في الساعات الاولى من فجر اليوم 11/2/2018 كان الرمق الاخير في حياة رفيقنا العزيز الراحل الباقي محمد فضل حسان ( ابو شرف ) حيث صعدت روحه الطاهرة الى السماء، فعم الحزن والأسى وظهرا بشكل واضح على وجوه الناس، في هذه الحالة من الصعب على الانسان ان يجد الكلمات المعبرة التي تصف شعوره تجاه هذا الحدث فيلجأ الى الصمت الثقيل الناطق، وهذا أحد أشكال التعابير الصادقة في مثل هذه الحالات.
أبو شرف شخصية وطنية كريمة شيوعي أصيل وصلب أحب هذا الحزب حتى النخاع ودافع عن مواقفه وسياسته باستماته عن فهم وادراك، شارك في معارك شعبنا ولم يتوقف نضاله في هذا فقط بل ناضل وكدح في سبيل مساعدة أهله، كونه الابن الاكبر لعائلته من أجل توفير لقمة العيش بكرامة واحترام، خاصة في زمن الحكم العسكري ونظام التصاريح البغيض، وكان ينتزع حقه برأس مرفوع وهامة منتصبة وباحترام.
ولد أبو شرف في الدامون سنة 1939 واستقر الى جانب عشرات العائلات المهجرة من القرى المجاوره في طمرة حيث استقبلهم أهالي هذا البلد الطيب الكرماء برحابة صدر وتقاسموا البيوت ورغيف الخبز وشربة الماء، وعاشوا سوية باحترام متبادل، بالرغم من مرارة التهجير، ودائما كان يذكر هذا الفضل الذي لم ينسه أبدا في مناسبات كثيرة.
أبو شرف رفيقي وجاري العزيز صديقي وأخي الأعز عشت معه سنين طويلة، ملآى وزاخرة بالأيام الجميلة خاصة السهرات مع الاصدقاء عندما نجتمع سوية في ديوانه العامر، فكان الضحك واللعب والجد والحب والنقاش، نختلف في كثير من الاجتماعيات على اختلاف انواعها، وكل هذا ينتهي باحترام متبادل، ولا انسى رواد الديوان حيث كنا نلعب الورق (الشدة) ونحن في قمة سرورنا وسعادتنا، ولهذا الديوان تاريخ زاخر يحكي عن نفسه بصمت خاصة بعد الرحيل.
كان المرحوم برغم مرضه صاحب معنويات عالية، يبتسم ويضحك ويشاركنا الحديث ويكبت آلامه امام زواره صبورا وجبارا يشجعنا نحن الاصحاء لنستمر في حياتنا ويقول: من لا يؤمن بالموت لا يؤمن بالحياة، ولا مفر من الموت ويضيف قائلا: المرض والشدة لا تميت مهما بلغت قوتها وألمها ولا يمكن للإنسان ان يخسر ثانية واحدة من عمره في كل الحالات.
كان يعمل لحياته وللناس وكأنه سيعيش أبدا ويعمل لآخرته وكأنه سيموت غدا، يعطي بيده اليمنى دون علم ليده اليسرى، وهذا ما تبين من كلام المعزين الذين فاجأونا بأعماله الخيرية حتى دون علم من أهل بيته.
فقدانه خسارة لكل الشيوعيين والجبهويين ولكل قوى الخير ولقوى السلام في اسرائيل، "فقيد طمرة" هكذا أسماه المعزون والمؤبنون من مختلف شرائح هذه المدينة الطيبة، السياسية الاجتماعية على اختلاف انتمائهم الفكري، حقا استحق هذا اللقب برصيد مليء بالأعمال الخيرية.
ولا ننسى شريكة حياته الحاجة "ام شرف" التي كانت سندا قويا له ولأسرتها، بعملها الدؤوب وجهدها وتضحيتها لهذا البيت العامر وابنائها الثلاثة، شرف، واحمد وبلال، ونتمنى للجميع الصحة والعافية والعمر المديد خاصة لعمود البيت ام شرف.
عزيزنا ابا شرف: لم ولن ننساك فانت شجرة باسقة دائمة الخضرة والثمر، ثمرها كرامة، ووفاء واخلاص، انتماء، عطاء، تواضع، صدق وأمانة واستقامة، نقاء وصفاء.
أنت حي في موتك انت معنا في عقولنا وقلوبنا نم قرير العين لم ولن ننساك ابدا ذكراك عطرة حية يتجدد عبيرها دائما، رحمك الله.
إضافة تعقيب