على لسان الفنان شادي زقطان: كنا في حفلة غناء شعبية صاخبة في مخيم الأمعري، وكان أهم أعضاء فرقتنا، أبو علي طبال رام الله الشهير، فجأة هجم الجنود الغرباء على المخيم والغناء، وشرعوا يطلقون النيران، في كل مكان، هرب المدعوّون وأعضاء الفرقة. بقي شخص واحد، لكنه اختبأ خلف جدار، إيقاع إطلاق النار لم يتوقف، كذلك لم يتوقف إيقاع طبلة أبو علي. اختبأنا في بيوت قريبة وكنا نسمع ونراقب ما يحدث من النوافذ، أبو علي لم يتمكن من الهرب بسبب إعاقة في قدمه. لم نعد نعرف هل نضحك أم نخاف؟ ظل أبو علي يضرب على طبلته بنفس إيقاع الرصاص.
واستغرب الجنود الغرباء: ما هذا الصوت التي يعقب او يترافق مع صوت رصاصنا؟؟
إذا مشيتَ في رام الله في الصباح الباكر جداً، سوف ترى مشهدين: حماماً كثيراً على الأرض ورجلاً خمسينياً وحيداً يستند على حديد الرصيف، لو صبرتَ قليلاً، ووقفتَ أمام الخمسيني، سوف تُفاجأ ببضع حمامات يطرن تجاهه ويقفن على كتفيه، يقربن من أذنيه مناقيرهن، ويقلن له شيئاً.
سوف يهجم بعد قليل كلام السيارات، والمارة المسرعون والتجار والجنود أحياناً، على كتفَي الرجل، فتطير الحمامات فزِعة، يختفي الخمسيني، فينتهي كلام الأنبياء.
الخمسيني صديق الحمامات، كاتم أسرارهن، أشهر ضابط إيقاع في رام الله.
استضفتُه حديثاً ضمن ورشة فنيّة في مدرستي سابقاً، وغنّى للطلاب والمعلمين. وأسمعَنا ضبط إيقاعه على طبلة.
الخمسيني الفقير البسيط، ابن الناس لا المؤسسات، ابن اللد المحتلة، اللاجئ في مخيم الأمعري ابن أفراح المخيمات والأحياء الشعبية لا أفراح الأحياء عالية الأسوار.
الفنان الشهير بـ (أبو علي الطبال) يُسعد مدرستي أن تكرمك وتحبك وتحتفي بك.
مرحباً بك في قلوب الطلاب.
("الأيام")
إضافة تعقيب