا نفوذنا في واشنطن من اجل تحطيم حاجز عدم الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية مقابل رحلات طيران مباشرة الى الرباط أو الدار البيضاء.
اجل، توجد لاسرائيل مصالح، واحيانا مصالحها يجب أن تتفوق على مصالح الآخرين – لكن ايضا يجب أن تكون لنا خطوط حمراء. المشكلة هي أنه عندما نتعمق في الظلم الذي نلحقه بالآخرين ونرفض وقفه، لا يكون خيار أمامنا سوى الانضمام الى تحالف المستبدين الآخرين في العالم. هكذا هو التطبيع بالنسخة الاسرائيلية: يا محتلي العالم، اتحدوا.
هآرتس- 16/12/2020
إضافة تعقيب