news-details

في الفاتح من أيلول: رسالة لمعلمينا| سهيل عطاالله

 

جاءني مضمون هذه الرسالة في شهر تموز الماضي.. ذهبتُ مع ابني لمدرسة حفيدتي لحضور تخرّجها من الثانوية.

كم سعدتُ وأنا اُتابع برنامج الحفل من بدايته حتّى نهايته كوني معلّمًا متقاعدًا منذ عشرات السنين بعد أربعة عقود ونصف، أعادني الاحتفال لأيّام الشباب والكهولة ومشارف الشيخوخة.. أيّاما قضيتها هانئا برعاية أبناء وبنات شعبي مع زملائي وزميلاتي المربّين والمربيات.

كم سعدت متابعًا دخول الآباء والأمهات باحة الاحتفال! كنت اقرأ الفرح في عيونهم، أما أنا فكان اغتباطي لإدراكي أن أهل الخريجين قد وضعوا العِلم وعشق المعرفة على سلالم أولوياتهم.

العِلم والمعرفة فضيلتان تضيئان السبل أمام أولادنا ناشدين لهم الحاضر والمستقبل النيّرين.

كلمات جميلة فاضت من دلاء عريف الاحتفال ومن كوكبة المتحدّثين.. كلمات بيان يعتمر بيانا.. كلمات تثلج الصدر وتخطف الأذهان والأسماع.

لأسفي لم يتسن لصدري استمرار الاغتباط، لقد شوّش خفقانه ما رأته عيناي!! رأيت الكثيرين من الجالسين بجانبي وأمامي يحملون باقات من الورد إضافة إلى آخرين يحملون علبًا مخملية حمراء وخضراء.. علمت أنّها جاءت من حوانيت المجوهرات.. حملوها لتقديمها لأولادهم الخريجين!! في نهاية الاحتفال تقدم الأهلون بورودهم وسلاسل الذهب والأساور والخواتم ليزينوا بها سواعد وأنامل وأعناق أولادهم من ذكور وإناث!! أما أنا فلم أحمل ذهبًا ومثلي كان أحد جيراني الجالس على مقربة مني!!

أعرف أن ابن الجيران كان خريجًا متفوقًا لأب يرعى أسرة طيبة مستورة.. رفعت يدي لتحية جاري هذا ورأيت دموعًا تترقرق في عينيه.. شعرت انها ليس دموع فرح فقلت له: صحيح يا أطيب الجيران أنك لا تحمل هدية من ذهب لكنك قدمت لوطنك خير الهدايا وهي ذريتك الخيّرة الطيبة!!

هذا الواقع الذي عشته في حفلة التخريج يجعلني اليوم أهيب بأهلنا ألا يربوا أولادهم على البذخ وسوء التبذير.. علينا أنْ نربّي أولادنا على التواضع نائين عن المظاهر البراقة الزائفة..

يا حبذا لو انشأنا أولادنا وتحديدًا طلابنا على فضيلة التواضع ومحاربة التبذير والبذخ فليس كل ما يلمع ذهبًا.

اُناشد معلمي أولادنا أن يرشدوا تلاميذهم على اعتناق التواضع ومحاسن التدبير.. علموهم النفور من التكبّر والاستعلاء!

التواضع فضيلة الفضائل..

بشّروا ولا تنفّروا..

علّموا أولادنا النأي عن الاستعلاء..

فلا يتكبر إلّا كلّ وضيع ولا يتواضع إلّا كلّ رفيع.

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب