news-details

ضحايا العمل.. حوالي 3 ملايين عامل وعاملة يموتون كل عام

أزمة عالمية تبحث عن حل:

ضحايا العمل.. حوالي 3 ملايين عامل وعاملة يموتون كل عام

 

نحو مستقبل عمل آمن وصحي

في الثامن والعشرين من شهر نيسان من كل عام يحل اليوم العالمي لمكافحة حوادث العمل، او يوم إحياء ذكرى ضحايا العمل، وقد تقرر أن يكون شعار هذا اليوم "مستقبل عمل آمن وصحي"، كما تقرر أن تجري فعاليات في جميع أنحاء العالم على مدار العام وليس ليوم واحد فقط، وذلك من اجل تعميق الوعي والتأكيد على خطورة هذه الظاهرة ومكافحتها، ومن جهتها قامت منظمة العمل الدولية التي تحتفل بالذكرى المئوية لتأسيسها ( تأسست العام 1919)، قررت أن تتناول حاضر ومستقبل السلامة والصحة في العمل، وقام خبراء المنظمة بوضع دراسة هامة أو تقرير شامل تحت عنوان "السلامة والصحة في قلب مستقبل العمل" (سوف نستعرضه في مقال قادم) يجري تقييم مائة عام من الخطوات التي قامت بها المنظمة لتحسين السلامة والصحة المهنية في العمل من جهة، والتطلع الى المستقبل وكيفية مواصلة الجهود لمواجهة هذه القضية - الازمة.

 

حوالي 3 ملايين عامل ضحايا العمل كل عام

تُشير الإحصائيات الرسمية بما يتعلق بحوادث العمل والامراض المهنية، ان عدد العمال ضحايا العمل بلغ 2,78 مليون ضحية كل عام (وفق الاحصاء الذي تم عرضه في المؤتمر العالمي للسلامة والصحة المهنية الذي عُقد في سنغافورة عام 2017)، لكن منظمة العمل تعتقد ان هذا الإحصاء غير دقيق، بسبب عدم تقديم تقارير دقيقة من قبل عدد من الدول بهذا الخصوص وتُقدر أن العدد يبلغ 3 ملايين ضحية .

كما أشار التقرير الى تصنيف  أسباب الوفاة هو كالتالي 2,4 مليون ضحية أو حالة وفاة لدى العمل هي بسبب الامراض المهنية و 380  الف وفاة نتيجة حوادث العمل القاتلة التي تقع في مواقع العمل مباشرة، ولا نكشف سرا عدما نشير أن فرع البناء له "حصة" وافرة بين هذه الحوادث.

 

374 اصابة، وخسائر فادحة للاقتصاد العالمي

إضافة الى هذا العدد الهائل لضحايا العمل، يتضح أن 374 مليون شخص عامل يتعرضون للإصابة التي تعيق استمرارهم في العمل جراء الإصابة في حادث عمل او نتيجة إصابتهم بأمراض ناتجة عن المهنة التي عملوا  فيها في سوق العمل. مما يعني أن أيام العمل التي يخسرها الإقتصاد العالمي تُمثل حوالي 4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي وفي بعض الدول تصل نسبة الخسائر الى حوالي 6 بالمائة.

بالإضافة الى هذه التكلفة الإقتصادية الباهظة التي يقوم خبراء الإقتصاد بحسابها رقمياً، لا يمكن لهم او لغيرهم تقدير كِبر وعُمق المعاناة الإنسانية للمصابين وللضحايا وأُسرهم، التي لا حصر لها والتي تسببها هذه الامراض والحوادث.

 

كل 11 دقيقة تقع ضحية

المعطيات الإحصائية بالنسبة للوفاة نتيجة الامراض المهنية ولحوادث العمل في اليوم تصل الى 7500 ضحية من العمال عالمياً، وذلك بسبب ظروف العمل غير الصحية وغير الآمنة، أي بمعدل 11 دقيقة يفقد عالم العمل والطبقة العاملة في العالم عاملاً في مكان ما. ويشكل هذا العدد نسبة 5,7 % من الوفيات على الصعيد العالمي، ومن بين ال 7500ضحية يتضح ان 6500 ضحية يموتون يومياً من الأمرض المرتبطة بالعمل، و1000 ضحية يموتون يومياً من حوادث العمل المباشرة في مواقع العمل.أي ما نسبته 86,3 % من المتوفين من امراض المهنة 13,7 % نتيجة حوادث العمل المباشرة في مواقع العمل. فأقل ما يُمكن ان يقال عن هذا الوضع هو أنها مأساة عالمية وأزمة فادحة يدفع ثمنها العمال أبناء الطبقة العاملة على اختلاف مهنهم.

 

مستقبل رمادي ومخاوف جديدة

واضح أن هذه المعطيات تؤكد على ان الوضع ما زال في إطار الخطورة اليومية لكل عامل وعاملة يخرج الى العمل، وفي كل مهنة يعمل بها، لكن ما لم يجر التأكيد عليه هو أن حوالي 40 بالمائة من الحوادث وأمراض المهنة ناتجة عن ظاهرة العمل المُفرط او ما يسمى علميا "الإدمان على العمل"، وأن اكثر حوادث العمل ناتجة عن عوامل بشرية، ومنها نقص المعرفة والإهمال، مما يؤكد لنا أنه لو قام أصحاب العمل خاصة بتوفير وسائل الوقاية وتوفير المعلومات والتدريب للعمال بالإمكان تقليص هذه الظاهرة الخطيرة.

وبالرغم  من قيام منظمة العمل الدولية وفق تصريح لمديرها العام غاي رايدر أنه :"ما يقرب من نصف أدوات منظمة العمل الدولية السارية بشكل مباشر أو غير مباشر بقضايا الصحة والسلامة المهنية..".

الا أن الوضع ما زال خطيراً خاصة وأن هناك العديد من الدول لم تصادق حتى الآن على اتفاقيات المنظمة بشأن السلامة والصحة المهنية، مما يعني ان هذه الدول لا تتقيد بالحد الادنى من الانظمة المطلوبة للوقاية ولح ماية العمل لديها من خطورة الوضع في العمل.

وعليه وضمن الوثائق الصادرة بهذه المناسبة، أي اليوم العالمي للسلامة والصحة المهنية، يجري إبداء مخاوف جديدة، ومستقبل رمادي بما يتعلق بموضوع السلامة والصحة المهنية في العالم، خاصة على ضوء التغييرات الجارية في سوق العمل للمستقبل القريب والبعيد على حدٍ سواء، وتجري الإشارة في هذا السياق الى المتغيرات في مجال التكنولوجيا الرقمية وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات وعمل المنصات والأتمتة والروبوتات والديمغرافيا والعولمة وتغير المناخ وغيرها من العوامل التي تؤثر على دناميات السلامة والصحة وطبيعة المهن في هذا المجال.

وأخيراً لا بد من الإشارة الى حقيقة أنه وبالرغم من النشاطات التي قامت بها منظمة العمل الدولية على مدار قرن من الزمن، لكن ومما "يؤسف له ووفق ما ثبت في الأبحاث والممارسات على مدار القرن الماضي، مراراً وتكراراً، هذه المعاناة يمكن الوقاية منها الى حد كبير، وهذا لم يحدث حتى الآن.." .

وعليه  إننا نتوجه لكل عامل مهما كانت مهنته، أن يأخذ بالحسبان دائماً ضرورة التقيد بوسائل السلامة والامان والصحة والوقاية في مكان عمله، وان هناك من ينتظره في بيته ويريد أن يعود له سالماً، وعليه من الضروري الالتزام بهذه الوسائل في مكان العمل كي لا نخذل من ينتظرنا في بيتنا، أي عائلاتنا وأولادنا وأهلنا.

وعلينا التذكير بأن لا نُفرط في العمل ساعات طويلة، وان لا نُفرط في قضاء ساعات طويلة من السهر بالمناسبات الاجتماعية، وأن نتذكر أننا سنخرج صباح الغد الى العمل وهذا يحتاج منا الراحة والتركيز، فلا ضير علينا لو أخذنا الراحة الكافية . وأما أصحاب العمل فلا بد من التأكيد أنهم يتحملون القسم الاكبر من أسباب وقوع الحوادث وذلك في ظل الإغفال القائم من قبل سلطات الرقابة والعقاب الحكومية.

 

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب