توطئة:
(لا يزالُ النِّيلُ عند المُلتقى
شابَّاً يُقابلُ شابَّةً
ويُحبُّ تحريرَ الحياةِ على يدَيها..
لا يزالُ النِّيلُ مفتوناً
بتقبيل السَّواحل..
ما زلتُ أنمو ها هنا في مُقلتَيها..
أسمو وأُغنِّي وأُقاتِل)
..............
..............
..............
كَمْ قُبْلةً قَبَّلتَ وجهَ حبيبِكَ هذا الصَّباح
لكي تُوقِفَ الحربَ؟
ماذا أَدَرْتَ على اللَّيلِ من ذَبذبةِ الذِّكرياتِ
على ضبْطِ موجةِ صمتِكَ
كي يُنصِتَ الكونُ كُلُّه للأُغنيَة؟
كَمْ يَبعُدُ الشِّعرُ عن مدى طَلقةٍ
أو صدى لَغَمٍ
في مَغاوِرِ رُوحِكَ والموتُ أعمى؟
وهل غسلتْكَ يدٌ جيِّداً في الخِضَمِّ لكي ترسُمَ
طفلةَ قُتلتْ بضحكتِها أمام الله..
وأنت تمشي وراءَ نخيلِ الغيوم؟
وهل رأيتَ ثَمَّ رأيتَ الزِّراعةَ
في مركز النَّازحين إلى الخِصْب
في تربة الحَصْب،
في عَوْرةِ العاطفيِّ وفي عُرْوَةِ العاطفة؟
وماذا يُحدِّثُ قلبُكَ للحُبِّ حين ارتوى من دَمِ النَّبضة النَّازفة؟
لأيِّ السَّماواتِ يصبو حنينُكَ
في آخِرِ اللَّيل؟
بأيِّ الكمان،
وقد رأى الحُزنُ صوتَكَ
يَخرُجُ عن عاديَات الحياةِ
ويَسبِقُ قوَّةَ العاصفة؟
هل خُضتَّ ماءً عظيماً في لحظةِ الثَّبْت
كي تَعرِفَ النَّبت..
أو تعرِفَ كم هو البيتُ أعلى من السَّيل
في صوت أمِّكَ،
أغلى من الكَيل؟
أو تتَعرَّفَ الأرضُ فيكَ على قيمةِ البيت
في قامة البنت
في قِمَّة الوَيل؟
وكيف بوُسعِكَ أن تَحلُمَ قَدْرَ مُلاءةِ سَعْيِكَ
بين النَّدى في جَبينِكَ
والعَرَقِ الوطنيِّ في الزَّهرةِ العاشقة؟
هل تتبَّعتَ خيطَ المكانِ
بحَبلِ وريدِكَ
حتَّى تجدَ الكنزَ، لَوحَ الشَّرافةِ فيك،
فرَبُّ البلادِ قريبٌ
وربَّما كمُنَ السِّرُّ في اتِّباع الأثر؟
لماذا وقفتَ بعيداً عن النِّيلِ
يا صاحبَ النِّيل؟
هل لكي تتعرَّفَ في الدَّمعِ على الموجِ
من أوَّل الماء؟
أم لكي تتأمَّلَ فيكَ الظَّما واكتظاظَ الغليل؟
لماذا وقفتَ بعيداً عن النِّيل
يا شاعرَ النِّيل؟
لماذا كذَبتَ وقلتَ الكلامَ الجميل؟
ءالشِّعرُ أَوْلَى من حياة الحقيقةِ في الطِّين،
أم الطِّينُ أَوْلَى الحُرُوفِ
بما يَكتُبُ العاشقُ الحقُّ
وهْوَ القتيل؟
*شاعر تقدمي - السودان
إضافة تعقيب