ان السياسة العدوانية التوسعية الصهيونية الارهابية لحكومات اسرائيل منذ قيامها، واستمرار احتلالها للضفة الغربية ورفضها لحق عودة لاجئي فلسطين، وحرب الابادة ضد الشعب الفلسطيني في غزة، وارهابها الموجه ضد الدول العربية المجاورة وخاصة ضد لبنان وسوريا، تنبع من كونها قاعدة امامية للامبريالية العالمية، والصهيونية العالمية، في الشرق الاوسط.
ويخطئ من يظن ان التطهير العرقي للشعب الفلسطيني الذي قامت بها العصابات الارهابية الصهيونية عام 1948 كان فقط وليد الظروف والاحداث التي وقعت اثر صدور قرار التقسيم في 29 تشرين الثاني عام 1947 بل كان نتيجة حتمية لخطط واستراتيجية صهيونية استعمارية وضعت قبل عقود من قيام دولة اسرائيل.
وقد شرعت الحركة الصهيونية العالمية ودول الاستعمار الغربي البريطاني - الامريكي في حبك هذه الجريمة ضد الشعب الفلسطيني والانسانية في اوائل القرن العشرين عندما اصبح هؤلاء يقولون بأن "فلسطين بلد من غير سكان ... يجب ان يعطى الى شعب بلا وطن"، وهنا نذكر بان الحركة الصهيونية، والامبريالية العالمية التي سعت الى اقامة قاعدة امامية لها في الشرق الاوسط أرسلوا وقيادتهم ورسلهم ليجسوا النبض ويحاولوا اقناع فئات من الشعب الفلسطيني بمختلف الوسائل كي يرحلوا عن وطنهم لقاء مبالغ طائلة من الاموال التي تدفع لهم.
إن ملامح المؤامرة الامبريالية الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني عبر عنها بأبشع تعبير لا وبل بسياسات اجرامية همجية وعد بلفور عام 1917، الذي هدف الى احلال الصهاينة كبديل للشعب الفلسطيني ومحو تاريخ وحضارة هذا الشعب المناضل. وهنا نذكر عندما وضعت الحرب العالمية الاولى (1914 -ى1918 ) أوزارها، واحتل الاستعمار البريطاني فلسطين، وانتُدبوا لادارة شؤونها - حسب صك الانتداب - لوضع فلسطين في حالات سياسية واقتصادية واجتماعية تساعد وتسهل انشاء "الوطن القومي اليهودي" فيها أي في فلسطين.
وكنتيجة حتمية لهذا الوضع السياسي خلال الانتداب البريطاني على فلسطين، راح اليهود يهاجرون اليها من كل حدب وصوب وشروا مساحات شاسعة واسعة من اراضي فلسطين. ولكن لا بد وان نذكر بانه بالرغم من كل مساعي الحركة الصهيونية العالمية المدعومة من آل روتشيلد واصحاب راس المال اليهودي وسلطة الانتداب البريطاني لم يستطع الصهاينة ان يشتروا من عرب فلسطين اكثر من ربع مليون دونم. أما في باقي الاراضي التي تمكنوا من شرائها والاستيلاء عليها وقدرها 1,750,000 دونم فان جزءا منها كان من أراضي الدولة والباقي تم شرائه من أصحاب الارض الاقطاعيين غير الفلسطينيين من لبنانيين وسوريين وغيرهم وأكبر مثل على ذلك مرج ابن عامر الذي تم بيعه من قبل عائلة سُرسُق اللبنانية للصهاينة.
وكانت الحركة الصهيونية العنصرية الشوفينية عندما تستولي على أي بقعة من أرض فلسطين تقوم بطرد سكانها وهذا ما حدث لسكان قرى مرج ابن عامر وغيره من المناطق.
فقد كان اجلاء الشعب الفلسطيني هدف الحركة الصهيونية الأقصى ويدل على ذلك القرار الذي أصدره المؤتمر الصهيوني الذي انعقد في مدينة بلتمور في الولايات المتحدة، وكان ذلك عام 1942، حيث اتخذ قرار آنذاك "بإجلاء العرب عن فلسطين اذا عارضوا في جعلها دولة يهودية".
وقد دعمت وآزرت سلطة الانتداب الاستعماري البريطاني طوال عهد الانتداب هذا الموقف الارهابي للحركة الصهيونية، والقرار الذي اتخذه حزب العمال (لا بل حزب الارهاب) البريطاني بعد مؤتمر بلتمور بثلاث سنين والقاضي ب " تحويل فلسطين الى دولة يهودية واخراج سكانها العرب منها الى الاقطار المجاور" لأكبر دليل على موافقة الانتداب البريطاني والامبريالية الامريكية على دعم سياسات التطهير العرقي لفلسطين وتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه ووطنه لصالح مجموعات صهيونية من شتى أنحاء العالم، لا تاريخ لها على هذه الارض لا تاريخ لها في فلسطين.
وعند صدور قرار التقسيم بعد سنتين من مؤتمر حزب "العمال" البريطاني، ارتكبت الحركة الصهيونية ومنظماتها العديدة، مذبحة دير ياسين والطنطورة وغيرها قامت الحركة الصهيونية بممارسة سياسة التطهير العرقي في العديد من المدن الفلسطينية مثل يافا والرملة وحيفا وغيرها من المدن الفلسطينية وتم هدم وتدمير وطرد سكان أكثر من 400 قرية فلسطينية.
وهكذا شكلت قضية اللاجئين منذ نشوئها منذ عام النكبة وتُشكل الآن محور القضية الفلسطينية وأصبحت النكبة التي أحدثتها عصابات الحركة الصهيونية بحق شعبنا الفلسطيني الشاهد الرئيسي على احدى أكبر عمليات التطهير العرقي في القرن العشرين.
وقضية اللاجئين الفلسطينيين هي مأساة سياسية وأخلاقية وانسانية متواصلة منذ عام النكبة عام 1948 وحتى يومنا هذا.
وهنا أريد أن أذكر بأن هيئة الامم المتحدة، اهتمت بقضية اللاجئين، فأصدرت في تاريخ 11 كانون الأول عام 1948 قرارا رقمه 194 جاء فيه: "ان اللاجئين الذين يرغبون في العودة الى منازلهم والعيش مع جيرانهم بسلام يجب أن يُسمح لهم بالرُجوع في أقرب وقت، وأن يُدفع تعويض عن أملاك اولئك الذين يختارون عدم الرجوع الى ديارهم." وناشدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في الوقت نفسه، في ذلك الوقت، امم العالم أجمع بأن تمد يد العون لللاجئين الفلسطينيين فتقدم لهم الطعام والكساء والمأوى الى أن يرجعوا الى ديارهم.
وفي ذلك الوقت عهدت الى المدعو "المستر" ستانتون غريفس (S.GRIFFIS) بمهمة الاشراف على شؤون اللاجئين الفلسطينيين (لم تحدد هيئة الامم المتحدة يومئذ معنى كلمة "لاجىء" ولكن الذين تولوا الاشراف على شؤون اللاجئين حددوها بقولهم انها تعني "كل شخص فقد مسكنه نتيجة القتال" وبرأيي هذا القرار غير حاد وغير واضح لأنه لا يذكر كلمة اللاجئين الفلسطينيين، وانما يذكر كلمة لاجىء بشكل عام وغير مُحدد. وعندما لم تنفذ اسرائيل هذا القرار مع أن الاعتراف باسرائيل كدولة كان بعد الوعد بالتزامها بهذا القرار.
وهذا لم يحصل حتى الآن بل بالعكس ما تمارسه اسرائيل الآن ضد منظمة الأنروا والتي تهدف الى القضاء على هذه المنظمة وازالة الشرعية عنها، وهدفها تجاهل والغاء عدالة قضية لاجئي فلسطين، وقضية لاجئي فلسطين كانت منذ نشوئها وحتى الآن وبعد الآن لا بل عبر الماضي والحاضر والمستقبل محور القضية الفلسطينية العادلة الانسانية الكونية والتي بدون حلها لن تكون هناك عملية سلام ولن يكون حل عادل للقضية الفلسطينية ومن يتحدث عن دولة فلسطينية بحدود عام 1967 ولا يطرح الحل العادل لقضية اللاجئين لن يصل الى حل عادل للقضية الفلسطينية بل يذر رماد في العيون.
ومن أجل ذلك كل من يقول ويتبنى حل الدولتين بدون ان يطرح قضية اللاجئين الفلسطنيين وحقهم في العودة في لقاء ومحادثات او خطاب وراء الميكرفون يرتكب الخطأ الكبير ولا اريد أن أستعمل كلمة أخرى أكثر حدة. وكل الزعماء العرب وقيادات الدول المختلفة الذين يتحدثون عن حل الدولتين ولا يذكروا الحل العادل لعودة لاجئي فلسطين لن يُحققوا اي حل لهذه القضية الفلسطينية الانسانية الكونية العادلة، قضية اللاجئين هي قلب ومحور القضية الفلسطينية هي نبضها قلبها روحها ارضها سماها وقمرها هي شمس هذه القضية العادلة والتي بدونها لن يكون سلام ليس فقط في الشرق الاوسط، لا بل وفي العالم أجمع.
وبمحاولات اسرائيل الاخيرة خلال حربها واجرامها في غزة وقيامها بإبادة شعب غزة من اطفال ونساء وأبرياء بحجة القضاء على حماس، هي لا تدرك بأن اجرامها سيخلق رجال فلسطين الصامدة والمقاومة والمُكافحة والذين سيكونون أقوى من العماليق الذي حاربهم يهوشع، كما أنها تعود بالتاريخ السياسي المتخلف نفسيا وعقليا وسياسيا واخلاقيا والذي لا يفكر سوى بمركزه السياسي، حتى ولو كانت سياساته ستؤدي الى هلاك مئات آلاف من البشر من الفلسطينيين وحتى من ابناء جلدته.
في حين نحن نرى الطريق الوحيد هو انهاء الحرب والوصول لعودة الاسرائليين المُختطفين وعودتهم لعائلاتهم ووقف حرب ابادة الشعب في غزة.
استمرار اسرائيل في حربها على غزة لن تؤدي الا الى الهاوية ليس فقط لسكان غزة بل ايضا لسكان اسرائيل.
إضافة تعقيب