لم يعد هذا فقط، المراوحة في القتال في غزة، أو الإرهاب الفلسطيني في الضفة والإرهاب اليهودي هناك. ولا حتى هجوم الرد الإيراني. ولا حتى حقيقة أن سكان الشمال لا يمكن أن يعودوا إلى بيوتهم المحاذية للحدود. درة التاج في فشل "سيد الأمن"، بنيامين نتنياهو، ترتبط بالذات بما سوقه المرة تلو الأخرى كمشروع حياته وكاد يختفي عن الرادار الإعلامي: منع ايران من الوصول إلى قنبلة نووية.
صحيح أن طهران لا تمتلك قنبلة نووية بعد، لكن في كل ما يتعلق باليورانيوم المخصب، فإن الأنباء التي نشرت، الأسبوع الماضي، توضح مدى فشل إسرائيل بالنسبة لسياسة منع النووي الإيراني. كلنا نذكر خطاب نتنياهو الشهير في الأمم المتحدة قبل نحو 12 سنة، حين عرض رسمة مع قنبلة والخط الأحمر حول تخصيب اليورانيوم إلى مستوى عسكري (90%). وها هي "واشنطن بوست" نشرت قبل أربعة أيام تقريرا لمراسلها في فيينا بأن زيارة مراقبي الوكالة الدولية للطاقة الذرية للمنشأة النووية في فوردو في شهر شباط أظهرت مؤشرات مقلقة على نحو خاص. "عتاد جديد ركب، ينتج اليورانيوم المخصب حتى بسرعة أعلى وأوسع مما هو مخطط. ومقلق اكثر من هذا، رفعت فوردو مستوى إنتاج نوع اخطر من الوقود النووي – نوع من اليورانيوم المخصب على نحو خاص يكاد يكون في مستوى سلاح نووي".
عمليا، رغم أن ايران تدعي بأن ليس لها نية لإنتاج سلاح نووي، يعتقد المراقبون الدوليون بأنه يوجد تحت تصرفها منذ الآن ما يكفي من اليورانيوم المخصب بمستوى عالٍ يمكنه أن يكفي لإنتاج ثلاث قنابل نووية على الأقل، في فترة زمنية تتراوح بين "بضعة أيام وبضعة أسابيع". هذا التطور مقلق وان كان يبقي ظاهرا مساحة زمنية من نحو سنتين حتى إنتاج الرأس النووي المتفجر الذي يمكن تركيبه على صاروخ. إلا أن إسرائيل في فترة نتنياهو التي جعلت إحباط التهديد النووي الإيراني هدفها الأول في سموه، تجد نفسها تتصدى لجملة تهديدات أخرى – مثل "حماس"، "حزب الله" وتهديد إيراني تكتيكي – بينما تواصل إيران بكل النشاط تخصيب اليورانيوم الذي سيوفر لها في المستقبل القنبلة النووية.
ومن هنا أيضا في واقع الأمر المعضلة الإيرانية: هل بالفعل ايران مستعدة لأن تخاطر بالفعل بمشروعها النووي في حالة تصعيد شامل مع اسرائيل إذا كان ردها على تصفية الجنرال مهداوي حادا جدا. حسب التقديرات، معقول الافتراض أن لا، ويمكن التقدير بأن طهران سترد بشكل يخلق ردا في الجانب الإسرائيلي لكنه ليس ردا يحطم الأواني.
في هذه الأثناء لا تحتاج إيراني لأن تبذل جهدا كبيرا على نحو خاص. أولا، الإرهاب في الضفة الغربية مرة أخرى يرفع رأسه، ولإيران يوجد نصيب وفير في ذلك. صحيح أنه يحتمل ألا يكون قتل الفتى بنيامين احيمئير يرتبط على الإطلاق بإيران أو وكلائها، لكن ضعضعة الوضع الأمني في الضفة يخدم بلا شك الإيرانيين. هكذا أيضا رد أولئك المشاغبون ونشطاء الإرهاب اليهود الذين قتلوا، امس، فلسطينيا في قرية المغير، احرقوا مركبات وبيوتا بل مسوا بيهود أيضا، مثل مصور "يديعوت أحرونوت" و"واي نت" شاؤول غولان الذي كانت خطيئته الكبرى هو أنه وثق أفعالهم. ستخدم هذه الأعمال من الجانب اليهودي جدا أعداء إسرائيل في الساحة الدولية، مثل ايران، "حماس" و"حزب الله" وبالطبع ستضعضع اكثر فأكثر الوضع الأمني المتهالك في الضفة وهو تماما الحلم الوردي للإيرانيين.
وبالتوازي، لا يمكن ألا نتطرق مرة أخرى لمسيرة السخافة في قطاع غزة. حكومة إسرائيل، التي ترفض لاعتبارات سياسية البحث في خطة لـ"اليوم التالي" ولإمكانية أن "فتح" أو السلطة الفلسطينية معا إلى جانب جهات عربية ودولية تدير الشؤون المدنية في القطاع، تخلد عمليا حكم "حماس" هناك. نتنياهو، الذي قال، انه سيؤدي إلى تقويض حكم "حماس" هو الذي بكلتا يديه يتأكد من نجاة حكمها.
"يديعوت أحرونوت"
إضافة تعقيب