news-details

عام على الحرب على غزة- مركز عدالة: تعميق الأبرتهايد وتقويض مواطنة فلسطينيي الداخل

حيفا – الاتحاد – أصدر عدالة – المركز القانوني لحقوق الأقلية العربية في إسرائيل وثيقة بعد مرور عام على اندلاع الحرب، جاء فيها:

تواجه المنطقة دمارًا واسع النطاق، وأزمات إنسانية وحقوقية مروعة. بعد هجوم حماس في 7 تشرين الأول 2023، الذي أسفر عن مقتل أكثر من 1,200 شخص وأخذ أكثر من 250 رهينة، أدى العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة إلى استشهاد أكثر من 41,600 فلسطيني، وإصابة حوالي 100,000، وتشريد ما يقارب 2 مليون من سكان القطاع. هذا الهجوم الوحشي دمر المجتمع الفلسطيني حيث تم إبادة عائلات بأكملها وأصبحت غزة تحت الأنقاض. وفي الأسابيع الأخيرة، كثفت إسرائيل هجماتها على لبنان، مما أسفر عن استشهاد أكثر من 2,000 مواطن لبناني منذ بداية الحرب على غزة. في كانون الثاني 2024، وجدت محكمة العدل الدولية أن ادعاء جنوب أفريقيا بأن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في غزة معقولًا وأمرت باتخاذ تدابير مؤقتة تلزم إسرائيل بوقف قتل المدنيين، وتقديم المساعدات الإنسانية، والتحقيق ومقاضاة المسؤولين على الإدلاء بتصريحات تحريضية على الإبادة، وغير ذلك. بالرغم من ذلك، تجاهلت إسرائيل هذه الإجراءات المؤقتة.

كشفت الحرب بوضوح هشاشة حقوق المواطنين الفلسطينيين في الداخل وعمق التمييز المترسخ، حيث غالبًا ما تعاملهم الدولة، وفي نواح عديدة، كأعداء. المواطنة أصبحت مشروطة وأقل شأنا على نحو متزايد منذ بداية الحرب، كما يتضح من خلال سن القوانين والسياسات العنصرية - مثل سياسة فرض حظر كامل على الحق في الاحتجاج، والذي يطبق حصريًا على المدن الفلسطينية؛ واحتجاز جثامين الشهداء كورقة مساومة؛ واعتقال وتجريم أو تقديم تهم للجان طاعة ضد طلاب وعمال ومحامين ونشطاء بسبب تعبيرهم عن خطاب سياسي شرعي على وسائل التواصل الاجتماعي احتجاجًا على الحرب والإبادة الجماعية في غزة.

منذ بداية الحرب، وسعت إسرائيل سياستها في احتجاز جثامين الفلسطينيين كورقة مساومة. صادق المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية (الكابنيت) مؤخرًا على الاستمرار في احتجاز جميع جثامين المواطنين الفلسطينيين في الداخل، الذين تزعم أنهم نفذوا عمليات إرهابية، حتى يتم اتخاذ قرار حكومي بشأن سياسة أوسع. حاليًا، تحتجز إسرائيل جثامين سبعة من المواطنين الفلسطينيين للضغط من أجل إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين والجثامين التي تحتجزها حماس في غزة. هذه السياسة المتمثلة في احتجاز جثامين الفلسطينيين، سواء كانوا من سكان الأراضي الفلسطينية المحتلة لعام 1967 أو داخل الخط الأخضر، تنتهك القوانين الدولية، وتعتبر شكلًا من أشكال الإهانة والتعذيب، وتحرم الفلسطينيين من الحق الأساسي في الدفن بكرامة.

على مدار العام الماضي، مثل مركز عدالة عائلات مواطنين فلسطينيين من الداخل تحتجز إسرائيل جثامينهم، مطالبًا استرجاعهم، بما فيهم أولئك الذين قُتلوا على أيدي قوات الأمن الإسرائيلية والأسير الشهيد وليد دقة الذي توفي داخل السجن. نجح عدالة من خلال الإجراءات القانونية في تحرير جثامين اثنين من المواطنين الفلسطينيين. يواصل عدالة تمثيل عائلات خمسة آخرين من المواطنين الفلسطينيين.

في 30 أيلول 2024، رفضت المحكمة العليا التماسًا قدمه مركز عدالة نيابة عن عائلة الأسير وليد دقة، مصادقة على قرار الحكومة باحتجاز جثمانه. توفي دقة، وهو من مواليد باقة الغربية، في السجن في 7 نيسان 2024 بعد أن أمضى 38 عامًا في السجون الإسرائيلية. وكان من المقرر أن يطلق سراحه في آذار 2025، لكنه توفي بعد صراع مع مرض السرطان جراء الإهمال الطبي المتعمد الذي تتبعه إدارة سجون الاحتلال بحق الأسرى المرضى. مارس دقة الكتابة وهو في الأسر، وصدرت له مؤلفات عديدة توثق تجربته داخل السجون الإسرائيلية، وأصبح أبا بعد أن هرب نطفة إلى خارج السجن. منح قرار المحكمة العليا الموافقة القضائية على هذه الممارسة الحكومية، حيث قارن بين حق المتوفى وأسرته في دفنه بكرامة وبين ما يسمى بمصالح الشعب اليهودي، مستشهدًا بقانون الدولة القومية لليهود في إسرائيل لعام 2018، مفضلًا بشكل لا لبس فيه مصلحة الأخير. يعكس هذا القرار أيديولوجية عنصرية عميقة، تعزز إطارًا تمييزيًا بشكل صارخ لا يقوّض المساواة للمواطنين الفلسطينيين فحسب، بل يرسل أيضًا رسالة شديدة الخطورة إلى الجمهور الإسرائيلي، مفادها أن المواطنين العرب أعداء.

 

/سياسة الأبرتهايد في قمع حرية التعبير في الداخل

كثفت السلطات الإسرائيلية خلال العام الماضي قمعها لكل أشكال حرية التعبير في الداخل الفلسطيني – سواء في المظاهرات أو عبر الإنترنت – كجزء من سياسة تمييزية أوسع تستهدف المواطنين الفلسطينيين. قامت الشرطة الإسرائيلية باعتقال واحتجاز المتظاهرين وكذلك مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، متهمة العديد منهم بموجب قانون مكافحة الإرهاب لعام 2016 بـ "دعم الإرهاب" أو "التحريض على الإرهاب". مثل مركز عدالة متظاهرين في حوالي 50 قضية اعتقال على خلفية ممارستهم حقهم في حرية التعبير.

 

تُظهِر بيانات الشرطة أنه في الفترة من 7 تشرين الأول 2023 إلى 1 أيار 2024، قدمت الدولة 162 لائحة اتهام بـ "التحريض على الإرهاب". على سبيل المقارنة، على مدى خمس سنوات بين عامي 2018 و2022، تم تقديم 84 لائحة اتهام فقط. بالإضافة، أصدر القضاة أحكامًا قاسية على جرائم متعلقة بحرية التعبير، حيث تصل مدة الحكم إلى 18 شهرًا في السجن. تحتجز مصلحة السجون الإسرائيلية الأفراد المتهمين بموجب قانون مكافحة الإرهاب في "أجنحة أمنية"، حيث يعاني الأسرى الفلسطينيون من ظروف مزرية وانتهاكات ممنهجة، بما في ذلك الإهانات اللفظية، والعنف الجسدي، والتهديدات بالاعتداء الجنسي. يستهدف هذا التجريم لحرية التعبير بشكل شبه حصري المواطنين في الداخل الفلسطيني والسكان الفلسطينيين في القدس المحتلة، في حين لم يتم اعتقال إسرائيليين يهود تقريبًا بسبب التحريض على الإبادة الجماعية في غزة أو خطاب الكراهية ضد الفلسطينيين، على الرغم من انتشار مثل هذه التعابير والتصريحات العنصرية في الحيز العام في إسرائيل.

في قضية تجسد السياسة التمييزية الواسعة المتمثلة في الاعتقال المطول لمواطنين عرب بتهم تتعلق بحرية التعبير، تم اعتقال المحامي أحمد خليفة والسيد محمد جبارين، وهما ناشطان من مدينة أم الفحم، لمدة أربعة وثمانية أشهر على التوالي لمشاركتهما في مظاهرة وترديد هتافات ضد الحرب على غزة في 19 تشرين الأول 2023. وقد وُجِّهت إليهم تهم "التحريض على الإرهاب" و"التماهي مع منظمة إرهابية" بموجب قانون مكافحة الإرهاب. عانى خليفة وجبارين من ظروف احتجاز قاسية ولا إنسانية في السجون الإسرائيلية، تعرضوا فيها لممارسات مذلة وعنيفة من قبل مصلحة السجون. مثل مركز عدالة كل من أحمد خليفة ومحمد جبارين في المحكمة، وتم إطلاق سراحهما لاحقًا بشروط صارمة. أُطلق سراح خليفة في شباط 2024، وتبعه جبارين في حزيران 2024.

تمتد حملة القمع ضد المواطنين العرب إلى المؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية التي أرسلت، في إجراءات غير مسبوقة، إخطارات بالإيقاف أو الطرد إلى حوالي 160 من الطلاب الفلسطينيين بسبب التعبير عن تضامنهم مع غزة أو معارضتهم للحرب على وسائل التواصل الاجتماعي. مثل مركز عدالة 95 طالبًا وطالبة من 36 مؤسسة أكاديمية إسرائيلية في جلسات تأديبية. نجح عدالة في تبرئة 37 من الطلاب الذين مثلهم المركز، فيما فرض على 17 "عقوبات تعليمية" مثل التوبيخ، والاعتذار الإلزامي، والمشاركة في الدورات التعليمية، بينما تم طرد أو إبعاد 35 طالبًا وطالبة. كما بادرت نقابة المحامين في إسرائيل إلى اتخاذ إجراءات تأديبية لإيقاف محامين عرب عن العمل بسبب مقالات أو منشورات معارضة للحرب. يمثل مركز عدالة حاليًا ثلاثة محامين عرب أمام نقابة المحامين، وقد نجح في إلغاء شكوى كانت قد رفعت ضد محامية أخرى. فضلًا عن ذلك، تم فصل العديد من العرب من أماكن عملهم بسبب التعبير عن آرائهم السياسية. على الرغم من حملة القمع الواسعة النطاق ضد حرية التعبير للمواطنين العرب، فإن الطلاب والمحامين والعمال والقادة السياسيين اليهود الإسرائيليين لم يعاقبوا على التحريض ضد الفلسطينيين.

 

/السياسات العنصرية في عهد الوزير العنصري بن غفير

قاد وزير الأمن القومي العنصري إيتامار بن غفير وشجع إلى حد كبير على حملة الاعتقالات والاتهامات ضد المواطنين العرب. فقد عمل بن غفير، الذي مُنح صلاحيات واسعة على الشرطة الإسرائيلية ومصلحة السجون من خلال "قانون بن غفير" لعام 2022، على تصعيد السياسات العنصرية منذ بداية الحرب. وفي نيسان 2023، قدم مركز عدالة التماسًا إلى المحكمة العليا نيابة عن لجنة المتابعة للجماهير العربية يطعن فيه بهذا القانون.

منذ بداية الحرب، فرضت الشرطة، تحت قيادة بن غفير، حظرًا تامًا على الحق في الاحتجاج في المدن والقرى العربية. ردًا على ذلك، قدم عدالة التماسًا للمحكمة العليا نيابة عن الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة والحزب الشيوعي، مطالبًا بالسماح بتنظيم مظاهرات ضد الحرب في مدينتي أم الفحم وسخنين. لكن المحكمة رفضت الالتماس، وقبلت بحجة الشرطة التي ادعت بأنها تفتقر إلى العدد الكافي من رجال الشرطة لمنع إخلال مرتقب بالنظام العام. في وقت لاحق، قدم عدالة التماسًا آخر، نيابة عن لجنة المتابعة العليا، للطعن في سلوك الشرطة العنيف وعرقلة وتقييد الاحتجاجات المناهضة للحرب في مدينة الناصرة، إلا أن المحكمة رفضت أيضًا هذا الالتماس. في حين حظرت الدولة المظاهرات التي نظمها المواطنون العرب، فقد سمحت المحكمة العليا للمواطنين اليهود بتنظيم احتجاجات ضد الحرب.

لقد حرّض بن غفير مرارًا وتكرارًا ضد المواطنين العرب، وأشاد علنًا بقمع الشرطة العنيف للاحتجاجات المناهضة للحرب في حيفا وأم الفحم في أكتوبر 2023 وبسياسة "عدم التسامح" تجاه ما وصفه بـ "دعم الإرهاب". كما وافق على لوائح تخفف القيود المفروضة على حيازة الأسلحة النارية، مما يسمح لـ 400 ألف مواطن إضافي - معظمهم من اليهود الإسرائيليين - بالحصول على أسلحة، مما يعرض حياة الفلسطينيين للخطر. كانت هذه الخطوة من أولويات بن غفير منذ توليه منصب وزير الأمن القومي، وهي ترافق مساعيه لإنشاء "حرس وطني" مدني مدجج بالسلاح تحت قيادته المباشرة. يستهدف هذا الحرس الوطني على نحو صريح المواطنين العرب- "مواطني البلاد الذين يتماهون مع العدو"- كما اعترف علنًا عضو حزب القوة اليهودية ووزير التراث عاميحاي إلياهو.

كما أنشأ بن غفير في شباط 2023 وحدة متخصصة لـ "مكافحة التحريض على الإرهاب عبر وسائل التواصل الاجتماعي"، والتي تراقب النشاط على وسائل التواصل الاجتماعي، وتوصي بالاعتقالات وتبلغ عن المحتوى لإزالته.

لقد أظهر العام الماضي تراجعا مقلقًا في مكانة المواطنة للفلسطينيين في إسرائيل، حيث استمرت الدولة بسن وتنفيذ القوانين والسياسات والممارسات التمييزية ضدهم. منذ بداية الحرب، أصبحت حقوق المواطنين العرب أكثر هشاشة ومشروطة بشكل متزايد بسبب استمرار حملة القمع السياسية، والتي تفاقمت في أعقاب الصلاحيات الواسعة الممنوحة للوزير العنصري بن غفير. وفي الوقت نفسه، فشلت الدولة في التحقيق مع أو مقاضاة المواطنين اليهود الإسرائيليين بتهمة التحريض المتزايد على العنف ضد الفلسطينيين. تقوّض هذه التطورات جوهر المواطنة وحقوق الإنسان للفلسطينيين في الداخل، وتشكّل تحذيرًا صارخًا لما يحمل المستقبل.

 

 

 

 

 

 

  

 

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب