news-details

هذه ليست حرب المسيانيين وأتباع نتنياهو، بل يتحمل مسؤوليتها الـ"مركز-يسار" العلماني | يغيل ليفي


استدعت ذكرى مرور عام على 7 أكتوبر تأملات نقدية من قبل القبيلة البيضاء العلمانية بشأن الحرب. وما برز في هذا التأمل النقدي هو القلق من أن المسيانية المتطرفة تسيطر على  السياسة الإسرائيلية. ووفقاً لهذا التصور فإن إسرائيل تندفع إلى حرب إقليمية تحت رعاية الأقلية اليمينية المتطرفة في الحكومة، التي تكمن قوتها في التحالف الذي عقدته مع أتباع نتنياهو، التحالف الذي يحافظ على حكم نتنياهو. ووفق التصور، تسعى الأقلية المسيانية الاستيطانية هذه، إلى ضم غزة، وتجديد المشروع الاستيطاني هناك، وضم الضفة الغربية، وحتى بناء الهيكل.

في الحقيقة إن هذه المخاوف ليست بلا أساس، ولكن الصورة أكثر تعقيدا بكثير من ذلك. ونظراً لإيجاز المقال، سأقتصر على الادعاء بأن الطريقة التي تدير بها إسرائيل هذه الحرب، لا تختلف جوهرياً عن الطريقة التي أدارت بها حروبها في الماضي. إن النزعة العسكرية العلمانية والعقلانية وغير المسيانية تهيمن على سياسة الدولة اليوم، أكثر من أي وقت مضى.

فرق سلاح الجو والمخابرات ومُستخدمي برامج الذكاء الاصطناعي الحربية، مثل "هبشورا" و"لافندر"، ليسوا مسيانيين، وبالتأكيد وليسوا من أتباع نتنياهو. ومن الناحية الاجتماعية فهم جزء من النواة الصلبة للـ"مركز-يسار". لكنهم أيضاً المسؤولون عن القتل غير المسبوق للمدنيين في غزة، في الأسابيع الأولى من الحرب. وأظهر بعضهم بشكل واضح حماساً للقتل، ورغبة في الانتقام، كما كشفت التحقيقات الصحفية.

إن الرغبة الجامحة في الانتقام ليست حكراً على الصهيونية الدينية أو اليهود الشرقيين. إن أهداف الحرب، غير الواقعية والمنفصلة عن أي منطق سياسي، لكن الخالية من الشحنة المسيانية، كانت موضع ترحيب شديد من قِبَل المركز-يسار، وأيضاً من قِبَل مثقفيه، الذين  انقادوا مشلولين خلف شعار الحرب المعلن، "القضاء على حماس". فلماذا يشتكون الآن عندما يقود بنيامين نتنياهو الجيش بشكل منهجي لتحقيق هذا الهدف المعلن، حتى لو كان ذلك يعني حربا لا نهاية لها؟

وكما تثبت المقالات التي تنشرها، أيضًا الصحافة المكتوبة والإلكترونية، التي خضعت بشكل أعمى لما تم تعريفه بأهداف الحرب، وحرصت على تجاهل أبعاد القتل والدمار على الجانب الآخر، ليست مسيانية متطرفة. وحتى المؤسسات الليبرالية بوضوح، التي تتجنب ذكر المعاناة في غزة، لا تتصرف من منطلق مسياني. الجنرال غيورا آيلاند، أحد أهم مصادر الشرعية للحرب، لا ينتمي إلى الجمهور المسياني. من المؤكد أن خطته لتشديد الحصار على غزة لم تكن تهدف إلى تمهيد الطريق للعودة إلى الاستيطان في "غوش قطيف". إنه يمثل تيارًا مهمًا في النزعة العسكرية العلمانية الإسرائيلية. صحيح أن المسيانية في الضفة الغربية تسببت بتصعيد العنف ضد الفلسطينيين، لكن هذا العنف في الضفة ليس سوى صعود خطوة أخرى الى الأعلى، من عتبة ليست منخفضة أصلا، تم إرساؤها في السنوات، التي كان فيها سموتريش وبن غفير بعيدان جدًا عن أي منصب حكومي.

ولم يكونوا مسيانيين أيضاً أولئك الذين شجعوا التصعيد في لبنان، ولم يطالبوا لحظة واحدة بالتوقف، ودراسة عواقب هذا التصعيد. إن مفهوم الضربة العسكرية المنفصلة عن المنطق السياسي هو جزء من الحمض النووي للمفهوم الأمني ​​الإسرائيلي، الذي بموجبه القدرة العسكرية هي التي تقود العمل العسكري وليس المنطق السياسي. هذا التصعيد قاده الجيش دون ضغوط من الحكومة اليمينية. إن الحماس للقدرات التكنولوجية العسكرية المثيرة للإعجاب لدى الجيش له بعد عقائدي، لكنه ليس مسيانيًا. هل يائير لبيد ويائير غولان، اللذين تنافسا فيما بينهما حول معارضة وقف إطلاق النار، مسيانون أو من أتباع نتنياهو؟ أيضا المطالبون بالانتقام من إيران هم ليسوا مسيانيون.

هذه الحرب ليست مسيانية، كما أنها ليست مدفوعة فقط باحتياجات نتنياهو السياسية. وهي متجذرة بعمق في الثقافة السياسية الإسرائيلية العلمانية، رغم أنها أصبحت أكثر تطرفًا بعد 7 أكتوبر. في حالة من اليأس، تجري القبيلة العلمانية البيضاء مراسم تطهير للتخلص من المسؤولية عن النتائج الأخلاقية والاستراتيجية للحرب. ولكنها يجب أن تحاسب نفسها هي عن الدم الذي سفك، والذي سوف يُسفك أيضًا.

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب