حديثُ البحرِ… أعشقُهُ
هفيفًا في شواطينا
ووشْوَشَةٌ لها أَصْداءُ في خَلَدي
تهبُّ… لكي تواسينا
زجيرُ الموجِ يا حيفا
كلامُ البحرِ للشاطئْ
قوافي بحرها هادئْ
تذكرنا بماضينا
تُهفهفُ ريشَ أوتاري
لُحُونًا في ليالينا
شموخُ الكرملِ العالي
بهاءٌ رَوْنقٌ نَضِرُ
وحيفا زهرةٌ وَسَنَتْ
على نسماتِ أشجارِ
سفوحٌ تنحني شوقًا
تشمُّ الزهرَ والحبقا
عَبيرُ الشَّوقِ من ليمونها عبقا
بأزهارٍ ونوّارِ
وأنوارٌ بموجِ البحرِ
راقصةٌ مَعَ الأمواجِ
قد هَمَّتْ … لإبحارِ
عشقتُ النوءَ
يروي البحرَ في ظَمَئٍ
بلا ريحٍ بلا عَصْفٍ
وإعصارِ
نُعُومةُ بَحْرِنا عَشِقَتْ
لُجاجتَهُ
ونجواهُ بإضمارِ
**
ألا يا بحرُ أخْبِرْني
أنا حيفا التي تَهْوى
أنا الجَمَّالُ والحادي
أنا قلمٌ بهِ نَقَشوا
سَريرَةَ وَجْهِكِ الحاني
على خدَّيْكَ أَوْسِمَةٌ
وشاماتٌ لأجْدادي
كتومٌ أنْتَ يا بَحْرُ
لماذا لا تُصارِحُني
أَيَحْمِلُ مَوْجُكَ النَّجوى؟
لكي أَهْواكَ يا بَحْرُ
أنا الماضي أنا الحاضرْ
أنا الآتي
وحيفا كُلُّها عِبَرُ
بها الاحبابُ قد قرّوا
وفي وُدْيانِها ظَلُّوا
حجارةَ صَخْرَةِ الوادي
**
كتومٌ أنت يا بحرُ
لماذا لا تُحَدِّثُني؟
عنِ الاشواقِ كي أهوى
عنِ الأحبابِ إذ رحلوا
مع الأسرارِ والنّجوى
أَأنتَ الموتُ خَطَّافٌ لمن غَرِقا؟
أنامُ على نسيم البحرِ في ظلٍّ
أُناجي الشمسَ والشَّفقا
وليلاً دامِسًا وَقَبا
وفجرًا من سَوادِ الليلِ.. انْفَلَقا
سكونُ الموجِ منوتنُا
به نسعى لكي نبقى
كأرزٍ عانقَ الأُفُقا
كتومٌ أنت يا بحرُ
لماذا لا تحدثني ؟
أنا حيفا
أنامُ بظلِّ أشجارِي
لكي أرتاحَ من همٍّ
ولا أشقى
سأبقى سروةَ الكرملْ
تَطالُ الشَّمسَ والأُفُقا
وشربينًا به أبقى
شذى حُلْمٍ يُرافقني
ونجمًا حارسًا ألَقَا
كنسرٍ فوقَ قِمَتِهِ
وقد أُمِرا
حراسةَ هّوْدَجِ الكّرْمِلْ
شهابُ القوسِ رِميَتُهُ
إذا مَرَقا
نجومُ الكونِ تتبعُهُ إذا أَمَرا
أو انطلقا
كتومٌ أنتَ يا بحري
وفيكَ النّارُ تلتهبُ
لماذا لا تُحدّثُني؟
عَنِ الصَّيادِ في الشاطئْ
عَنِ الأشجارِ تهتدبُ
عَنِ العينِ التي دَمَعَتْ
سواقي ماؤُها عَذْبُ
وعن شبّابةِ الراعي
على سفحٍ .. تُغازلنا
يُناغي صوتُها الواعي
حنينًا لا يُفارِقُنا
كتومٌ انت يا بحرُ
لماذا لا تُحدِّثُني؟
عن السّاحاتِ والحَنْطور والأدْراجِ والْمينا
عَنِ النَّاسِ التي جاءتْ
نواحينا
عَنِ المَلِكِ الذي مرّا
وفي السَّاحاتِ ذكراهُ
عَنِ النَّغماتِ واليرغولِ
والخيلِ التي صَهَلَتُ تُنادينا
حِداءُ العيسِ يا بحري
ترانيمٌ تذكرنا بموجٍ كلُّهُ صَخَبُ
يُدغْدِغُنا ويُفرحُنا ويُبْكينا
كتومٌ أنت يا بحري
لماذا لا تُحدِّثُني؟
كلامًا فيه آمالُ
وموجاتٌ وأحُمالُ
لتُبقيني
على أملٍ
وفي شطَيْكَ جوّالُ
على نارٍ… وانتظرُ
حبيبًا عائدًا يمشي
على أنغامِ
مُشْتاقٍ ومَلْهُوفٍ
لكحلِ العينِ والرِّمشِ
إلى حيفا التي أهوى
وكرملُها الذي أنداهُ
قَطْرُ الطلِّ مُبْتَهِجًا
بجَنْيِ النَّحْلِ للعسلِ
أنا المشتاقُ للحارات والداراتِ والسُّبُلِ
أنا المشتاقُ للوَجْناتِ والقُبَلِ
أنا مُشْتاقُ يا حيفا
إلى أحْضانِ مَنْ عَشِقُوا
زجيرَ المَوْجِ والغاباتِ والكَرْمِلْ
وقلبي فاضَ مِنْ عينييَ والمُقَلِ
أغاني لحنُها الموجاتُ
للعُشّاقِ تَرْديدًا
بلا كَلَلٍ ولا مَلَلِ
مُكَلَّلَةٍ بنورِ الشمسِ والأمَلِ.
إضافة تعقيب