يبدو أنه للمرة الاولى في تاريخها، اصدرت المنظمة العليا اليهودية البريطانية، وهي هيئة محافظة تجمع بالاساس تجمعات ارثوذوكسية، بيانا باللغة العبرية. حدث هذا بمناسبة زيارة بتسلئيل سموتريتش. "نحن نرفض المواقف المثيرة للاشمئزاز والايديولوجيا التي تثير الكراهية لبتسلئيل سموتريتش"، كتب في البيان. "وندعو جميع اعضاء الجالية اليهودية البريطانية الى عدم استقباله".
صحيح أن سموتريتش حاول الادعاء بأن الامر يتعلق بأقلية تقدمية، لكن منذ ذلك الحين انضم للبيان ايضا بني عكيفا وحركة همزراحي التابعة للصهيونية الدينية. يمكن إذا أن نجزم بثقة أن الفروع المختلفة ليهود بريطانيا تخرج عن اطوارها من اجل التوضيح لكل المجتمع البريطاني بأن سموتريتش لا يمثلهم.
لا يوجد في الكنيست الآن أي شخص يحمل التفوق اليهودي كوسام على صدره مثل سموتريتش، باستثناء الشذوذ الذي يسمى ايتمار بن غفير. سموتريتش حوّل نفسه الى نوع مكثف من المتعصب المتزمت، أي شخص يؤمن بتفوق العرق.
هذه رؤية تنسب للاساميين والنازيين الجدد، حتى في نظر المحافظين البريطانيين والامريكيين. وجزء من اتباع دونالد ترامب الذين يؤمنون بـ "نظرية الاستبدال"، المستوردة من اليمين القومي المتطرف في فرنسا، الذي يؤمن بأنه تجري عملية متعمدة لاستبدال العرق الابيض المتفوق بيهود.
هاتان العمليتان أدتا الى لحظة تصرح فيها منظمة عليا يهودية بهذه الشدة ضد عضو برلمان اسرائيلي.
اولا، تبدّل الاجيال. الجيل الشاب في يهود الشتات نما داخل روح العصر، وانكشف في الجامعات على انتقادات تتعلق بتوزيع السلطة والعنصرية وتجسيد نظريات ما بعد الكولونيالية. بالنسبة لهذا الجيل فإنه بدلا من أن يكون من يمثل اسرائيل كـ"نور للاغيار"، فإن جزءا منهم مثل سموتريتش وامثاله، تحولوا الى ظلام لليهود، وهو سبب الخزي والخوف.
لأن الترتيب الصحيح للأمور هو أن الجيل الشاب يُحدث تغييرا في التوجه، والجيل المسن يكيّف نفسه، فلم يبق للمحافظين اليهود أي خيار، سوى ابعاد انفسهم عن السموتريتشيين. وهذا سيزداد ويشتد مستقبلا.
ولكن هناك أمر آخر، يبدو أنه لم يُستوعب هنا، وهو أن بنيامين نتنياهو اختار لنفسه اليمين القومي المتطرف كحليف، بدءا بترامب ومرورا بفيكتور اوربان وانتهاء بتياوش مورفايتسكي، صديق للاساميين مكشوفين، تم دعمهم من قبل عنصريين ويهددون الاقلية اليهودية في بلادهم. ارتفاع الجرائم على خلفية لاسامية غير منفصل عن موجة اليمين الشعبوية هذه. هذا ما حدث في الولايات المتحدة وهنغاريا وبولندا وعدد من الدول.
وصل هذا الامر ايضا الى بريطانيا. ببساطة، اليمين الشعبوي ربما كان حليفا لنتنياهو، لكن ليس لليهود. الآن الربط العلني بين شخص قومي متطرف اسرائيلي مثل سموتريتش ويهود الشتات فقط يُشعل الادعاء اللاسامي القديم بشأن الاخلاص المزدوج. وحقيقة اعلانه بأنه ينوي مناقشة حاخامات "حول الهوية اليهودية والعلاقة مع اسرائيل" لم تهدئ أي أحد، بل العكس.
سموتريتش يهدد يهود بريطانيا لأنه ممثل لا يطاق لليهودية الفظة والمفترسة والعنصرية والمشوبة بشعور التفوق.
سموتريتش رد على رفضهم له في تويتر، باللغة الانجليزية والعبرية، بالقول "يا يهود بريطانيا، أنا احبكم جميعا". لكنهم، على اعتبار أنهم عرفوا سنوات قاسية في عهد جيرمي كوربن، سيكونون مسرورين بالتنازل عن حب سموتريتش، وحب أي قومجي متطرف في الكنيست من اجل القليل من الهدوء.
هنا يكمن جوهر القضية. فسموتريتش يعتقد أنه يمكنه اقناع الاسرائيليين بأنه ليس "شخصا غير مرغوب فيه" في اوساط يهود الشتات، لكن عبثا. في اسرائيل اعتادوا عليه وعلى أيديولوجيته المثيرة للاشمئزاز. عملية الزرع انتهت بنجاح والجسم استوعب العضو العنصري.
الامر ليس كذلك لدى الجاليات اليهودية في الشتات. هذا تذكير مهم لكل من يعتقد أن التهديد الاكبر على اسرائيل هو حركة الـ المقاطعة "بي.دي.اس". إذ يتبين أن القومية المتطرفة التي جاءت من اوساط الصهيونية الدينية تعرض للخطر اسرائيل في العالم أكثر بكثير.
هآرتس
إضافة تعقيب