أعصاب العالم مشدودة كسلك كهربائيّ. لا فرق بين شرق وغرب. فالإيرانيّون الملاعين لا يسكتون على ضيم فهم ليسوا كما العُربان أو الغربان، يعتبرون الإهانات مُزاحا والبُصاق مطراً موسميّا.
وليس المشهد الحاليّ في البيت الأبيض ببعيد عمّا كان عليه أيّام ترامب. نذكر كيف طلب من باب العشم طبعاً - من ضيفه العزيز M.B.S وهو يكاد يقلب على قفاه، قهقهة وانبساطا. نحن بحاجة إلى (450) مليار دولار فقط ! إكراميّة، معايدة، مساعدة، مساندة، احسبها كما شئت. فأنتم بالمقابل وبدون مؤاخذة، بحاجة إلى عزمنا وعزيمتنا، لحمايتكم. ولولا هذه الحماية، لما كنتم تصمدون أسبوعاً أمام الغول الإيرانيّ - عدوّنا كنصارى- وعدوّكم كمسلمين!
ضحك M.B.S "وهذا هو اسمه الثّوريّ" ودفع على داير بارة وحبّة مسك.
وفعلا ما كان يوم السّبت الثالث عشر من نيسان، وكان المحلّلون السياسيّون والعسكريّون منشغلين بأمر العاصفة العاتية الوشيكة، بأيّة درجة من الخطورة، وما هي أهدافها ومن هو المحظوظ الّذي "سيمزط" من لهيبها؟ وتوصّلوا جميعا إلى أنّ موعد اندلاعها، سيكون على الأرجح فجر يوم الأحد. وهكذا كان!!
التّنفيسة
أكثر من "بازَت" أعصابه كما يقول المصريّون، هو من نصّب نفسه صاحب الأمر والنّهي، "إنّ أمريكتك يا سيد بايدن ليس لها وجود في المنطقة لولانا!".
"حمرق" بايدن خجلا (وهو الأكثر صهيونيّة من نتنياهو) لم يقل له - ولو تلميحا - لولانا لما كانت لكم دولة أساساً، بل بلعها على مضض وألم!
يُروى في إحدى القُرى، أنّ عامل النظافة في مجلسها المحليّ، "هتّ" على رئيس المجلس، مؤكّداً له بكلّ صلف أنّه لولا صوته لما كان جلس على هذا الكرسيّ! فما كان من الرّئيس إلا أن ردّ عليه! ولولا "سبّاطي" هذا لما وصلت إلى" منصبك"!
كان بطل المسرحيّة ما زال في المخبأ السّريّ، ينتظر - على أعصابه - توقّف صفّارات الإنذار عن الزّعيق.
ثمّ خرج من الجبّ العميق، وهو بين الغيبوبة والوعي، وفيما يشبه الهلوسة ومناجاة النّفس راح يهذي! "هل مرّت العاصفة على خير؟؟".
ومن البعيد البعيد جاء من خلف المحيطات، صوت، يعرفه جيّدا: أصحُ! أستيقظ! فلقد انتصرتم!
كفّ الهاذي عن هذيانه وصدّق، فبايدن لا يكذب.
دعك من رفح الآن، فيبدو أنّك لن تقدر على اختراق الأنفاق والإرادات. وليكن شعارُك بيت شعر لشاعر عربيّ كان منفوشا أكثر منك ومن الطّاووس، إذ قال بعد تبخّر آماله في الغلبة:
"رضيتُ من الهزيمة بالإياب".
حماة الدّيار وسلال الهدايا
وأضاف: وما عليك إلا أن تترجم عرفانك بالجميل لمن مدّ لك يد العون.
وفعلًا شبك يده بيد شريكة حياته وحكمه، وراحا يطوفان بين سوبر وسوبر، ومن كنيون إلى كنيون (קניון). يختاران من الهدايا ما رخُص ثمنه وغلت قيمته. فالمجمّعات التّجاريّة تعرفهما جيّدا. إذ كانت مشترياتهما بمثابة هدايا. وقد تعوّدا على ذلك حين كانت صناديق الشمبانيا الحمراء، وعلب السّيجار الكوبيّ الفاخر وبعض المجوهرات تتدفّق على المنزل.
حزما ما اختاراه في رزم، وعلى كلّ رزمة ملصق اسم المُهدى إليه وعلى رأس القائمة: الولايات المتّحدة ثمّ بريطانيا، الّتي كانت عُظمى، فرنسا بلد الحريّة والمساواة والنّور، ايطاليا حتّى ولو كانت على حافّة الإفلاس.
جميعهم أرسلوا المقاتلين والعتاد الحربيّ والمدمّرات والقبب الحديديّة الّتي أسقطت 99% من الصّواريخ والمسيّرات القادمة من كلّ حدب وصوب.
جدير بالذّكر أنّ بعض العرب قاموا بالواجب وتركوا القواعد الغربيّة في بلدانهم تفعل فعلها.
لكن الهدايا لم تصل لأحد منهم: إذ أنّهم في نظر نتنياهو وسارة لا يؤتمن جانبهم. ومن يدري؟ لعلّهم بعد هدوء العاصفة الحارقة في القطاع، يتساقطون وتنهار عروشهم، وقد يخلفهم من هم أقلّ عداوة للفلسطينيّين.
عاد بطل الرواية إلى الهذيان: ياه. هل نحن فعلا بحاجة إلى من يحمينا! تنهّد
هدأت أعصابه قليلا. وراح يُعدّ العدّة لموجات أشدّ عتوا وأكثر كارثيّة...
*أُهدي هذا المقال المتواضع إلى كنّتي راوية الشفاعمريّة
صورة ملتقطة في 14 نيسان 2024 لشعلات مضيئة ناتجة عن انفجارات في سماء القدس إثر اعتراض نظام القبة الحديدية الإسرائيلي المضاد للصواريخ لصواريخ وطائرات مسيرة قادمة من إيران. (شينخوا)
إضافة تعقيب