الثقافة تعني الكثير وخاصة العمل في الشيء وتحسينه، وهي ليست شيئا يتم بالقراءة وحدها، فلحياة الشخص وتربيته والظروف التي يعيش فيها وصقله دائما بالافكار المبدعة الجميلة ونهله من مكارم الاخلاق واولها صدق اللسان ورفده دائما بالكلام البناء معمر القلوب ومنعش النفوس واستعداده الدائم لاعمال الخير والفضائل وادابه وطيبة قلبه وحسن سلوكه، علاقة لا تنفصم عراها بالثقافة الجميلة المعمرة وليست المدمرة، وللتهذيب والآداب الخلقية دور هام فمن سعى دائما لاعمال الخير اصابه الخير وعلى الانسان ان يزيد ثقافته يوميا ليكون اوسع علما واجمل تهذيبا فعندما نربي الاطفال على اللعب ونهل الجماليات في الاوقات المناسبة وان لا يشطوا في ذلك ولكن بشكل لا يؤثر ذلك على دراستهم وتعلمهم لانهما الاهم ولا تحتمل من صاحبها اللهو دائما، وان قرابة الروح والدم ليست اقل من قرابة الدم مع ان قرابة الدم هي شاملة لكل الاحياء على وجه الكرة الارضية فما فرق بين الناس جميعهم وبكل لغاتهم الا الاديان.
فقرابة الارواح الاممية وثقافتها الانسانية ترفع الانسان عاليا وتعطيه الاجنحة واهمها الصدق المخلص نحوها، فما يجلب الكرامة الدائمة والحفاظ عليها مبرعمة مزهرة فالارض تهدينا الجمال والبهاء والسناء والزهر والماء والغذاء والعبير الشذي الطيب المنعش افليس من العار ان نسيء اليها ونضربها بالمدافع والصواريخ وجعلها انقاضا لا طائل منها وندمرها، اليس الافضل ان نتعب ونكد ونشقى في الارض ونحرث ونزرع ونحصد ونعمر السناسل ونسمق المباني السكنية ونكفل تموج السنابل في الحقول بدلا من الرد بالسوء والشرور والهدم والقتل فالى متى يبقى الاطفال والعمال والفقراء والناس اجمعين قوت نهب المدافع والنهب والاستغلال والارق على الغد والحياة عموما الى متى تبقى السجون تعج بالناس طالما هم زبائن المدافع والقنابل وفي النهاية لا يصح الا الصحيح الذي هو وبكل وضوح الثقافة الاممية الانسانية العابقة بأطيب الكلام الهادف الى تجميع كل البشرية كأسرة واحدة تتنافس على الابداع والعطاء المثمر المجمل للعقول وللنفوس والمشاعر والسلوكيات فالانسان يولد ويموت وبين الموت والولادة يسعى ليعيش فيناضل ويتعب ويكد ويشقى لتوفير احتياجاته الضرورية لاستمرارية حياته على الارض، وهو يحسد ويبغض ويحب ويكره ويطمع وهناك من يعمل جاهدا لتحويل الحقد الى محبة دائمة وصادقة نظيفة من بثور ودمامل الغايات والثعلبة والطبطبة على الظهور ويعمل صادقا لتحويل كل عقم الى خصب وكل قذارة الى طهارة.
ويطرح السؤال : هل من الممكن ان تتحول الحياة كلها الى حياة موحدة الغاية والارادة وايمانها بالصالحات الدائمة من الاعمال في هدف الانسان الاسمى والاجمل والاعلى وهل اعماله تكون كلها زيت للمحبة التي لا تنضب وان يده لا تنزل السوء والاذى بأي حي فنشوب الحروب هو بمثابة هزيمة للانسانية البشرية وبمثابة وصمة عار في ضميرها فمتى تصل الى القناعة التي تغمر وتفيض في كل الافكار والنفوس والمشاعر ونبضات القلوب، بضرورة تحويل الارض كلها الى جنة للجميع ملموسة وليست موهومة ومعيشة وليست متخيلة ففي الارض ثروات تكفي كل من عليها، لكن السوء يكمن في توزيعها واستئثار الاقوى بكميات يفضل الالقاء بها على الدمن ودفنها في البحار بينما الملايين يموتون جوعا، وهناك من يسعى وراء الخلاص من غير ابوابه متجاهلا قول : لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم فهو يغير في الارض من تخوم ومعالم ويشيد ويدمر ويبني ويهدم والقوي يقاتل ويسفك الدماء ليبقى مسيطرا نهابا لصا فهل ذلك السلوك يضمن السعادة والاستقرار والاطمئنان والامن والامان وراحة البال ويقدم الوضع العالمي في كل الدول البرهان على مدى جشع ونهج الانسان السلبي السيئ، فالحرب ليست تلك التي يجري فيها استعمال المدافع والبنادق والقنابل وزرع الالغام واسالة الدماء الحمراء فقط.
فالمطلوب من كل واحد يهمه بقاء المناظر الطبيعية خلابة وجميلة وفاتنة ان يشن ويساهم في شن الحرب العادلة المطلوبة والمتجسدة بالحرب الكلامية لزرع الانسانية الجميلة بالكلام لتغيير الواقع التعيس والاليم للاغلبية البشرية وهذه الحرب الثقافية الجميلة موجودة فقط في الاممية التي لا بد وان تشمل كل البشر في يوم قادم لا محالة لانه حتمي وما علينا الا العمل الجاد والسعي الجاد والصادق لتقريب مجيئه واشراقه على الجميع وقد قيل: خير الدواء هو ان تهتدي الى باعث الداء فتتلافاه وهل يليق بانسان ان يطبخ للناس ويطعمهم مما يرفض هو ان يذوقه؟ وهل يمكن شراء الشهد بالسم الزعاف؟ فهنا في اسرائيل على سبيل المثال يقولون وينتهجون سلوكيات من منطلق قول توكلت على العنصرية والحقد للعرب والحروب والبغضاء والقتل وسلب الارض ودوس الكرامات ومنعهم من العيش باحترام وكرامة، يقولون وبناء على سياستهم وسلوكياتهم واعمالهم وبرامجهم ونواياهم السيئة، توكلت على الدولار وتكديسه وعلى الشاقل وتعريمه كيفما جاء ومن اينما جاء وليس المهم ما دفعناه من اثمان بالدماء وعدم انجاز الامن والامان، فالمهم تكديس الدولارات وبالتالي العنصرية والاحقاد والضغائن والاستغلال والقمع والتنكيل والاستعداد اليومي الدائم للحروب ولتكثيف الاستيطان ودوام الاحتلال الشرعي.
فالامم المبدعة هي تلك التي دائما تثق انها موهوبة بينما الامم التي تزدري ذاتها وتقف وقفات الهوان والاذلال امام سواها فلن تبدع شيئا وهي بذلك تجني على نفسها. نعم اكرر لن تبدع اي شيء على الاطلاق وتقف وقفة الذل والهوان امام سواها من الامم فالواقع ينادي بكل قوة على الجماهير العربية في كل مكان كفوا عن الانحناء امام الغرب الوحشي ووحدوا صفوفكم وانهلوا من الثقافة الاممية الجميلة الضامنة بتذويتكم لها اخراجكم من جحور الظلام والجهالة والرسوب الى قمم الابداع والعطاء الجميل اعتمدوا على انفسكم، وابدعوا بدلا من التشبث بالعروش والانانيات فالله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.
إضافة تعقيب