ربما يكون تعبير الكاتب البريطاني "روبرت فيسك" تعبير واضح ولكن غير كامل حول علاقة الغرب بإسرائيل.. يقول فيسك في جملة واضحة: "ان قادة الغرب جبناء" وأضيف لا بل أكثر من ذلك فطبقة رأس المال الغربي الامبريالي مُختطفة من قبل اللوبي الصهيوني العالمي وخاصة الأمريكي.
يقوم الغرب الامبريالي بقيادة الولايات المتحدة الامريكية بتحديد شكل الاحداث وتخلق الصراعات والحروب المحلية في جميع انحاء وزوايا الكرة الأرضية. وما من مكان ينطبق عليه هذا الكلام مثل انطباقه على الشرق الأوسط والأدنى الممتلئين بعدم الاستقرار المُزمن والمنطوي على قدر هائل من الأهمية الاستراتيجية.
الامبريالية الامريكية والغربية والصهيونية تهدف الى السيطرة والهيمنة على دول وشعوب الشرق الأوسط والأدنى. وهذا الأمر ينطوي على خطورة كبيرة بالنسبة لشعوب الشرق الأوسط والادنى، ولذلك مهم جدا أن نقف على حقيقة القوى التي تُحرك سياسة الغرب الامبريالي وخاصة الولايات المتحدة في الشرقين الأوسط والادنى.
بعد مرور أكثر من سنة على حرب إبادة الشعب الفلسطيني في غزة، والآن الحرب على لبنان يُطرح السؤال لماذا تلتزم إدارات وحكومات العالم الغربي الامبريالي الصمت او ممارسة سياسة الكيل بمكيالين تجاه ما تقوم به إسرائيل من جرائم حرب مستمرة، جريمة ضد الإنسانية، وتحاول تزييف الواقع والهروب من الحقيقة من خلال تأويل الواقع بأن هذه الحرب ضد حركة حماس. في حين أن ما يجري على ارض الواقع هي حرب إبادة شعب من أطفال ونساء وأبرياء. ان قادة الغرب الامبريالي يتسابقون من أجل النفاق لإسرائيل في العديد من المناسبات، يكفي أن نذكر الاستقبال الاحتفالي لرئيس حكومة الحرب والإرهاب من قبل الغالبية الساحقة من أعضاء الكونغرس الأمريكي.
كاتب هذه السطور وبرأيي الغالبية الساحقة من الشعوب حول العالم تُدين المحرقة التي قامت بها النازية خلال الحرب العالمية الثانية، وهذه الجريمة كانت بحق اليهود وليست بحق إسرائيل، وليس مفهوما او مقبولا أن تتحول مناسبة ذكرى المحرقة الى تظاهرات تضامن مع إسرائيل، وكأن ادانة المحرقة تتطلب بالضرورة تأييد إسرائيل التي ترتكب جرائم حرب ضد الشعب الفلسطيني على مدى عقود وخاصة عام النكبة عام 1948.
وما يجري الآن في غزة يُذكرني بما قاله الزعيم الكوبي فيدل كاسترو جسورا حين وصف ما قامت به إسرائيل عام 2008 في غزة بأنها مثل المانيا النازية.
قال كاسترو:"ان الصليب المعقوف أصبح علم إسرائيل وان إسرائيل لن تتردد في ارسال مليون ونصف المليون رجل وامرأة وطفل في غزة الى أفران الغاز كما فعل هتلر مع ملايين اليهود في المانيا النازية".
ثم أوضح كاسترو:"انني لا أكره اليهود، وقد تضامنت بلادي معهم في الحرب العالمية الثانية واستضافت كوبا عددا من الناجين اليهود... لكنني أرى بالمقابل أن ما يجري في فلسطين يماثل ما جرى لليهود... انها إبادة... وللأسف فان العالم سينشغل بمونديال ال 2008 عن محرقة ال 2008". (يقصد الحرب على غزة سنة 2008).
وهذا ما يجري في غزة الآن في حين العالم الغربي كان مشغولا في أولمبياد فرنسا في الفترة الأخيرة ومشغولا بالانتخابات الامريكية التي ستختار "القناع" الصهيوني " الديمقراطي" أم "القناع" الصهيوني "الجمهوري" فانتخابات الولايات المتحدة الامريكية هي اختيار هذا القناع أو ذاك، وليس تغيير الوجه.
لأن الوجه يبقى صهيونيا "داعما" لسياسات إسرائيل العدوانية الإرهابية ضد الشعب الفلسطيني وضد شعوب الشرق الأوسط والادنى. وهنا أذكر ما جرى لرئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، ايهود أولمرت عندما قام بزيارة جامعة شيكاغو بهدف القاء محاضرة استقبله طلاب الجامعة بالأحذية. وكتب أحد الطلاب "على جامعتي أن تخجل من دعوة مجرم حرب". وحين تحدث آنذاك مسئول الجامعة مهدئا الطلاب ومبررا الدعوة بأنها من أجل أن يُجيب أولمرت على أسئلة طلاب الجامعة... قال الطلاب: "عليه أن يُجيب على الأسئلة لكن ليس في هذه القاعة ... بل في محكمة العدل الدولية في لاهاي.".
وهذا الامر ينطبق على رئيس الحكومة الحالي الذي استقبل بحفاوة بالغة في الكونغرس الأمريكي. في حين كان يجب ان يجري التحقيق معه حول جرائم الحرب التي يرتكبها في غزة، أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي، هذه المحكمة والتي على مدى عدة شهور لم تتخذ قرارا بخصوص جرائم الحرب التي ترتكبها إسرائيل في غزة بسبب ضغوط الدول الامبريالية الغربية والصهيونية العالمية، على المحكمة الدولية في لاهاي والتي تتردد في اتخاذ هذه الخطوة الإنسانية، وهي محاكمة مجرمي الحرب في حكومات إسرائيل.
على النشطاء الرافضين لسياسات الحكومات الامبريالية الغربية القيام بمحاولات عديدة ومتكررة من أجل الملاحقة القضائية لمجرمي الحرب في إسرائيل.
إن استمرار سياسة إسرائيل العدوانية الإرهابية واستمرار حرب إبادة الشعب الفلسطيني في غزة والحرب على لبنان والحرب والعدوان على فلسطينيي الضفة الغربية المحتلة، والتي يستمر فيها حتى الآن وبشكل مدروس ومُمنهج صهيونيا، واستمرار الاستيطان الكولونيالي الشوفيني، يُظهر الوجه الحقيقي لإسرائيل والتي أصبحت دولة أبرتهايد مثل جنوب افريقيا سابقا.
وكذلك أصبحت دولة منبوذة من قبل العديد من شعوب ودول العالم بسبب سياسات حكومة إسرائيل وخاصة الآن بعد الدعم المطلق لرجال الدين اليمينيين الصهاينة الذين افسدتهم الرذائل والعنصرية والشوفينية والمال، ويتخفون وراء تشدد ديني خرافي كاذب ومنافق وارهابي صهيوني، صُنعوا في بروكلين ويتلقون المال من اليمين الصهيوني العالمي خاصة في الولايات المتحدة وبريطانيا، وعملوا ويعملون أفعالهم الإرهابية في المسجد الأقصى وفي الضفة الغربية والخليل وغزة لا بل في كل فلسطين وعلموا الحقد والكراهية والبربرية من أمثال بن غفير وسموتريش وغيرهم.
الصهيونية أخطبوط عنصري شوفيني عالمي مبني على أساطير وخرافات يجب مكافحته ومكافحة معاداة السامية. ففشل الاخطبوط الصهيوني وفشل الأيديولوجية العنصرية الشوفينية المُتغطرسة والتي ترتكب جرائم حرب من خلال حكومة إسرائيل اليمينية العنصرية في غزة ولبنان ستُضعف لا بل ستُؤدي الى انحسار لا بل فشل مفاهيم معاداة السامية.
قرأت في أحد مواقع التواصل الاجتماعي بأن معاداة السامية وصلت الى نسب وحدود عالية جدا الآن مع رفض للإسرائيليين واليهود. وهذا ما جرى في أحد الفنادق المُفضلة للإسرائيليين ولسياح العالم في جزيرة يونانية في اليونان حيث أجاب من يعمل في هذا الفندق على موقع الانستغرام بأن ليس لديه مشكلة في توضيح الأمر، وهو أن اليونان بشكل عام مؤيدة لفلسطين.
وسائل الاعلام تظهر ارتفاع نسبة معاداة السامية وأنا أطلق عليها أسم معاداة الصهيونية في أوروبا والولايات المتحدة وآسيا وأستراليا وتقريبا في كل مكان على وجه الأرض.
وهذا الوضع هو نتيجة موضوعية ورد فعل على سياسات حكومات إسرائيل منذ قيامها، حيث ترفض السلام العادل، ومستمرة في تبني وممارسة سياسات العدوان والاحتلال والاستيطان والإرهاب الرسمي ضد الشعب الفلسطيني واستمرار هذه السياسة العنصرية الشوفينية الصهيونية ستدف بإسرائيل الى الهاوية.
وسيجعل من تبني هذه الأيديولوجية وهذه السياسة خارج شعوب العالم وخارج الإنسانية. وما تقوم به إسرائيل الآن في حربها على غزة ولبنان بدعم ومشاركة غير مباشرة للولايات المتحدة الامريكية لهذه الحرب الاجرامية هي عربدة إرهابية همجية بربرية بمنأى عن القانون والمبادئ والأخلاق وعار على جبين الإنسانية.
وأخيرا عندما أعترف بشرعية الدولة اليهودية فمعنى ذلك، اعترافي بسلطة الاستعباد العام. وطالما بقيت الدولة يهودية والفلسطيني غير مُعترف بحقوقه الإنسانية العادلة فأن كلا الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني سيكونان غير قادرين على منح التحرر أو تلقيه.
إضافة تعقيب