من قال اننا لا نقدر المشاعر والاحاسيس تجاهنا؟ من قال انه لا يوجد في داخلنا أنهار من عسل الشكر والامتنان لكل من يقدم لنا شيئًا ؟ من قال أننا لا نشعر بالفرح حين تسقط سهوًا حادثة تزيل الغبار عن صورة كانت تحت الإقامة الجبرية في الذاكرة؟
عندما تتدلى عناقيد الذكريات لا يكون بوسعنا سوى عصر العناقيد ووضع عصيره في كؤوس من الحسرات والآهات على ماض ذهب ويحضر الآن على سجادة عابرة، ليست بساط الريح، بل بساط الألم الذي انتظر السنوات الطويلة للعودة إلى متسع الحكاية الفلسطينية.
ممثلة يهودية تدعى " ليؤور " تأتي الى بلدية الطيبة في المثلث وتقدم لرئيس البلدية سجادة و قمبازًا وبعض الأدوات المنزلية، وتعترف أن والدها الضابط العسكري الذي كان يعمل في منطقة حيفا وضواحيها وصفورية قد استولى عليهم – سرقهم - عام 1948، وتريد ارجاع هذه الحاجيات لاصحابها.
هذه المرأة اليهودية التي بلغت السبعين من العمر أخذت تفتش عن جهة لترجع هذه الأشياء المسروقة، فوجدت في متحف بلدية الطيبة المثلث العنوان لحفظ السجادة الفلسطينية والقمباز وبعض الأدوات المنزلية.
تصرُّف هذه المرأة قد يحمل جمالية اخلاقيات الانسان، لكن حين نقلب صفحة الوجع نكتشف مناجم من الألم والدموع والحسرات والآهات واللجوء والغربة والذل، نكتشف أن رحلة إعادة السجادة عبارة عن بطاقة بريدية نرسلها للذاكرة الفلسطينية التي ما زالت تنزف صورًا وأحداثاُ وحقًا ضائعًا، وتسأل بحسرة من يعيد البيوت التي استولى عليها اليهود إلى أصحابها، من يرجع الخطوات إلى شوارعها وأزقتها من يعيد البيادر وبيارات البرتقال، من يعيد السهول والوديان والجبال، من يعيد المراعي والأشجار والهواء وخوابي الزيت وجرار الماء المركونة على حوافي بئر الزمان.
الذين عاشوا نكبة عام 1948 رأوا بأم أعينهم عمليات السلب والسرقات ونهب البيوت والمزارع والحظائر، يعرفون أن البيوت الفلسطينية التي كانت عامرة في مدن يافا وعكا وحيفا تحولت إلى مراتع لشهوات العسكريين والناس الذين قدموا بكامل أناقة مخالبهم وأصابعهم العسكرية اللصوصية، وسرقت كل شيء. وقد سجل الكثير من الباحثين الأدباء والشعراء الفلسطينيين ظاهرة السرقة والاستيلاء على الأملاك الفلسطينية.
قامت المرأة " ليؤور " التي خضع ضميرها لغسيل وتأنيب بإرجاع السجادة والقمباز وبعض الأدوات المنزلية واعترفت انها لا تعرف من أين سرقهما والدها، لكن تعرف أنه يجب ارجاعهما لأصحابها.
ولكن في المقابل هناك الوجه الآخر لقادة " ليؤور " السياسيين والعسكريين الذين ما زالوا يستسلمون لشهوات السرقات وعنجهية التمادي في السلب، كأن هناك تفويضًا تاريخيًا لهم.
تحية لضمير السيدة " ليؤور " لكن حين نصافح أوراق تاريخنا، نصرخ.. من يعيد الينا حياتنا المبعثرة في المنافي ؟! من يعيد الأجيال التي أشعلت أصابعها آمالًا ومع السنوات انطفأ الإصبع وراء الآخر.. ولم يبق إلا الاصبع الأوسط نوجهه إلى العالم المنافق الذي أدار ظهره لنا.
المرأة السعودية في عباءة السفارة
نفرح للمرأة السعودية حين تصل الى منصب عال، لأن بهذا المنصب نؤكد للذين يحاولون عرقلة حياة المرأة أنها قادرة على الخروج من قوقعة الصمت والمشاركة في تطور الحياة في المملكة التي اتخذت من الأسوار والممنوع والكبت والتضيق اسلوبًا ونهجًا حياتيًا ، لكن حين تجد أن المنصب يحتضن فقط فئة خاصة من النساء، تشعر بالخداع، كأن الملك وحاشيته ينصبون الفخاخ لاصطياد ثقة الاعلام، لكن سرعان ما تجد نفسك أمام مصيدة كبيرة تعجز عن تفسير أنيابها.
ذكرت وسائل الاعلام خبر تعيين الأميرة ريما بنت بندر أول سفيرة للمملكة في الولايات المتحدة، وعندما تسأل لماذا تكون أول سفيرة ابنة العائلة الحاكمة، صاحبة السمو الملكي، وليست امرأة سعودية عادية تعلمت ووصلت باجتهادها الى هذا المنصب، ان احتضان رجال العائلة المالكة في السعودية لجميع المناصب العليا من الأمور السياسية المعروفة\
، وها هي المرأة في العائلة المالكة تشاطر الرجل في نهب المناصب وترك الفتات للشعب، لعل الأسرار التي تربط السعودية بالولايات المتحدة دفعت الملك الى الحرص واليقظة حتى تبقى الاسرار داخل صدر أبناء العائلة المالكة ولا تتسلل الى الخارج.
اليمنية التي تزوجت أول طفولتها عمرها
قبل سنوات صدر كتاب " أنا نجوم بنت العاشرة ومطلقة " حيث تحدث الكتاب عن طفلة في العاشرة من عمرها طلبت الطلاق من زوجها، وقد تحول الكتاب الى فيلم نال شهرة عالمية وحصل على عدة جوائز منها جائزة مهرجان دبي عام 2014.
الكتاب سجلته الصحفية الفرنسية " دلفين مينوي " عن السيرة الذاتية للطفلة اليمنية ابنة العاشرة نجوم التي وجدت نفسها زوجة، ثم هربت ولجأت الى أحد القضاة، وبعد صراع طويل تم الطلاق، فكانت أصغر طفلة مطلقة في العالم.
زواج البنات صغيرات السن من التقاليد المعروفة في اليمن، خاصة في بعض المناطق النائية في اليمن، لكن أن تتزوج طفلة في الثالثة من عمرها، هذا هو الظلم وفظاعة التصرف والسلوك الوحشي، والسبب الجوع والفقر الذي دفع عائلتها لتزويجها، وهذا نتيجة الحرب الدائرة منذ خمس سنوات التي دمرت كل شيء – الحرب التي يقودها التحالف العسكري العربي بقيادة السعودية -، ودفعت السكان للهرب من قراهم ومدنهم، لقد قامت اللجان والمؤسسات الخاصة بالمرأة بالاحتجاج والرفض واطلاق الشعارات، لكن كان الاعتراف صريحًا وواضحًا، زواج الطفلة تم مقابل الطعام، لقد كان الشرط على العريس تقديم الطعام للأسرة يوميًا. لا تعليق في زمن يباع فيه كل شيء، الم تباع النساء العراقيات والسوريات في أسواق النخاسة.
عندما صرخت امرأة مسلمة وقعت في يد الروم "وامعتصماه" خرج المعتصم على رأس جيش كبير وحاصر مدينة "عمورية" نصف عام حتى استسلمت المدينة وانقذت المرأة، وأين معتصمنا نحن؟!
إضافة تعقيب