القراءة سياحة في الكتب. تختلف هذه السياحة عن رحلة يزور فيها احدنا أمكنة يكتنفُها عبقُ التاريخ وشواهد الحضارة.
في سياحتنا على تنوعها نعود لنتحدث عن مشاهد قرأناها بعيوننا وربما ايضا بأقدامنا.
في سفرنا على صفحات الاسفار نعانق كلاما يُدغدغُ مشاعرنا ونصقل ما نريده اثراء لأفكارنا المحكية والمكتوبة على حد سواء.
في محراب القراءة أقدم للقراء الاعزاء بعض ما أنعش افكاري ابان تجوالي مع لغة الضاد وما أعرف من لغات.
1) يُحكى أن الفرنسيين شعب غير مضياف - شعب يُؤثر البُخل على قِرى الضيف: يُقال انه لأسهل ان تدخل غرفة نوم سيدة فرنسية من أن تدخل مطبخها أو غرفة طعامها.
2) في آداب المائدة عند الشراب وتناول الطعام لا يليق بنا الا نفعل ذلك بهدوء تام دون احداث أي صوت فالارتشاف والمضغ أو اللوك يتمان ببالغ السكون! أما في اليابان وخاصة عند احتساء السخين اي الحساء عليك أن تُصحب ذلك بصوت مسموع تعزفُهُ شفتاك ولسانك تعبيرا عن الاحترام والتقدير لمضيفتك سيدة البيت صانعة الحساء! ان لم تعزف معزوفة التقدير هذه ستكون في نظر المُضيفة مغفلا يفتقر الى الآداب!
3) عندما دنت نهاية حُكم فاروق وشعر ان عرشهُ يتهاوى قال:
"في غضون نصف قرن سيبقى في عالمنا ملوك خمسة فقط: السباتي والديناري والكبة والبستوني وملك بريطانيا"! من حديث عاهل مصر تفوح روائح حبّه للميسر اضافة الى صواب التنبؤ! الملكية بشكلها المعروف نظام استبدادي وانفرادية وقمع وتنكيل يوم نقارنها بالنظم الديمقراطية الجمهورية.
4) في دراسة بحثية جامعية اعددتها عن "ترجمة الشعر" استشهدت بكلام رائع من ابداع الشاعر الروسي يفتشنكو: "مثلُ القصيدة في يد المُترجم مثل الفراشة في كف الانسان فهو ما أن يلمسها حتى يتطاير غُبار الالوان فلا تستطيع التحليق ثانية في السماء."
عندما سألت البرفيسور ساسون سوميخ من جامعة تل ابيب عن ترجمة الشعر قال طيب الله ثراه: القصيدة في اصلها هي وجنة الحبيبة التي نُقبلها.. عندما نترجمها نكون كذلك العاشق الذي يُغطي خد الحبيبة بمنديل ليطبع فوقه قبلة يعوزها الدفء والحرارة.
شتان ما بين نسخ الأصل والاستنساخ!
إضافة تعقيب