الصهيونية المسيحية هو الاسم الذي يُطلق عادة على معتقد جماعة من المسيحيين المنحدرين غالبا من الكنائس البروتستانتية الاصولية الافانغالية والتي تؤمن بان قيام اسرائيل عام 1948 كان ضرورة حتمية لانها تتمم نبوءات الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد وتشكل المقدمة لمجيء المسيح الثاني الى الارض كملك منتصر، ومن هؤلاء رئيس البرازيل الذي يزور اسرائيل الآن ويمثل اليمين في البرازيل.
يعتقد الصهاينة المسيحيون انه من واجبهم الدفاع عن الشعب اليهودي بشكل عام وعن الدولة العبرية بشكل خاص ويعارضون أي نقض او معارضة لاسرائيل خاصة في الولايات المتحدة الامريكية حيث يشكلون جزءا من اللوبي المؤيد لاسرائيل. وعلى الرغم من ان الكثير قد كتب مؤخرا حول مكائد الافانغاليين الصهيونيين المسيحيين والمحافظين الجدد الذين يسيطرون على الادارات الامريكية وخاصة في فترة ادارة بوش الابن وادارة ترامب الحالية، الا ان هناك من يسعى الى تجاهل هذا الدور الارهابي لهذه المجموعة التي اصبحت من اكبر المشاكل السياسية في عصرنا الحاضر. الصهيونية المسيحية كفكر ديني رؤيوي سياسي حديث يرجع ظهوره الى القرن التاسع عشر ولكن هذا الفكر يجد جذوره في تيار ديني يرجع للقرون الاولى للمسيحية يدعى بتيار الالفية، والالفية هي معتقد ايماني ظهر بين مسيحيين من اصول عبرية حافظوا من ديانتهم القديمة على ما يسمى بالماشيحية الزمنية وعلى التأويل الحرفي لنصوص الكتاب المقدس خاصة ما ورد في سفر رؤيا يوحنا، فهم يعتقدون بان المسيح سيعود الى عالمنا هذا مع ملائكته والقديسين ليحكم الارض كملك مدة الف عام ومن هنا جاءت تسمية الالفية، في القرون الوسطى ظهرت في اوروبا جماعات الفية بعيدة في ايمانها عن المسيحية التقليدية ومعادية بشكل عام للبابوية وللكنيسة الكاثوليكية وابتداء من نهاية القرن الحادي عشر انخرطت حركات الفية بكثرة في الحملات الصليبية.
مع قدوم العصر الاليزابيتي تراجعت الافكار الالفية في انجلترا ولكنها عاودت الظهور مع قدوم حركة الطهوريين (البوريتانيون) حيث تطورت افكارها في تلك الفترة لحد الربط بين النصوص الدينية والسياسية والربط بين مجيء المسيح الثاني واقامة دولة يهودية، ففي عام 1588 دعا رجل دين اسمه بريتمان لاعادة اليهود الى الاراضي المقدسة تحقيقا لنبوءات الكتاب المقدس وفي عام 1615 طالب البرلماني هنري فينش حكومة بلاده بدعم اليهود ليرجعوا لارض الميعاد قائلا "ليس اليهود قلة مبعثرة، بل انهم امة، ستعود امة اليهود الى وطنها وستعمر كل زوايا الارض وسيعيش اليهود بسلام في وطنهم الى الابد". اعطيت الصهيونية المسيحية بعدها السياسي الايديولوجي للمرة الاولى في بريطانيا عام 1655 عندما دعا اوليفر كرومويل رئيس المحفل البوريتاني بين عام 1649 و 1659 لعقد مؤتمر يسمح لليهود بالعودة للسكن والاقامة في المملكة أي بريطانيا بعدما تم نفيهم منها بقرار من الملك ادوارد الاول عام 1290 فتم في هذا المؤتمر خلق صلة ما بين افكار الصهيونية المسيحية والمصالح الاستراتيجية لبريطانيا ودفعت كرومويل للايمان باكرا بوجوب توطين اليهود في الاراضي المقدسة في فلسطين. في القرن التاسع عشر برزت شخصيتان تعتبران من اهم دعاة الصهيونية المسيحية هما جون نلسون داربي من كنيسة الاخوة البليموث والقس لويس واي، كان هذا الاخير رئيسا لجمعية في لندن هدفها الترويج للدين المسيحي بين اليهود والتي اصبحت بفضل جهود لويس واي اهم منبر للتعبير عن افكار الصهيونية المسيحية بما في ذلك الدعوة لارجاع اليهود الى فلسطين، ومن مؤيدي الصهيونية المسيحية في تلك الفترة برز ايضا البرلماني البريطاني هنري دارموند الذي ترك الحياة السياسية بعد زيارته الاراضي المقدسة – فلسطين ليكرس بقية حياته لتعليم المسيحية بنسختها الاصولية وليدعو لعودة اليهود الى فلسطين، ولم يكن ما يحفز حاملي الفكر الصهيوني من المسيحيين في اوروبا لينخرطوا في هذا المجال هو دائما محبة اليهود فان بعضهم كان ينظر لهم نظرة عداء كالمصلح الانجيلي الاجتماعي اللورد اشلي كونت شافتسبوري (1818 – 1885) الذي كان يحبذ رؤية اليهود يقيمون دولتهم في فلسطين ويحيون فيها بدلا من البقاء في انجلترا، ومن الوجوه المهمة للصهاينة المسيحيين في بريطانيا القس ويليام هشلر (1845 – 1931) والذي قام في فترة عمله في سفارة بلاده في فيينا بتنظيم عمليات لنقل المهاجرين اليهود الروس الى فلسطين وكان قد نشر كتابا عام 1894 بعنوان "عودة اليهود الى فلسطين" دعا فيه لهذه العودة تحقيقا لنبوءات وردت في العهد القديم، وكان هشلر كذلك من المتحمسين للصحافي النمساوي المجري ثيودور هرتسل مؤسس الحركة الصهيونية، حيث كان يقدم له وللقضية الصهيونية الدعم السياسي لفترة تقارب الثلاثين عاما.
واخيرا من اشهر السياسيين الالفيين اللورد بلفور المعروف بإعطاء اليهود وعد الحكومة البريطانية بإنشاء وطن قومي لليهود على ارض فلسطين التاريخية (وعد بلفور عام 1917). لاقت الافكار التدبيرية او القدرية او الالفية كما يسميها البعض (فوفقا للتدبيريين نحن نعيش اليوم الحقبة السادسة او ما يسمى "دور الكنيسة والنعمة" بانتظار حلول الحقبة السابعة والاخيرة برجوع المسيح للارض لتأسيس حكمه الالفي)، رواجا في الولايات المتحدة في القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين بفضل جهود لاهوتيين بروتستانت مثل داويت مودي (موجد معهد مودي للدراسات الكتابية في شيكاغو وسكوفيلد ووليام بلاكستون.
اعطى قيام دولة اسرائيل عام 1948 زخما قويا لمتبني الصهيونية المسيحية كما ان حرب حزيران عام 1967 كانت بالنسبة لهم اشبه بمعجزة الهية تمكن فيها اليهود من دحر عدة جيوش عربية مجتمعة في آن واحد واحكمت خلالها الدولة العبرية سيطرتها على بقية اراضي فلسطين التاريخية خصوصا القدس الشرقية والمواقع الدينية التي تحتضنها، وبالنسبة للتدبيريين فانه باحتلال اسرائيل للقدس والضفة الغربية تحققت نبوءات الكتاب المقدس فشجعت هذه العلامات "الالهية" مسيحيين انجيليين آخرين على الانخراط في صفوف المدافعين عن اسرائيل والى دفع الولايات المتحدة للبقاء الى جانب "الطرف الصحيح" في تتميم النبوءات. ويعتبر عام 1979 عاما استثنائيا بالنسبة لتاريخ الصهيونية المسيحية، فبعد قرن من تقرب هشلر من ثيودور هرتسل مؤسس الحركة الصهيونية العالمية، وبدء الدعم المسيحي الاصولي المباشر لاقامة الدولة اليهودية، انشأ القس جيري فالويل في الولايات المتحدة الامريكية منظمة الاغلبية الاخلاقية وهذه المنظمة تضم لجانا سياسية لمسيحيين صهاينة ذوي توجهات محافظة نستطيع ان نطلق عليهم لقب كهنة الحرب المحافظين الجدد، من اهدافها العمل على التعبئة والدعاية لانتخاب المرشحين المحافظين، ومع بلوغ عدد اعضائها الستة ملايين عضو اصبحت المنظمة كتلة انتخابية قوية ومؤثرة عزي اليها فضل نجاح رونالد ريغان في الانتخابات الرئاسية الامريكية لعام 1980. ينص احد المبادئ الاربعة التأسيسية لمنظمة الاغلبية الاخلاقية على "دعم اسرائيل والشعب اليهودي في كل مكان"، في عام 1980 صرح فالويل بان "الله بارك امريكا لأن امريكا باركت اليهود، فاذا ارادت هذه الامة ان ترى حقولها محافظة على بهائها وانجازاتها العلمية، محافظة على ريادتها وحريتها، محمية، فعلى امريكا ان تبقى واقفة الى جانب اسرائيل"، والى الآن تحافظ الصهيونية المسيحية على دورها الداعم لاسرائيل وخاصة المسيحيين الافنغاليين و"مسيحيون متحدون من اجل اسرائيل" والعديد من مؤسسات المحافظين الجدد – كهنة الحرب وهذه المنظمات نسخة مسيحية لمنظمة ايباك.
ورئيس البرازيل الحالي اليميني الداعم لاسرائيل وصل الى السلطة بدعم الكنائس المسيحية الصهيونية الافنغالية في البرازيل والتي يتبع لها اكثر من 25% من سكان البرازيل، ولذلك نرى هذا الصهيوني المسيحي يزور اسرائيل بعد زيارته للولايات المتحدة ويذهب الى القدس لاحتضان اليميني الصهيوني نتنياهو ويصحبه الى حائط البراق حائط المبكى، ومهما حدثت نجاحات مؤقتة من ناحية تاريخية لهذا اليمين الصهيوني والمسيحي الصهيوني لا بد وان يكون النصر لكل الشعوب المضطهدة في امريكا اللاتينية وهنا في فلسطين، وعندها لن يبقى لحاملي هذه الايديولوجيات اليمينية العنصرية سوى البكاء. وحتى من ناحية دينية هل يعقل لإله عادل ورحيم ان يفرض على شعب آخر الظلم والاضطهاد لكي يحابي شعبا اختاره؟ ان الولايات المتحدة واسرائيل ترفضان الاصغاء والحوار وبناء جسور التفاهم والسلام مع الشعوب الاخرى امريكا عالميا واسرائيل في منطقة الشرق الاوسط وهذا يقع دون لبس على عاتق اليمين الامريكي والمحافظين الجدد كهنة الحرب والمسيحيين الصهيونيين والافنغاليين عالميا وعلى اليمين الصهيوني العنصري الشوفيني في اسرائيل، وهدف هؤلاء بالتعاون مع انظمة الاستبداد الوهابي العربي – الثالوث الدنس – اقامة امبراطورية امريكية صهيونية كوكبية واخضاع جميع امم العالم ودوله لمشيئتهم. سياسات الولايات المتحدة عالميا الممارسة من قبل الادارات الامريكية اليمينية والاسرائيلية اليمينية الصهيونية العنصرية هي عقيدة احادية تنفي الآخر، ارهابية عنصرية دارونية – اجتماعية منفتحة على العدوان والاحتلال ولكن لقد فشلوا في سوريا بفضل محور المقاومة وروسيا ودعم الصين وهذا الفشل سيكون بداية سقوطهم الى الهاوية والى مزبلة التاريخ، فاليمين الامريكي الصهيوني المسيحي وخاصة الآن في فترة حكم ترامب مصاب بجنون العظمة والذي يضفي على الامة الامريكية تلك القناعة التجديفية الباطلة القائلة بانها أي الامة الامريكية ما خُلقت من قبل الرب الا من اجل هداية امم العالم وارشادها الى كيفية السير في طريق الحرية، وبالنسبة لحكام اسرائيل ايضا لهم قناعاتهم التجديفية العنصرية الشوفينية لايمانهم بمفاهيم "شعب الله المختار" و"ارض الميعاد" والتي لا تختلف عن مفاهيم الشعب الآري الارقى، وهنا يجب ان نؤكد بان اجندة المسيحية الصهيونية والصهيونية العالمية وبالتعاون مع كهنة الحرب المحافظين الجدد منذ عقود وخاصة الآن لم تكن مقصورة على الامن للولايات المتحدة، بل كانت تشمل تعزيز الاهداف الامبريالية لدولة اسرائيل واليمين الاسرائيلي الشوفيني العنصري.
ان الخطر الحقيقي الذي يواجه الانسانية اليوم هو خطر القوى الامبريالية الصهيونية العالمية المجنونة المصممة على استخدام الموارد والقوة العسكرية الامريكية عالميا وخاصة في امريكا اللاتينية وحصريا ضد فنزويلا واسرائيل في منطقة الشرق الاوسط من اجل فرض دولة بوليسية – امريكا واسرائيل – عالمية تحت سيطرة قلة مختارة: النخبة الدولية لطبقة رأس المال العسكري وشركات النفط والشركات عابرة القارات وعملائهم من المأجورين والبيروقراطيين عديمي المبدأ والمرتزقة من رجال الاعلام الذين يمجدون ويروجون لأجندة حكام المستعمرة العالمية التي صممت على غرار النظام العالمي الامبريالي الصهيوني الجديد.
//ع
رئيس البرازيل الحالي اليميني الداعم لاسرائيل وصل الى السلطة بدعم الكنائس المسيحية الصهيونية الافنغالية في البرازيل والتي يتبع لها اكثر من 25% من سكان البرازيل، ولذلك نرى هذا الصهيوني المسيحي يزور اسرائيل بعد زيارته للولايات المتحدة ويذهب الى القدس لاحتضان اليميني الصهيوني نتنياهو (في الصورة) ويصحبه الى حائط البراق حائط المبكى، ومهما حدثت نجاحات مؤقتة من ناحية تاريخية لهذا اليمين الصهيوني والمسيحي الصهيوني لا بد وان يكون النصر لكل الشعوب المضطهدة في امريكا اللاتينية وهنا في فلسطين
إضافة تعقيب