news-details

إنه بحرُنا الأبيضُ المتوسط!| سامر خير

(1)

إنّهُ بَحْرُنا الأبْيَضُ المُتَوَسِّطُ
مِن كُلّ شَطٍّ إلى كُلّ شَطّ
وَشَرايينُهُ سُفُني تَنْقُلُ الحُبَّ
واللهَ والشِّعْرَ.. والدمُّ دَمّي فَقَطْ

إنّهُ بَحْرُنا الأبْيَضُ المُتَوَسِّطُ
مَوْطِنُنا. بَحْرُ كنْعانَ. أمْواجُهُ زَوْرَقي،
ريحُهُ وجْهَتي، وَهْوَ أَجْمَلُ نَجْمٍ
على الأرْضِ.. خَيْرُ الأُمورِ الوَسَطْ


إنّهُ بَحْرُنا الأبْيَضُ المُتَوَسِّطُ
بحرُ البداياتِ بحرُ النهاياتِ
بحرُ الحضاراتِ من مشرِقِ الحرفِ
حتى غُروب السّماواتِ، لي منهُ مائي
وملحي، وغيمي وقمحي، إليهِ هُروبي
من النّارِ، منهُ هُبوبي على ساحِلٍ أخضرٍ
كَطُيورٍ مُهاجرةٍ، والصّوابُ بِهِ وَالغَلَطْ 

إنّهُ بَحْرُنا الأبْيَضُ المُتَوَسِّطُ
من كُلّ قلبٍ إلى كُلّ قلبٍ
ومن كُلّ شَطٍّ إلى كُلّ شَطّْ

 

(2)

 

يا كُثبانَ البحرِ الخضراءْ
أعطيني القمحَ
وأعطيني الريحَ
وأعطيني الماءْ
فلقد خذلتْني أمواجُ الصحراءْ
وخُذي عينيَّ
وما في عينيَّ
من الأحلامِ الصفراءْ
فلقد قتلتْني أوهامُ الصحراءْ
أنذا من تحت الأنقاضِ
أَمُدُّ يَدَيَّ
وأفتحُ كَفَّيَّ
ولا أعلمُ إن كنتُ من الأمواتِ
أو الأحياءْ
لكنّي أعْلَمُ أنّ غَدي
في كفِّ يَدي
وعلامةُ غَيْمي في سِرِّ الماءْ

 

(3)

 

للقصيدةِ جدوى كَما لِلسَّحابِ
كَما للعَذابِ.. كَما للمطرْ
وكَما للتُّرابِ.. إذا شَعّ منهُ القَمَرْ

للقصيدةِ جدوى.. كما للجُذُورِ
تُبشّر أغصانَها بالسَّفَرْ
وكما للصّباحِ.. كما للرِّياحِ..
كما لِلْجِراحِ.. كما للخَطَرْ

للقصيدةِ جَدوى..
كَأَنَّ القصيدةَ ظِلُّ القَدَرْ 

 

 

(4)

 

لا موجةُ البحرِ أغاثَتْني
وَلا دمعُ السَّحَابِ
لا موجةُ الرَّمْلِ
وَلا وَعْدُ السَّرابِ

أينَ أنا؟ أينَ أبي؟
أينَ أخي؟ أينَ صِحابي؟
أينَ سَماءُ الغَدِ في أمسِ تُرابي؟
وأينَ ما انتظرتُهُ بعدَ عَذابي
مِن فَرَجٍ ونَجْدةٍ..
أو مِن ثَوابِ؟

والآنَ في موتي أضيعُ
لم أجِدْ إلاّ غِيابي 

 

(5)

 

.. ضِدّ خطفِ النهارْ
من عُيونِ السّبايا، وضدَّ الظّلامْ
في عيونِ الصِّغارْ

ضِدَّ من يقتُلُ الناسَ بالنارِ
من شُرفَةٍ في حَديدِ الغمامْ

ضِدّ محرقةٍ أحرقت كُلَّ شيءٍ
فلم تنجُ دارٌ.. وَلم تبقَ نارْ

ضدَّ سارقِ نارِ الإلهِ، وضدَّ زِيوسْ

ضدَّ نهبِ بلادٍ وضِدَّ أمانِ الجِدارْ

ضدَّ حربٍ بلا أيِّ مَغْزًى سِوى الفَتْحِ
ضدَّ انتصارٍ بلا هَدَفٍ تحتَ نارِ الحِصارْ

ضدَّ غَزْوٍ بلا أيِّ معنًى سِوى الذَّبْحِ
ضدَّ انتقامٍ يجُرُّ إلى نقمةٍ.

ضدَّ مَن لا يَرى

ضدَّ أسخيليوسْ
قاتلاً. ضِدّ جُمْجُمَةِ

الشّنْفَرى


ضدّ خَنْقِ الشَّجَرْ
ضدَّ قَطْعِ جُذوعِ الهَواءِ
لِتوسيعِ مَرْعَى البَقَرْ

ضدّ مَن لا يُقاوِمُ ظُلمَ الظَّلامْ
ضدّ كُلِّ يَدٍ خلفَ جُرحي
وَضِدّ غدٍ لا يُصَلِّي السَّلامْ

 

.. أنذا ذاهبٌ كي أنامْ

 

(المغار – النصف الأول من 2024)

 

في الصورة: صيادان على شاطئ غزة، أيلول 2023 (شينخوا)

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب