news-details

وفقًا لمصادر أجنبيّة: امتلاك اسرائيل للأسلحة النووية تهديد وخطر على السلام العالمي

 

ليس هناك زعيم اسرائيلي عرف عن برنامج السلاح النووي الاسرائيلي اكثر من شمعون بيرس الذي حصل على جائزة نوبل للسلام لاحقا، وهذا نوع من تشويه التاريخ لأن هذا الشخص وحكومات اسرائيل المتتالية منذ بن غوريون وحتى الآن، يمارسون ويتبنون نظرية "السيادة النووية الاسرائيلية". فشمعون بيرس الذي كان المدير العام لوزارة الامن الاسرائيلية في اواخر الخمسينيات، هو الذي قام بشراء مفاعل ديمونا الذري الاسرائيلي من فرنسا، وهذا المفاعل يعتبر من الاماكن العسكرية الاكثر سرية في اسرائيل، وكان شمعون بيرس هو الذي اشرف ووجه وأدار التحالف النووي الاسرائيلي الشائن مع حكومة الابرتهايد في جنوب افريقيا في منتصف السبعينيات من القرن الماضي، واذا كان هنالك جد للقنبلة الذرية الاسرائيلية فانه بالتأكيد دفيد بن غوريون، اول رئيس لحكومة اسرائيل والرجل الذي اختار بيرس للقيام بالدور التاريخي الذي لعبه، محاولا احتواء منطقة الشرق الاوسط بالسلاح النووي. وصرح بن غوريون الذي كان في ذلك الوقت رئيسا لوزراء اسرائيل متسائلا "ما هي اسرائيل؟ انها بقعة فقط. وكيف يمكنها البقاء بين هذا العالم العربي؟" وكتب ارنست ديفيد بيرجمان بهذا الصدد، وهو كيميائي اسرائيلي ويعتبر أب القنبلة الذرية الاسرائيلية، يقول "انني مقتنع... بان دولة اسرائيل بحاجة الى برنامج ابحاث خاص بها، ذلك حتى لا تكون كالخراف التي تساق الى الجزار ثانية"، ملمحا بذلك وقتذاك الى ضرورة انتاج اسلحة نووية.

وبالفعل في الليلة التي سقط فيها اول صاروخ عراقي على اسرائيل فانه شكل ثالث خطر نووي اسرائيلي على منطقة الشرق الاوسط. فالخطر الاول حدث قبل عشرة ايام من عدوان – حرب الايام الستة عام 1967، عندما جهزت اسرائيل آنذاك – وفقا لمصادر أجنبية - القنبلتين النوويتين اللتين كانتا تمتلكهما في ذلك الحين، والخطر النووي الثاني كان في عام 1973 خلال الايام الاولى من حرب اكتوبر عندما خشيت اسرائيل على مصير وجودها، وقد استعدت اسرائيل لاستخدام اسلحتها النووية ضد العراق، فيما لو استخدم الغاز السام في صواريخ سكود التي اطلقت على حيفا وتل ابيب في عام 1991.

في عام 1981 قامت اسرائيل بضرب المفاعل النووي العراقي اوسيراك، وهذا الحدث اصبح بالنسبة لاسرائيل حدا فاصلا وشكل بداية لتدفق الغطرسة والغرور الصهيوني الاسرائيلي ضد شعوب المنطقة وضد الشعب العربي الفلسطيني، بالنسبة لحكام اسرائيل منذ بن غوريون مرورا بشمعون بيرس الى حكم اليمين الاسرائيلي تعتبر القنبلة الذرية ضمانة الوجود الاسرائيلي وليس السلام العادل والاعتراف بالحقوق المشروعة والعادلة للشعب الفلسطيني وليس بناء جسور التعايش وتقبل الآخر والمساواة تجاه الاقلية الفلسطينية داخل اسرائيل، كطريق للوصول الى حوار وسلام في منطقة الشرق الاوسط ومع شعوب المنطقة، والذي تسعى له اسرائيل في المنطقة ليس السلام بل الهيمنة العدوانية النووية على منطقة الشرق الاوسط والادنى خدمة لمصالح الامبريالية العالمية، فسياسة الغيتو النووي الاسرائيلي خطر ليس فقط على شعوب المنطقة بل ايضا خطر على بقاء ومستقبل اسرائيل وشعبها.

اليوم اسرائيل هي واحدة من اربع دول مسلحة نوويا – وفقا لمصادر أجنبية - ولكنها غير معترف بها كدولة تمتلك اسلحة نووية في معاهدة الحد من انتشار الاسلحة النووية، لان حكام اسرائيل حتى الآن لم يوقعوا على الاتفاقية الدولية للحد من انتشار الاسلحة النووية. وأبرز مراحل تطور برنامج اسرائيل النووي:

  • المرحلة الاولى: من عام 1948 – 1963 حيث عملت اسرائيل خلال هذه الفترة على توفير الوقود النووي وبناء الكوادر العلمية بالتعاون مع الدول الاكثر خبرة في هذا المجال وفي مقدمتها امريكا وفرنسا.
  • المرحلة الثانية: من عام 1963 – 1966، انطلقت اسرائيل نحو انتاج السلاح النووي.
  • المرحلة الثالثة: 1966 – 1986، اتخاذ القرار السياسي لانتاج الاسلحة النووية.
  • المرحلة الرابعة 1986 حتى الآن، تطوير القدرات النووية والتركيز على تكنولوجيا "التصغير" لانتاج قنابل ذرية تكتيكية، الى جانب تطوير باقي اسلحة الدمار الشامل.

واسرائيل تمتلك قدرات غير معلنة للاسلحة الكيماوية وبرنامجا هجوميا للحرب البيولوجية، ورسميا لا تؤكد اسرائيل او تنفي امتلاكها للاسلحة النووية. وعلى الرغم من عدم وجود احصاءات رسمية تشير التقديرات الى ان اسرائيل تمتلك من 75 الى ما يصل 400 من السلاح نووي، والتي ذكر انها تشمل اسلحة نووية حرارية في مدى المليون طن. وكذلك تمتلك مجموعة واسعة من انظمة مختلفة بما في ذلك القنابل النيوترونية، والاسلحة النووية التكتيكية وقنابل حقيبة السفر النووية، وتشمل آليات الالقاء صواريخ اريحا الباليستية العابرة للقارات التي يصل مداها الى 11.500 كيلومتر والتي يعتقد انها مزودة بخيار للضربة المضادة. ويعتقد ان الصواريخ الباليستية الاسرائيلية ذات القدرة النووية مدفونة على عمق كبير تحت الارض لدرجة انها سوف تنجو من أي هجوم نووي، بالاضافة الى ذلك يعتقد ان اسرائيل لديها القدرة البحرية لضربة نووية مضادة، وذلك باستخدام صواريخ كروز ذات قدرة نووية تطلق من الغواصات والتي يمكن اطلاقها من غواصات البحرية الاسرائيلية من طراز دولفين. وتحافظ الحكومة الاسرائيلية على سياسة الغموض المتعمد بخصوص ما اذا كان لديها اسلحة نووية. وتكتفي بالقول بأنها "لن تكون اول من يدخل السلاح النووي الى الشرق الاوسط".

وكشفت دراسات جديدة عن زيادة في نسبة تركيز المواد المشعة من مفاعل ديمونة الاسرائيلي وهو ما يؤدي الى اضرار صحية خاصة ما يتعلق بالاصابة بأمراض السرطان في مدن الضفة الغربية وخاصة في مدينة الخليل ومدينة حلحول شمالي الخليل وبيت أمّر، ونسبة العناصر المشعة في الخليل عالية جدا وانها لم تسجل الا في مناطق اوروبا الشرقية عندما انفجر مفاعل تشيرنوبل. ونتيجة لارتفاع العناصر المشعة هناك تزايد بأعداد الاصابات بالامراض السرطانية وتشوهات الاجنّة والاعاقات والاجهاضات المتكررة في المناطق الفلسطينية المحتلة خاصة مع عدم وجود الاجهزة الخاصة بالفحوص والمعالجات ونقص الادوية في مناطق السلطة الفلسطينية، وهذه القضايا الملحة والخطيرة حتى الآن السلطة الوطنية الفلسطينية لم تطرحها امام المحافل الدولية.

واسرائيل هي الدولة الوحيدة من بين دول العالم خارج الولايات المتحدة التي حظيت بنظام صواريخ بالستية دفاعية وعملت بشكل وثيق مع الولايات المتحدة في برنامج ابحاث حرب النجوم، وهكذا نجد ترامب يصرح بان كل من يعتدي على اسرائيل يعتبر معتديا على الولايات المتحدة.

لقد قام حكام اسرائيل بتوثيق علاقاتهم مع الولايات المتحدة الى ابعد حد، والاشتراك في برنامج حرب النجوم منذ ان تسلم رونالد ريغان الرئاسة عام 1981 واقامته علاقات وثيقة مع رئيس وزراء اسرائيل آنذاك مناحيم بيغن، وهذه العلاقات الوثيقة اصبحت اعمق واوثق ومتجانسة ومتكاملة الآن بين حكومتي نتنياهو وترامب، واسرائيل كقوة تمتلك اسلحة الدمار الشامل اعتمدت على مقادير ضخمة من الاموال وبخلاف معظم الدول النووية الاخرى فقد كان على اسرائيل ان تنفق اموالا اضافية للحصول على قيادة متقدمة ومتطورة وانظمة توجيه دون ان يكون لديها موارد او منافع من مصادر طبيعية او قاعدة صناعية ضخمة لتغطية شهيتها من امتلاك الاسلحة النووية، فاسرائيل استطاعت ان تمول مشروعها النووي بدعم ثلاثة مصادر رئيسية، المصدر الاول حصيلة الاستجداء اليهودي المتعاطف معها، وهذا يتضمن سلسلة كاملة من اموال الجباية من قبل المنظمات والهيئات المؤيدة لاسرائيل وخاصة من مساهمات اصحاب المؤسسات اليهودية ومعظمهم من الامريكيين (ولا يستثنى ذلك البارون ادموند روتشيلد الفرنسي) وحسب تقديرات الاستخبارات الامريكية فان اسرائيل تجمع مئات الملايين من الدولارات سنويا من مؤيديها الاثرياء طبقة رأس المال، وكثير منها بواسطة حملات التبرعات. ففي سنة 1960 طلب من لجنة الثلاثين (لجنة المليونيريين اليهود) ان تقوم بصورة سرية بتمويل مشروع الاسلحة النووية الاسرائيلي، فقامت هذه اللجنة بجمع اربعين مليون دولار من اجل بناء مفاعل نووي واقامة مصنع لفصل اليورانيوم تحت الارض في منطقة ديمونا. والمعروف عن لجنة الثلاثين هذه ارتباطها بالحركة الماسونية العالمية، والمصدر الثاني لتمويل برنامج السلاح النووي الاسرائيل يأتي مباشرة من المساعدات والقروض الامريكية السنوية. والمصدر الثالث، التجارة بالاسلحة والمعدات العسكرية وخاصة من خلال مشاركتها في مشاريع مع حكومات منبوذة مثل نظام الابرتهايد السابق في جنوب افريقيا ونظام الشاه في ايران ونظام بينوتشيت في تشيلي وغيرها من الانظمة المنبوذة، وهذه السياسة، أي التعاون مع الانظمة المنبوذة عالميا مستمرة حتى الآن من قبل اسرائيل.

نستطيع ان نلخص بان امتلاك اسرائيل للاسلحة النووية والكيميائية والبيولوجية والنيوترونية هو تهديد للسلام ليس فقط في منطقة الشرق الاوسط والادنى لا بل في العالم اجمع، وفقط النضال المثابر والمدروس من قبل دول وشعوب المنطقة من اجل نزع السلاح النووي في منطقة الشرق الاوسط وخاصة السلاح النووي الاسرائيلي والحل العادل للقضية الفلسطينية من خلال اقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية وحل قضية اللاجئين هي الضمان الوحيد لحرية وأمن ومستقبل ليس فقط شعوب المنطقة بل العالم اجمع.

 

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب