في عصرنا الحالي عصر هيمنة القطب الواحد الأمريكي – الصهيوني العالمي، الشعب الفلسطيني صاحب القضية العادلة الإنسانية الكونية يعاني من حرب إبادة شعب تشنها إسرائيل على الشعب الفلسطيني في غزة وفي الفترة الأخيرة أيضا على الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية المحتلة والتي أيضا تعاني من حرب إرهابية استيطانية كولونيالية صهيونية عنصرية تهدف الى تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه ووطنه وطن الآباء والأجداد.
ويجري هذا في عالم أصبحت فيه الولايات المتحدة التي أطلق عليها القائد العظيم توفيق زياد أسم رأس الحية، الى ذنب الحية لا بل مؤخرة الحية التي تُلبي كل احتياجات الحركة الصهيونية العالمية وعلى رأسها منظمة ايباك، وتلبي كل الاحتياجات السياسية والاقتصادية والإعلامية والاستخباراتية والارهابية لحكومة اليمين العنصري الصهيوني الشوفيني حكومة نتن ياهو. لدرجة أصبح حتى رئيس الولايات المتحدة الأمريكي الحالي بايدن الصهيوني لا يستطيع أن يقول أو يفرض على إسرائيل وقف الحرب الاجرامية على غزة لا بل يستعمل حق النقض الفيتو ضد قرارات الأمم المتحدة والتي دعت الى وقف حرب إبادة الشعب الفلسطيني في غزة.
والأسوأ من ذلك تمارس دور الوسيط سوية مع أنظمة عربية مُستسلمة لا بل وحتى متآمرة ضد الشعب الفلسطيني. ولكن على أرض الواقع تُقدم الدعم العسكري اللامحدود لإسرائيل والتي ترتكب جرائم إبادة الشعب الفلسطيني في غزة بسلاح امريكي، وتأتي هذه الدولة " المارقة" لا بل صاحبة السجل الأسود عبر التاريخ وتتحدث عن تقديم المساعدات الإنسانية لسكان غزة.
لو كانت الولايات المتحدة معنية بإيقاف الحرب على غزة لقامت هي وبريطانيا بإيقاف الدعم العسكري والاقتصادي والسياسي لحكومة اليمين الفاشي في إسرائيل.
ولكن برأيي هدف الحرب على غزة ليس الانتصار على تنظيم حماس لا بل تغيير خارطة الشرق الأوسط، وتهجير الشعب الفلسطيني من غزة ومن الضفة الغربية وفرض الهيمنة المطلقة الامريكية الصهيونية على منطقة الشرق الأوسط والقضاء على كل احتمال للسلام في الشرق الأوسط من خلال حل الدولتين، وتصريحات بعض المسؤولين في الولايات المتحدة بأنهم يدعمون هذا الموقف هي تصريحات ديماغوغية إعلامية كاذبة، لان من يريد حل الدولتين لا يدعم حرب الإبادة في غزة، ولا يصمت ولا يفعل أي شيء ضد ممارسات الصهيونية اليمينية الشوفينية الإرهابية في الضفة الغربية.
ونحن نعيش في زمن امبريالي صهيوني لا مكان فيه الا للزيف المغلف، والتهادُن والتآمر والتطبيع من تحت الطاولة مع ارهابيي عصرنا الامبريالية الامريكية والصهيونية العالمية ومع كل هذا الوضع الصعب لا بل الكارثي لا بل النكبة الجديدة التي يعاني منها الشعب الفلسطيني لا بل الليل الدامس، كاتب هذه السطور مقتنع جدليا بان شمس حرية الشعب الفلسطيني لا بد وان تشرق وظلام الامبريالية والصهيونية العالمية لا بد وان يزول.
لقد عانى ويعاني الشعب الفلسطيني من الإرهاب الصهيوني على مدى أكثر من قرن. فمنذ قيام الحركة الصهيونية في نهاية القرن التاسع عشر والشعب الفلسطيني ضحية للإرهاب الصهيوني الإنجليزي الأمريكي.
بدون دعم الغرب الامبريالي الصهيوني العالمي المطلق لسياسات إسرائيل العدوانية الإرهابية لما استطاعت إسرائيل ان تبقي احتلالها لكامل فلسطين – فردوسنا المفقود – واحتلال أجزاء من الأردن وسوريا ولبنان الى يومنا هذا.
وهنا اريد أن اذكر دور الولايات المتحدة في الحرب الاستباقية العدوانية – نكسة عام 1967- حيث أعلنت الولايات المتحدة دعمها الكامل لإسرائيل قبل الحرب. وهذا ما دفع سفير الاتحاد السوفييتي في ذلك الوقت الى اجراء لقاء عاجل مع الرئيس جمال عبد الناصر في يوم 27 – 5 – 1967، حيث نصح السفير السوفييتي الرئيس عبد الناصر بعدم قيام مصر ببدء العمليات الحربية مع إسرائيل. الا ان الرئيس عبد الناصر كان لا يزال يتخذ أسلوب الهجوم الإعلامي والسياسي، ولكن ليس بدرجة الوصول الى مواجهة عسكرية فعلية وللأسف في اليوم التالي لهذا اللقاء أي بتاريخ 28-5-1967 تم أسر عربه استطلاع مصرية من قبل إسرائيل وكانت هذه العربة تحمل اثنين من قادة كتائب مدفعية الميدان والمضادة للطائرات، ورئيس عمليات اللواء مشاه اثناء استطلاع منطقة العودة في نطاق الأمن الأمامي، نتيجة الإهمال وعدم المبالاة. وحصلت إسرائيل بسبب هذا الإهمال وعدم المبالاة على معلومات عن القوات المصرية ورغم هذا الإهمال واصل المشير عبد الحكيم عامر القيام بعمليات تعرضية وتحويل اغلب القوات المصرية الى المحور الجنوبي (أي جنوب سيناء) وارتكبت بعد ذلك أخطاء كثيرة من قبل القيادة العسكرية والمخابرات المصرية قبل عدوان 67.
وفي هذا السرد أردت أن أصل الى ما جرى في اجتماع القيادة العسكرية المصرية المشير عبد الحكيم عامر وشمس بدران وآخرين، وبحضور الرئيس جمال عبد الناصر وفي هذا الاجتماع بدأ عبد الناصر الحديث محللا الموقف السياسي العالمي، ثم الموقف السياسي والعسكري داخل إسرائيل. كما أشار الى الراي العام العالمي، وخص بالذكر اتجاه الولايات المتحدة من حيث احتمال تقديمها مساعدة مباشرة لإسرائيل في حال تعرض امنها العسكري للخطر. وأنهى الرئيس حديثه التحليلي بالتأكيد على قيام إسرائيل بالضربة الوقائية (وكانت ضربة قاضية للجيش المصري ومصر وليست ضربة وقائية خ.ا.). بعد أن انهت إجراءاتها الداخلية المعتادة وأشار في هذا الصدد الى تجربة 1956، وتوقع عبد الناصر أن تبدأ الحرب خلال يومين او ثلاثة على الأكثر أي في يوم 4 أو 5 يونيو، الا انه عاد فأكمل حديثه الذي كان أقرب الى تأكيد انذاري بأن إسرائيل ستبدأ هجومها يوم 5 يونيو (كتاب حرب الثلاث سنوات – تأليف الفريق اول محمد فوزي).
وخلال الاجتماع تطورت المناقشة التي اشترك فيها الرئيس والمشير (عبد الحكيم عامر د.خ) والفريق اول صدقي محمود الى استحسان ملاقاة الضربة الجوية من إسرائيل أولا، بدلا من فقد عطف العالم وخاصة الولايات المتحدة الامريكية، والتي قدر الرئيس عبد الناصر احتمال دخولها الى جانب إسرائيل في حال قيامنا بالضربة الأولى، كما انها ستقوم بتسجيل وفضح اعتدائنا على إسرائيل، وما سيترتب على ذلك من موقف سيء بالنسبة لنا عالميا". (حرب الثلاث سنوات 1967 – 1970 – الفريق اول محمد فوزي ص 136).
"وفي آخر المناقشة تم الاتفاق على اتخاذ الإجراءات الوقائية الضرورية في قواتنا الجوية، للتقليل من تأثير الضربة الجوية الأولى من إسرائيل، وتوفير القدرة لها لشن ضربة جوية مضادة". (نفس المصدر – ص – 136).ولكن الحرب الاستباقية العدوانية لإسرائيل على الدول العربية، والتي تمت بتنسيق سياسي عسكري اقتصادي مع الولايات المتحدة الامريكية ، الصهيونية حققت أهدافها واستطاع الطيران الحربي الإسرائيلي تدمير طائرات القوات الجوية المصرية بنسبة 85% خلال الساعات الأربع الأولى من بدء العدوان الإسرائيلي على مصر في الساعة 8,40 يوم 5 / 6 / 1967.
لقد "وضعت إسرائيل خطة أطلقت عليها اسم "كولمب" على أساس خروج الطائرات الإسرائيلية من المطارات الرئيسية الخمسة داخل إسرائيل الى ارتفاع منخفض جدا، من 30 الى 50 مترا فوق سطح البحر، متجهة غربا فوق مياه البحر الأبيض المتوسط الى نقطة ما تمركزت فيها سفينة الارشاد والتوجيه والتشويش "ليبرتي" الامريكية وكانت هذه السفينة مجهزة بأجهزة الكترونية حديثة لالتقاط الإشارات اللاسلكية على قنوات وترددات كثيرة في المنطقة، ومدى عملها يصل الى 500 ميل، وأجهزة توجيه الكترونية من اتجاهات بحرية وأرضية دقيقة جدا وأجهزة تداخل وتشويش لا سلكية على قنوات وترددات متعددة، وأجهزة الكترونية لفك وحل أي شفرة كودية، وأجهزة اتصال دولية تربطها مع قيادتها في الولايات المتحدة الأميركية، والتنسيق مع قيادة القوات الجوية الإسرائيلية وذلك في اتصال كودي دائم". (نفس المصدر ص 151).
لقد كان التدخل والمشاركة المباشرة للولايات المتحدة في حرب إسرائيل العدوانية الاستباقية ضد الدول العربية مصر وسوريا والأردن واحتلال الضفة الغربية وقطاع غزة، دور حاسم وليس الدور الوحيد في حسم الحرب لصالح إسرائيل. ومنذ قيام دولة إسرائيل لا بل وقبل قيامها حصلت إسرائيل على مساعدات مالية واقتصادية وعسكرية بما بفوق الآلاف مليارات الدولارات وذلك لكونها القاعدة الأمامية للإمبريالية العالمية في منطقة الشرق الأوسط.
وهنا اريد ان اذكر بأن تاريخ الإرهاب الصهيوني، المدعوم أمريكيا تنوع ما بين القتل والاغتيال والاعتقال والتهجير والتشريد وهدم المنازل واقتلاع المحاصيل وهدم البنية التحتية الاقتصادية والصحية، والمدارس والمستشفيات والتجويع وقتل الأبرياء من أطفال ونساء، وما يجري في غزة الآن هو استمرار للإرهاب الصهيوني وبدعم امريكي المستمر على مدى أكثر من قرن ضد الشعب العربي الفلسطيني. ومن يقوم بهذه الجرائم ضد الإنسانية لا بد وان يحاسب ويحاكم بمجرم حرب ولا بد أن يسجل في صفحات التاريخ الى جانب لا بل في نفس صفحة النازية والفاشية وسيلقى بهم الى مزبلة التاريخ سوية مع الايديولوجية الصهيونية العنصرية الشوفينية.
وأود ان أشير الى ان من يقول بان الصراع ما بين الحسينية واليزيدية هو صراع بلا نهاية، في عصرنا الحاضر، العصر الامبريالي عصر اضطهاد الشعوب المظلومة وخاصة الشعوب العربية والشعب الإيراني، هذه الاقوال تساعد على تمزيق شعوب الشرق العربي والإسلامي وتخدم الامبريالية والصهيونية العالمية والرجعية العربية.
وفي النهاية النصر للقضية العادلة للشعب الفلسطيني والطريق الوحيد للخروج من ظلم الحاضر وظلام الحاضر هو السلام العادل والدائم، من خلال احقاق الحقوق العادلة للشعب الفلسطيني من خلال إقامة دولته المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس وعودة اللاجئين.
وسنبقى نردد سلام الشعوب بحرية وحق الشعوب.
إضافة تعقيب