// يوسف فرح
أمعنت النظر في الخارطة السياسية العربية الحزبية ملياً، بصفتي مهتماً بوجع الرأس العربي هنا وهناك. وخضت في مجاله كثيراً. ولطالما كتبت في ذلك، جادّاً حيناً، مازحاً احياناً. ثم القيت نظرة على نفسي،متفحصاً ذاتي. طول، ما شاء الله، بعض ملاحةيوشك التقادم على الذهاب بها, ابتسامة لا تفارق شفتي، وفوق ذلك كله لدي الوقت الكافي بل فائض منه، فلماذا لا احاول؟! وماذا ينقصني؟!
لي ماض لا بأس به, والناس يحيونني ويقابلونني بصدور رحبة وأحضان واسعة وتحيات كزخ المطر. ليس في سخنين فقط, بل في كوكب ابو الهيجاء, حيث بدأت مسيرتي التعليمية هناك.. وفي دير حنا حيث أفنيت في مدارسها ربع قرن كاملا. ولدي في عرابة وعبلين والمغار, من الأخوال ما يدعم فكرتي. باختصار لي شعبية لا باس بها، فلماذا لا اجرب حظي!!
وبما ان الديمقراطية معششة في جوانحي كأنها رفيقة للانزلاق الغضروفي في ظهري، فقد ارتأيت ادخال الاخرين في الصورة، ولأبدأ بالمقربين.
عقدنا اجتماعاً اولياً انا وابنة عمي، خرجنا منه باجماع الاصوات وترشيحي للكنيست الحادية والعشرين. ثم وسّعت الدائرة، فجاء الاقارب والانسباء الى اجتماع مغلق, حيث عرضت عليهم برنامجي الانتخابي، الذي "حوّشت" بنوده من برنامج الجبهة وممن نسخ عنها من الاخرين!
خلال الاجتماع سالني احد الابناء: مع اي حزب ستخوض المعركة؟
يا حبيبي- قلت له- الازدحام في كل الاحزاب خانق، ولا اريد ان اثقل على احدها. انا افكر في خوض المعركة مستقلاَ.
ابتسم "ابو نسيب" والتفت الى عديله هامساَ: انه، مشيراَ اليّ، يعرف اننا قاحطان ومن يدخل بيتنا لصاَ، يخرج مكسور الخاطر!
لقطتها "عالطاير"، فانبريت اطمئنهم: حين نشكل القائمة الجديدة، نكون قد لفتنا نظر القوائم والاحزاب الاخرى، فاذا بهم يتهافتون علينا خاطبين ودّنا، وكل شيء بثمن كما تعلمون.
قاطع حماستي احدهم: نسينا شيئاً هاماً يا عم!
صمتوا كان على رؤوسهم الطير، وقطعوا الانفاس في انتظار سماع الاسم الجديد. أخذت نفساً طويلاً, الاسم سيكون "الطريق الاقصر الى الحضيض".
رفع اجرأ الابناء اصبعه طالباً الكلام، فاذنت له، واذا بوقاحته تتجاوز الخطوط الحمراء وتنسف كل احلامي واوهامي.
شردت طويلاً...عدت بالذاكرة الى ذات قعدة له مع اصدقائه الذين جاءوا يطلبون منه التصويت لقائمة عائلية، فكان رده: حتى لو كان والدي مرشحاً في قائمة اخرى غير الجبهة، لما تركت الجبهة.
فما كان مني، وقد تبادرت الى ذهني تلك الصورة، الا ان لملمت كل اوراقي التي جهدت في اعدادها. قبضت عليها بكلتا يدي،وكما فعل نواب المشتركة –حين كانت مشتركة- ونزلت فيها تمزيقاً وتنتيفاً.
كان شعبنا يتخذ من فرقتنا ذريعة للتصويت للاحزاب الصهيونية، فما عساه يكون موقفه وهو يرانا نتشتت من جديد ونهدم ما بنيناه بعد اربعة اعوام فقط!! أهذه حدود صمودنا أربع سنوات ليس أكثر؟!
عيب والله وآن ان تخجلوا، واذا لم تفعلوا فكفوا على الاقل عن لوم الاخرين على تشرذمهم (فتح وحماس) ازاء احتلال رابخ على صدور الجميع منذ أكثر من نصف قرن! اليس من الأكرم ان تحتفظوا بنصائحكم لأنفسكم؟
لا تبيعونا بمقعد برلماني وراتب وسيارة فاخرة. كل ذلك خردة فانية, لا تبيعوا القضية، اقدس القضايا بصاع عدس...
إضافة تعقيب