أنا رومان ليفين، عمري 19 عام وأسكن في بات يام، كما أنني أخدم في الجيش منذ أكثر من عام. ولكنني أرفض الاستمرار في خدمتي العسكريّة، وذلك احتجاجًا على الاحتلال المستمر منذ أكثر من 50 عامًا، وتضامنًا مع الشّعب الفلسطيني في الضفة الغربيّة المحتلة وغزة المحاصرة.
عندما قمت بزيارة عائلتي في أوكرانيا، واجهت الاستهتار باليهود، وكذلك في إسرائيل، تعاملوا معي ومع أصدقائي باستهتار وذلك على خلفية أصولنا وثقافتنا المختلفة. ومن هناك شهدت نمو تضامني مع الشّعب الفلسطيني المقموع. هناك في أوكرانيا توجد حرب أهليّة، وعند زيارتي لتلك البلاد، قبل بضعة أشهر، التقيت جنودًا يجهلون من أجل ماذا يقاتلون ومن اجل ماذا يموتون! وكوني لا أؤمن أيضًا بسياسات إسرائيل العسكريّة التي تهدف بالأساس للحفاظ على الاحتلال، جعلتني زيارتي لأوكرانيا أعيد التفكير في المعنى من وراء خدمتي العسكريّة.
انا ارفض المشاركة في استمرار قمع الشعب الفلسطيني. يتم في المناطق المحتلة بناء المزيد من المستوطنات في الوقت الذي يعاني فيه الفلسطينيون من سياسة مصادرة الأراضي وهدم بيوت. منذ العام 2006 هدمت إسرائيل اكثر من 2000 منزل في المناطق المحتلة. حريّة تنقل الفلسطينيين محدودة، داخل حدود وطنهم وايضًا في طريق الخروج منه، حيث أن جواز السفر الفلسطيني مصنّف في المرتبة 189 في العالم، وفي قطاع غزة سُلب هذا الحق نهائيًا.
في الجيش خدمت كسائق شاحنة، وقضيت جزءًا كبيرًا من وقتي في التنقل داخل المناطق المحتلة. اعتقدت حين تجندّت أن الجيش يخدم مصالح مواطني دولة إسرائيل، ولكن بعد أن باشرت الخدمة في المناطق المحتلّة فهمت أن ما يقوم به الجيش بحق الفلسطينيين، خاصة مع القتل المستمر للمتظاهرين على حدود غزة، لا يخدم مصالحي الشخصيّة او مصالح العاملين الإسرائيليين. قانون القوميّة قوّى لدي هذا الشعور، وتوصلت لاستنتاج أنه من غير الممكن إمساك الحبل من كلا طرفيه؛ مناهضة الاحتلال والعنصريّة والنظام الرأسمالي من جهة، ومن جهة أخرى خدمة الجيش الذي يحافظ على هذه الأمور.
من المربح اكثر من الناحية الاقتصادية، لي ولعائلتي، ان أنهي خدمتي العسكريّة حتى النهاية، ان احصل على هبة ورخصة غالية تمنحني إمكانية العمل مع أجر مرتفع، لكن لمعظم الفلسطينيين، وخاصّة لمواطني قطاع غزّة، هذه الامكانية غير متاحة. مع كل سنة تمر يشتد الخناق حول رقبة الشعب الفلسطيني، تزداد الفجوة اكثر فأكثر بين الأغنياء والفقراء في إسرائيل نفسها. الفقر الكبير الذي يسلب العاملين في إسرائيل الامل في غد افضل، تبرره السلطة باستمرار الحرب. تصرف الدولة ما يقارب 70 مليار شيكل في السنة الواحدة على ميزانية الامن، بدلا من استثمار هذه الأموال في التعليم، الصحّة والرفاه الاجتماعي.
من أجل الربح المادي، وراء الكواليس، إسرائيل تبيع أسلحة متطورة لأنظمة الطغيان مثل اذربيجان، جنوب السودان ورواندا، والرجعيّة الهنديّة التي تقمع حركة المقاومة التابعة للفلاحين – في السنوات الأخيرة ما يقارب ال 49% من تجارة السلاح الاسرائيليّة هي مع الهند.
الخدمة العسكريّة، بسبب الدور القمعي للجيش، تنتج حاجزًا بيننا وبين أكثر الأمور اخافة للطبقة الحاكمة: شراكة بين العاملين اليهود والعرب في النضال ضد حيتان المال، سلطة المال والقمع القومي، لأنه فقط في الشراكة، التضامن مع الجماهير العربيّة وفئات مستضعفة أخرى مثل الأثيوبيين، الروس والشرقيين، من الممكن بناء غد افضل بدون استغلال، قمع وحروبات.
**الرفيق رومان ليفين يتوجه غدًا الاثنين الى القاعدة العسكرية التي خدم فيها ليعلن رفضه مواصلة خدمة الاحتلال.
إضافة تعقيب