news-details

لجنة ناجل: صفقات تسلّح كبرى وتأجيل مستحقات الديون| أمير مخول

وفقا لصحيفة دي-ماركر الاقتصادية 16/10 فإن حكومة نتنياهو طلبت من لجنة ناجل التي لا تزال في بداية طريقها ولم يمض سوى بضعة اسابيع على تعيينها، تقديم استنتاجات سريعة تتيح المصادقة على صفقات كبرى لشراء الاسلحة والمنظومات الحربية التي تلائم المهام الحربية والاستراتيجية.

يرأس اللجنة يعقوب ناجل الرئيس السابق لمجلس الامن القومي ممثلا عن رئيس الحكومة نتنياهو، والى جانبة ستة اعضاء من كبار العسكريين والاقتصاديين سابقا، وهم قائد سلاح الجو السابق الجنرال عميكام نوركين، ومهران بروزنفر الذي اشغل منصب المستشار الاقتصادي لقائد الاركان، كوبي هافر مدير عام شركة تأمين والذي اشغل سابقا منصب رئيس قسم الميزانيات في وزارة المالية، والجنرال يعقوب عميدرور وهو ايضا اشغل منصب رئيس مجلس الامن القومي سابقا، والجنرال ايفي ايتام (من قادة المستوطنين ومن اقصى اليمين وكان نائبا عن تيار الصهيونية الدينية) وقائد وحدة الجليل سابقا في الجيش.

شهدت تركيبة اللجنة صراعا بين وزير الامن غالنت ووزير المالية سموتريتش حسم لصالح الاخير، حيث اعتبرها سموتريتش انتصارا لنهجه في السيطرة على ميزانيات الجيش وعدم ابقائها احتكارا على وزارة الامن، مما يعني زيادة بنيوية في نفوذ سموتريتش بصدد اولويات الجيش، (وهي الطريقة التي فرض فيها على الجيش التنازل عن صلاحياته بصدد الادارة المدنية في الضفة الغربية، وذلك من خلال الحكم في صرف الميزانيات الى ان ابتز الجيش ووزارة الامن). كما اعتبرها سموتريش بانها لجنة ستتيح تغيير طابع الجيش.

بينما يشير الجنرال المتقاعد يوسي كوبرفاسر والذي اشغل في الماضي رئيس دائرة الابحاث في شعبة الاستخبارات العسكرية، الى حجم التحديات الحربية وذلك في مقال له في صحيفة يسرائيل هيوم. وفقا له تقوم الاستراتيجية الاسرائيلية على "اضعاف المحور الايراني وازالة التهديد من الشمال لتمكين سكان الشمال من العودة الى بيوتهم بأمان، واطلاق سراح المحتجزين وازالة التهديد من غزة على دولة اسرائيل وحصريا تجاه غلاف غزة" معتبرا ذلك الانتصار الكبير. مما يعني حربا طويلة الامد تتطلب زيادة القدرات العسكرية.

تفيد تقديرات البنك المركزي الاسرائيلي (بنك اسرائيل)، بإن تكلفة تصعيد الحرب على لبنان ومقابل ايران ستكون باهظة تظهرها جزئيا الزيادة في الانفاق العسكري الحربي في العامين 2024 و2025. واذ لا يتم نشر ميزانية الحرب تفصيليا، فإن قسم الابحاث في بنك اسرائيل يوفر تلميحا بهذا الصدد، وسوف تزداد النفقات الجارية لوحدها لنحو 30 مليار شيكل، والتي تشمل بالاساس تعويض جنود الاحتياط عن ايام الخدمة، والعتاد الحربي والذخيرة، وهي مبالغ متواضعة قياسا بتكلفة المخططات لبناء وتطوير القدرات العسكرية والتي تشرف عليها لجنة ناجل برئاسة الجنرال والقيادي سابقا في مجلس الامن القومي يعقوب ناجل والمعني في تقييم وتحديث ميزانيات الامن من قبل مجلس الامن القومي. عينت حكومة نتيناهو اللجنة نظرا لالحاحية عقد صفقات كبرى للتزود بمنظومات حربية نوعية ترفع من قدرات الجيش على الجبهات المختلفة. 

بطبيعة الحال فإن التوصيات العينية والتفصيلية للجنة ناجل ستبقى سرية بعيدا عن النشر، واذ يشير موقع واللا الى ان اللجنة اوصت في تقريرها البيني بتخصيص ميزانيات لصفقات شراء منظومات الدفاع الجوي متعددة الطبقات وكذلك اوصت بإلحاحية استخدام ميزانيات الدعم الامريكي. كما تشير واللا الى ان الموضوعات التي تطرق لها التقرير الاولي الذي تبنته الحكومة هي كالتالي: توسيع سلة المشتريات من الذخيرة ومنظومات الدفاعات الجوية؛ تثبيت القدرات البرية للاجتياح (المناورة البرية)؛ التفوق البحري؛ القوى البشرية في الجيش؛ تطوير اساليب جديدة واعادة التنظيم في مجال تطوير وانتاج وسائل قتالية؛ تعزيز مقومات الدفاع على الحدود.

الا ان توقعات قسم الأبحاث في بنك إسرائيل التي نشرت في الأسبوع الماضي تتيح توفير مؤشرات بشأن الزيادة المتوقعة في الإنفاق الدفاعي، والتي وفقا لها يمكن بالفعل تقدير أن النفقات الجارية وحدها ستزيد بحوالي 30 مليار شيكل في اقل تقدير.

يبني بنك اسرائيل تقديراته على فرضية ان الحرب ستطول وستشمل الربع الاول من العام 2025. هذه المعطيات محصورة في الحرب مع حزب الله ومع ايران. في حين انه وقبل التصعيد على الجبهة الشمالية واقليميا، فقد توصل بنك اسرائيل لنتيجة مفادها بأن الانفاق الحربي والعسكري لغاية التصعيد الاخير فاق كل التوقعات. ما دفع البنك المركزي الى رفع توقعات العجز المالي في موازنة العام 2024 بسبة 0.6% لتصل في المجمل الى 7.2% من الناتج الوطني. وفقا لتحديثات الميزانية فإن الانفاق العسكري الجاري يصل الى 130 مليار شيكل، كما ترتفع تكلفة الانفاق على النزوح المستدام لسكان المناطق الحدودية بنحو 2 مليار شيكل، يضاف اليه تكلفة التعويضات عن الاضرار في الممتلكات الخاصة التي تقدر حاليا للفترة لغاية الربيع بنحو مليار شيكل. في المقابل تفيد التقارير بزيادة ملحوظة في مدخولات الدولة من الضرائب المحلية مما قد يخفف من وطأة الانفاق الحربي على الموازنة العامة. كل ذلك دون احتساب المساعدات المالية الامريكية التي لم يتم تحويلها بعد.

يتوقع بنك إسرائيل بخصوص العام المالي 2025 ان يرتفع العجز بنحو 0.9% ليصل الى 4.9% اي ارتفاع العجز عما كان مخططا له بنحو 20 مليار شيكل، وذلك على ضوء الارتفاع المتوقع في الانفاق العسكري. بينما يفيد مخطط وزارة المالية متعدد السنوات الى انه قد تم تخصيص ميزانية اضافية لوزارة الامن تصل الى 83 مليار شيكل وذلك للعامين 2023 (17 مليار شيكل) و2024 (66 مليار شيكل) بينما تم استخدام 16 مليار شيكل لهذا الغرض، وذلك من المساعدات الامريكية الاضافية للحرب

بناء على تقريرها البيني وغايته وضع سياسة ضمن اطار الميزانية القائمة لتنجيع توفير استخدام العتاد والذخيرة القائمة، واتاحة المجال لصفقات شراء اسلحة. وقد امتنعت اللجنة حاليا من التوصية على خرق الاطار المالي للميزانية القائمة. باعتبار ان خطتها المقترحة لتطوير القدرات العسكرية الاسرائيلية هي طويلة الامد وتمتد على مدار سنوات عديدة، وبأقل تقدير ستشمل زيادة انفاق سنوية بمقدار 30 مليار شيكل ولغاية العام 2028 وقد يتم تمديدها ومما يعني زيادة العجز بنسبة 1% في كل سنة. بينما تشير العديد من التوقعات المالية الى زيادة انفاق سنوية بمقدار 55 مليار شيكل اي 220 مليار لغاية 2028.

للخلاصة؛ يتضح من اعمال لجنة ناجل للنظر في ميزانية وزارة الامن وتقريرها الاولي، بأن اسرائيل تسير نحو تغيير عميق في مبنى الجيش قائم على الحروب الاقليمية طويلة الامد، ويتجاوب مع طموحاتها التوسعية ومبدأ الحرب المفتوحة   في المنطقة. وكما يرشح من وسائل الاعلام سيكون تركيز على القوات البرية والبحرية على السواء ضمن اعطاء اولوية للذراع الحربية الاقليمية الطويلة. كما تشكل الحرب على الجبهة الشمالية مجرد حلقة واحدة من مخطط اسرائيلي اقليمي مدعوم امريكيا، يقوم على السعي الى تفكيك محور المقاومة وتقويض استراتيجية وحدة الساحات وجبهات الاسناد، وحصر معركتها الاولى في ايران سعيا لتقويض نظامها ومشروعها النووي والصاروخي. يرشح من اعتبارات اللجنة أن الحرب على غزة ستتواصل لمدى بعيد، وتتحول الى احتلال دائم قائم على الابادة والتطهير العرقي الكامل في شمال القطاع والاستيطان. كما ان اسرائيل ماضية في انكار قضية فلسطين سعيا لحسمها نهائيا، وهو ما يستدل من غياب اي افق بديل للحرب المستدامة.

على الرغم من متانة الاقتصاد الاسرائيلي والارصدة الاحتياطية، يزداد الاعتماد على الاسناد الامريكي حربيا وتمويليا ودبلوماسيا، كما تصبح اية حرب اقليمية تقوم بها اسرائيل، امريكية بامتياز. فيما سياسيا تندرج لجنة ناجل في سياق الصراع على هوية الجيش المستقبلية والرهان على الحروب دونما اي افق سياسي.

 

الصورة: قوات الاحتلال على الحدود مع لبنان (شينخوا)

 

 

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب