news-details

بغياب مفاوضات: الاتجاه دولة واحدة

*طالما لا تريد اسرائيل والفلسطينيون فلن تكون بينهم تسوية على اساس تقسيم البلاد. غير أن تجميد الوضع يزيل عن الطريق رويدا رويدا كل عائق في الطريق الى دولة واحدة. اذا لم نسارع ونجري انعطافة سياسية حادة، فخوفي هو ان نصل الى نقطة اللا عودة، بعدها لا يعود تقسيم البلاد واردا*

 

في هذه الايام من فشل الاتصالات الائتلافية يمكن أن نجد وجه شبه كبير بين المفاوضات التي يخوضها أزرق أبيض مع الليكود وبين مفاوضات اسرائيل والفلسطينيين: في الحالتين لا يصلون الى أي مكان. عمليا، حالتا المفاوضات هاتان تدلان على انه يكفي أن يكون أحد الطرفين ليس معنيا بالصفقة فلا تتحقق ابدا، فما بالك عندما يكون الطرفان غير معنيين بها. بالمقابل اذا كان الطرفان معنيين بإنهاء الصفقة، فدوما سيوجد السبيل للوصول الى اتفاق.

ان الاساس لفهم رفض الفلسطينيين لكل تسوية منذ عشرات السنين هو معرفة أنهم غير معنيين بدولة أراضيها غزة ويهودا والسامرة. فهم يرون في كل بلاد اسرائيل بلادهم ووطنهم – هكذا كان في الـ 150 سنة الاخيرة وهكذا هو الحال اليوم. بداية اعتقدوا انه يمكن تصفية اليهود، وبعد ذلك املوا بإعادتهم الى بلدانهم الاصلية، ولكن هذا الوهم تبدد.

وفي ظل انعدام البديل، تخلى الفلسطينيون عن الفكرة للتخلص منا، ولكنهم لم يتوقفوا باي شكل عن الايمان بان بلاد اسرائيل هي بلادهم وطنهم. العكس هو الصحيح: كلما ازدهرت اسرائيل، أخذت شهيتهم وطموحهم لان يكونوا جزءا منها بالتعاظم. عمليا، أخذ الفلسطينيون فكرة "الحائط الحديدي" التي وضعها جابوتنسكي وتبناها بن غوريون، وبموجبها فان دولة اسرائيل، رغم أنها ستواصل التعرض للضربات، الا انها ستثبت قوتها وتردع اعدائها الى أن يضطروا للتسليم بوجود الدولة اليهودية، فجعلوها نهجهم. نحن نواصل ضرب الحائط الحديدي الفلسطيني الى أن تضطر لان تستوعب بانهم هم ايضا جزء لا يتجزأ من بلاد اسرائيل الكاملة.

كان في اوساط الفلسطينيين ايضا من ارادوا دولة مستقلة، كان ميلهم لان يوافقوا على دولة في حدود غزة ويهودا والسامرة. ولكن اغلبية الفلسطينيين، ولا سيما زعماؤهم، رأوا في هذه الامكانية هزيمة لا يقبلها العقل. وإذ رأوا ما هو معنى الدولة الصغيرة، المحدودة، المجردة من السلاح والمحاصرة، فقد فهموا انه من غير المعقول الموافقة على مثل هذه التسوية، وبالتأكيد ليس عندما تكون لا تزال في الخلفية مطالبتهم بحق عودة اللاجئين الذين يصل عددهم، حسب تقديراتهم، الى نحو 4.5 مليون نسمة.

وعليه، فالفلسطينيون غير معنيين بدولة في حدود غزة ويهودا والسامرة، بل بالحرية الوطنية. من اليوم الذي يئسوا فيه من الحاق الهزيمة بنا، وسلموا بفكرة انه لا يمكن طردنا من البلاد، لم تتبقى لهم سوى امكانية واحدة: التمثل في داخلنا. ارادتهم هي ان يكونوا جزءا من دولة اسرائيل، حين لا يبدو ان شيئا يتغير: الاسرائيليون يوسعون تواجدهم في يهودا والسامرة، الفلسطينيون يبقون في اماكنهم، وفي نهاية المطاف يختلط السكان بعضهم ببعض، ومع السنين سيندمجون بعضهم ببعض ايضا.

من ناحية الفلسطينيين، فقد مهدت التربة لذلك. في اسرائيل يعيش منذ اليوم بمكانة مواطنة كاملة 2 مليون فلسطيني، وفي يهودا والسامرة 2.5 مليون، منهم 300 ألف في القدس فقط، وفي غزة 2 مليون آخرون. عددهم الكامل يشبه عدد اليهود الذين يعيشون بين النهر والبحر. كل الجماعات السكانية الفلسطينية موحدة تحت دين واحد، باستثناء عدد قليل من المسيحيين، وقومية واحدة، وهم يرون أنفسهم شعبا واحدا، تجمعا اهليا واحدا، بل وحتى عائلة واحدة.

فلماذا سيوافقون على مد خط يغلق عليهم في داخل ارض حجمها 5.8 ألف كيلو متر مربع، بدلا من أن يكونوا جزءا من دولة اسرائيل التي تبلغ مساحتها الاجمالية نحو 25 ألف كيلو متر مربع؟ المشكلة هي اننا، نحن اليهود في اسرائيل، نسرع ونقرب تحقق هذا الحلم: نحن نقترب من تجسد حلم بلاد اسرائيل الكاملة – من ناحية جغرافية – وهكذا نساعد الفلسطينيين على تحقيق حلمهم في ان يكونوا مواطني كل البلاد.

طالما لا يريد أزرق أبيض والليكود- فانهم لن يجلسوا معا في حكومة. طالما لا تريد اسرائيل والفلسطينيون فلن تكون بينهم تسوية على اساس تقسيم البلاد. غير أن تجميد الوضع يزيل عن الطريق رويدا رويدا كل عائق في الطريق الى دولة واحدة. اذا لم نسارع ونجري إنعطافة سياسية حادة، فخوفي هو ان نصل الى نقطة اللا عودة، بعدها لا يعود تقسيم البلاد واردا.

 

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب