news-details

هل ستجري انتخابات اسرائيلية في أيلول؟| امير مخول

في مؤتمره الصحفي (4/3/2024) اكد الوزير بيني غانتس على المساعي لتحديد موعد انتخابات بالتوافق على ان تجري في شهر أيلول وعشية مرور عام على الحرب. كما دعا الى مخرج سياسي أمني اقليمي قائم على التحالفات الابراهامية. وداعيا الى تعزيزها بالتطبيع مع السعودية كي تكون سدا في وجه النوايا الايرانية.

غانتس اشار الى الجبهة الشمالية والى ان الهدف هو اعادة سكان الشمال الاسرائيليين الى بلداتهم وبيوتهم وتوفير حمايتهم وأمانهم. ومقابل حرب لعدة سنوات ضد حماس في غزة اعتبر ان الاولوية هي ان يعود سكان المناطق الحدودية في الشمال الى بلداتهم وبيوتهم.

وهاجم كلا من رئيس الحكومة نتنياهو فكرة التوافق على موعد للانتخابات، وتعرض غانتس لهجوم من كل من حليفه الذي فضّ الشراكة غدعون ساعر ومن رئيس المعارضة يئير لبيد. في حين ساند تشاك شومر رئيس الاغلبية الدمقراطية في مجلس الشيوخ الامريكي دعوة غانتس واعتبرها تعكس رأيا عاما واسعا في اسرائيل يصل الى 70% من الجمهور.

قد يكون رد الفعل الاهم على تصريحات غانتس والاكثر إرباكا لنتنياهو هو صمت الاحزاب الدينية الحريدية التي يعتبرها الاخير حليفه الطبيعي لكن الذي يهدد استرار حكمه. فإذ أكد غانتس انه تباحث في الامر مع قيادات سياسية بمن فيها نتنياهو، فهو يشير الى رؤساء الاحزاب الحريدية، والذي تربطه بهم علاقات ثقة وحصريا اريه درعي رئيس حزب شاس.

حدد غانتس موعدا للتوافق بشأن الانتخابات، مما يشير الى خطوة منه نحو الانسحاب من كابنيت الحرب في حال تعثر التوافق. كما يتزامن خطابه مع حركة الاحتجاج الاقوى والاكثر سعة منذ بدء الحرب والتي تطالب بانتخابات فورية.

رد فعل تشاك شومر يشير الى التوافق الكبير بين الادارة الامريكية وبين غانتس وحزب المعسكر الرسمي ومؤخرا تسعى ادارة بايدن الى التنسيق ايضا مع وزير الامن غالنت، وتصدّيه لمواقف نتنياهو وخطواته المعني بها في ادارة الحرب.

تجاهل غانتس الحديث عن القضية الفلسطينية، وهو يدرك ان التطبيع مع السعودية له استحقاقات في هذا الصدد، كما لم يتحدث حتى عن كيان فلسطيني واحد في قطاع غزة والضفة، بل تحدث عن ادارة غير فلسطينية للقطاع وفي ظل الحرب التي تتواصل لسنوات وفقا له.

جاء رد فعل جدعون ساعر رئيس حزب "تكفا حداشا - اليمين المسؤول" بانتقاده غانتس كونه مسؤولا بدوره عن الفشل في ادارة الحرب  من خلال كابنيت الحرب، بينما اعتبر رئيس المعارضة لبيد  ان دعوة غانتس لاجراء انتخابات في أيلول تعني منح نتنياهو فرصة لنصف عام يضع فيها اسرائيل في خانة الخطر. مع العلم ان أيلول يبدو اجرائيا وسياسيا الموعد الاقرب الممكن.

فعليا طرح غانتس نفسه ولاول مرة منذ انضمامه الى كابنيت الحرب، كبديل سياسي لنتنياهو، مشددا على التمايزات بينهما في مسألة المحتجزين والاسرى في غزة مؤكدا ان "حزبه لن يبقى شريكا في حكومة لا تعيد المحتجزين". كما اعتبر نفسه انه القادر على اعادة الحياة للاتفاقات الابراهامية في مواجهة ايران ومساعيها لفرض حرب متعددة الساحات على اسرائيل وفقاً لاقواله. واضاف الى انه يسعى في هذا الاتجاه ولضمان التطبيع مع السعودية، وفي ذلك ايضا تماهيا مع مشروع ادارة بايدن ورؤيته لمستقبل المنطقة. كما دعا الى بلورة قوة متعددة الجنسيات تدير شؤون غزة دون الانسحاب الاسرائيلي، وهذا مرفوض على نتنياهو. واذ يعتبر غانتس ان التوافق على موعد للانتحابات خلال أيلول القادم يجعل بالامكان مواصلة الحرب بعد انجاز مراحلها الجوهرية المتبقية خلال الاشهر القادمة، بينما يعتبر نتنياهو ان الانتخابات تعني هدية لحماس، وتقويض فرصة تحقيق الانتصار الكبير في غزة و"بعد اجتياح رفح".

قد يكون الاحتجاج الشعبي حاسما اكثر من حراك الاحزاب الاسرائيلية، فالراي العام الاسرائيلي يتجه نحو أقصى اليمين، وفي ذات الوقت مناويء لرئيس الحكومة، وهو ما قد يجعل من الاستطلاعات الحالية التي تنبيء بفوز غانتس، مجرد فقاعات بعيدة عن الواقع والمزاج الاسرائيليين، وتتعالى الاصوات والتقديرات التي تؤكد ان اخفاق السابع من اكتوبر واخفاق الحرب سوف يطيحان بمجمل الطبقة السياسية والأمنية الحاكمة والمسيطرة. التحدي الوحيد القائم حاليا لاقصى اليمين بات في حركة الاحتجاج الشعبي الحالية من اجل الصفقة ومن اجل الانتخابات واسقاط الحكومة.

يشكل خطاب غانتس بداية النهاية لكابنيت الحرب اذ انه في حال رفض نتنياهو تقديم موعد الانتخابات فذلك يعني انسحاب غانتس وحزبه. وفي حال تمسك بموقعك سيتراجع وزنه السياسي والتأييد الشعبي. ادارة بايدن التي بلغت قناعتها بأن حكومة نتنياهو تعوق الصفقة ووقف مؤقت لاطلاق النار وتشكل نقيضا للرؤية الامريكية ومصالح الدولة العظمى، اضافة لقناعتها بأن اسرائيل فاقدة للطريق في هذه الحرب وتحت حكومة نتنياهو.

الاحزاب العربية والتي تسعى لان يحول وزنها دون بقاء اقصى اليمن في الحكم، الا انها منقسمة على اساس موقفين جوهريين واحد تمثله القوى الوطنية المجمعة على اسقاط حكومة الحرب وحكم اقصى اليمين بينما حزب القائمة العربية الموحدة معنية بالشراكة في في اي ائتلاف حاكم لا يرفضها باعتبار ان مجرد شراكتها تشكل مفتاح تحقيق الانجازات المطلبية. كما تعاني الاحزاب العربية الوطنية من عدم الجهوزية للانتخابات وفي ظل غياب الحوار بينها بصدد التحديات القائمة وتراجع التأييد الشعبي. كما وليس من المستبعد منع عدد من الاحزاب او المرشحين من خوض الانتخابات.

للخلاصة: ستشهد الاشهر القادمة التشديد على التمايزات السياسية، سواء في ظل حديث الانتخابات ام في ظل تصاعد مطالب المحاسبة واسقاط الحكومة عشية مرور عام على الحرب في أيلول القادم.

مفتاح القرار بانتخابات في أيلول او بداية 2025 هو في أيدي الاحزاب الدينية الحريدية الشركاء في الائتلاف ويبدو انها منسقة مع غانتس وحصريا ان لها مصلحة بالانتخابات لتفويت الفرصة على قانون التجنيد الالزامي لشبابهم للجيش وسحب امتيازاتهم التمويلية من الدولة.

مسعي غانتس للتمايز عن نتنياهو لا تعني انه ينحو نحو الانسحاب من غزة ولا نحو السلام الاسرائيلي الفلسطيني وفعليا لا يخرج عن سقف حكومة بنيت-لبيد، واستراتيجية "تقليص الصراع" لكن ليس حله حلا عادلا.

الاصطفافات في الساحة السياسية الحزبية غير مستقرة، وكل الاحتمالات مفتوحة بما فيه بقاء الائتلاف الحاكم في الحكم. احزاب اقصى اليمين الفاشية الدموية لن تتنازل عن الحكم بل ستسعى بكل الوسائل للتمسك به بما فيها استخدام العنف. ويبدو ستشهد المرحلة القادمة تصعيدا في العنف السياسي الصدامي.

 

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب