news-details

هكذا انهزم حزب العمل مقابل نفسه

راجعت عدّة استطلاعات رأي علميّة، ويظهر أن أكثرية سكان شمال تل-ابيب يميلون إلى التصويت ضد بيبي ومع چانتس-لپيد والجنرالات. أقصد تلك المناطق المدرجّة على أعلى السلم الإقتصادي الإجتماعي. هذه التقسيمة ليست جديدة بل قديمة. هل تذكرون خطاب ال-تشختشخيم؟!

ثلاثة أيامٍ قبل انتخاب الكنيست العشرين في مهرجان المعراخ التلخيصي، عندما افتتح دودو طوپاز خطابه عبر البث المباشر قائلا "كم أنا مسرور برؤية هذا الحشد، وكم أنا مسرور عندما أرى أنه لا يوجد هنا تشختشخيم (צ'חצ'חים) يهاجمون الإجتماعات الانتخابية... ال-تشختشخيم في ميتسودات زئيف، بالكاد يفكّون الحرف، هذا إن ذهبوا إلى المدرسة أصلا. أمّا هنا يوجد جنود وقادة وحدات قتالية".  يومها كانت المؤسسة الإعلامية لا تزال ملكا لذلك الحزب الذي يدّعي أنه يساري! حيث قام بالتسويق لثلاث: العسكرة، التراتب الطبقي والإستعلاء العرقي لدى القادمين من أوروپا، فعزّز خطابا يضع قيادات العسكر مقابل المدنيين، والغربيين مقابل الشرقيين، والبرجوازيين مقابل العمال والموظفين.

هذه النفسيّة العالقة في عمق الصهيونية جارفة وقادرة على إلغاء أي قوّة تحاول الخروج عن النمطية في الشارع اليهودي والمثال الأكبر هو حزب العمل المهزوم داخل المعادلة الصهيونية لأتفه الأسباب، والذي بات بالكاد يجد مكانا له في الكنيست فقط لأنّه طرح مرشحا صهيونيا وخبيرا ومديرا وكل شئ لكن غير عسكري وأيضا شرقي!

لن أتسرّع كتلك الجماعة "إيّاها" لأقول أن الأيديولوجيا سقطت مقابل نجومية چانتس-لپيد، أوّلا لأن (نجوميّة) بيني چانتس مرتبطة بالمؤسسة العسكرية الإسرائيليّة هذه التي تشكّل الآلة  الأهم لصقل شخصيّة القائد اليهودي الصهيوني. ثانيا، لأن الصهيونيّة وحدة أيديولوجية واحدة وحالة خاصة يمينيّة من الأساس كونها تقدّس حق اليهود، فما يحدث لحزب العمل لا يتعدّى حدود صراعٍ بين الصهيونيّة كفكرة عرقيّة من جذرها وبين مجموعة قيم يساريّة تكوّنت بواسطة مبادرات أخلاقية محدودة الضمان هنا أو هناك، فرديّة أو جماعية على مدار العقود، أهمّها كان سعي حكومة رابين إلى "السلام" مطلع التسعينات.

تتعددّ الأسباب والنتيجة واحدة، تفوّق  خطاب (العسكرة والتراتب الطبقي والعنصرية). أي خسارة اليسار الصهيوني مقابل نفسه. أقصد انهزامه لصالح قائد أشكنازي أبيض جاء ومعه مجموعة من الجنرالات يشبهون بمفهوم ما قيادة المپاي التاريخيّة. هكذا الصهيونيّة، يمينيّة عنصرية، طبقية، عسكرية وتسحق كل من يفكّر ولو تفكيرا بالتغريد خارج "التابوهات" التي قد تكون في كثير من الأحيان هي الضمان لاستمرار الحالة القائمة.

\\\قرّبت..

بعد خسارة حزب العمل في الشارع اليهودي، بات يتوسّل لكسب أصواتٍ من المجتمع العربي، من أولئك الذين أرادهم بن چوريون ذات مرة "حطّابين وسقاة ماء" أي من خارج المساحة الصهيونية. هذا ما يظهر عبر حملته الإعلامية. طبعا نحن في الجبهة "لا نراه عن سانتي متر واحد". وأنا شخصيا واثق من شعبنا البطل ومن كوادر الجبهة ومن حليفتها "التغيير" في كل مكان، وكما يقول لي الرفاق في اجتماعات الأحياء (مبكيلنها بالخيط والإبرة). لكنني أطمع لأكثر من ذلك، أطمح لتحقيق شئ شخصي أنتظره منذ سن الثامنة، عندها كنت أشجّع الجبهة تشجيعا فقط وضمن الإلتزام لقرار العائلة، "فانقهرت" كيف فاز حزب العمل بالإنتخابات مع ثلاثة وثلاثين مقعدا والجبهة انهت مع ثلاثة مقاعد فقط. أمّا اليوم ولم أعد صبيا، وقد بلغت الرشد، وصرت جبهويا بعد تعمّق وعن اقتناع، أحمل معي ذلك التفصيل من سذاجة الطفولة وأنتظر بتوق لحظة تفوّق الجبهة على حزب العمل للمرّة الأولى في التاريخ... هذا ممكن حسب الإستطلاعات ويحمل دلالات واسعة في صلبها ثبات اليسار الحقيقي وانسحاق اليسار الصهيوني .. قرّبت..

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب