news-details

هل يتنازل الحريديم عن نتنياهو؟| امير مخول

أسقط رئيس "عوتسما يهوديت" ايتمار بن غفير مشروع قانون "الحاخامية البلدية" عن جدول اعمال الكنيست الاثنين الماضي، وقرر أرييه درعي رئيس حزب شاس الحريدي انسحاب اعضاء كتلته من اعمال جلسة الكنيست واللجوء الى المرجعيات الدينية لاتخاذ قرار حول مصير الائتلاف الحاكم.  كما عبر رئيس حزب شاس عن خيبة امله من نتنياهو الذي لم يف بالتزاماته تجاه شاس، كما وصرّح موشيه غفني رئيس كتلة يهدوت هتوراة بأن الامور تتجه نحو حل الائتلاف والانتقال الى انتخابات جديدة للكنيست.

بن غفير يتهم شاس باليسارية ويعيب عليها تأييدها لاتفاقات أوسلو، وبأنها مع الصفقة حاليا "بخلاف موقف جمهورها"، وفي المقابل تتهم شاس بن غفير بالولدنة وجنون العظمة وبالأساس بأنه "ليس يمينا" وانما يتاجر بالشعارات.

يؤيد حزبا شاس ويهدوت هتوراة صفقة تبادل الاسرى ووقف إطلاق النار في غزة، وذلك بما يتماشى مع موقف هذين الحزبين السياسي في معارضة الحرب المفتوحة وتوسيع الجبهات. وهناك عامل ذاتي وهو ان اتساع نطاق الحرب وتواصلها سيدفعان الى تعاظم الضغط الشعبي نحو تجنيد الشباب الحريدي في الجيش على حساب المدارس التوراتية الدينية.

-           كشف درعي عن ان التوتر الاكبر منذ تشكيل الحكومة الحالية 12/2022 والذي قد يسقطها، هو بين التيارين الديني-الحريدي (شاس ويهدوت هتوراه) وبين الصهيونية الدينية والكهانية (بقيادة بن غفير وسموطريتش).

-           كان واضحا ومنذ عدة أشهر أن حكومة نتنياهو لن تتفكك بسبب الحرب على غزة مباشرة، وانما على محور علاقة الدين والدولة وصراعات داخل الائتلاف الحاكم. بدءا من قانون الحاخامية البلدية المعنية به شاس، وتجنيد الحريديم ووقف تمويل المدارس الدينية للحزبين، وفي المقابل تخوف حركة شاس من انزياح جمهورها الشاب نحو عوتسما يهوديت بقيادة بن غفير، وعملية الصهينة الحاصلة في صفوف شباب حزب يهدوت هتوراة الاشكنازي وميلهم نحو الصهيونية الدينية. هذه العوامل مجتمعة، تشكل عصب التوتر داخل الائتلاف الحاكم لدرجة تهديد استمراريته، وقد تسرّع اجراء انتخابات في اواخر العام الحالي أو أوائل العام القادم.

-           يبدو ان تيار الحرديم بحزبيه، شاس ويهدوت هتوراة، ينحو نحو فك الشراكة مع نتنياهو والليكود، وهناك اصطفافات سياسية من اليمين والمركز تسعى لتشكيل بدائل لحكومة نتنياهو. ويظهر أن الشراكة في الحكم مع الصهيونية الدينية والكهانية قد بلغت نهاية طريقها.

-           يسعى التيار الحريدي الى توثيق التعاون مع حزب المعسكر الرسمي (غانتس) ووزير الامن غالنت الذي يبدو ان لا مستقبل له في الليكود، كما تظهر تفاهمات مع قوى مرشحة لتشكيل معسكر اليمين المناوئ لنتنياهو وحصريا مع رئيس اليمين الرسمي (ساعر). كل ذلك من اجل استبعاد امكانية إقصاء الاحزاب الحريدية كما حدث في حكومة لبيد - بنيت.

-           خطوة الحريديم وحصريا شاس هي مرحلة متقدمة نحو تفكيك الائتلاف الحاكم وعدم الالتزام بالشراكة مع نتنياهو او الليكود في الانتخابات القادمة، واعتبار الليكود لم يفِ بالتزاماته الائتلافية تجاه الأحزاب الدينية.

-           تعميق الصراع مع حزب بن غفير والمعني بدوره بهذا الصراع، هو مسعى داخلي ايضا في التيارين ضمن الصراع على استقطاب جمهور الهدف الانتخابي، ومن جهة شاس ضمان استمرار منظوماتها الدينية من مدارس (يشيفاه) وحاخامية بلدية.

-           الصراع ينتقل الى صفوف حزب الليكود وكتلته البرلمانية، وتتعالى الاصوات المطالبة نتنياهو بأن يحزم الموقف من بن غفير وبأن الاخير بات عقبة امام استمرار حكم الليكود. وباتت احتمالية لتمرد داخل الحزب الحاكم وانزياح عدد منهم الى جانب غالنت ورئيس لجنة الخارجية والامن مما سيفقد نتنياهو الغالبية الحاكمة.

-           تفيد معظم التقديرات بأن الصراع داخل الائتلاف الحاكم هو صراع جوهري سوف يتسع نطاقه. ومن شأن هذا المسار ان يتسارع بعد عطلة الكنيست في الخريف القادم، حيث سيجري النقاش على ميزانية الدولة في خضم الازمة الاقتصادية والمالية العميقة جدا وغير القابلة للجسر، ويعني عدم اقرارها سقوط الحكومة قانونيا، وعندها تُتوقع انتخابات في الربع الاول من العام 2025.

-           قد يجد نتنياهو ضالته بإعلان انتخابات ليتهرب من استحقاقات الصفقة حيث يتهمه أريه درعي بتعطيلها وذلك بالخضوع الى اقصى اليمين والى قناعاته الشخصية، كما يعبر عن خيبة امله من نتنياهو في ادارة الحكومة والصراعات داخل الائتلاف التي أفلتت من يديه. في المقابل هناك من يرى فرصة لنتنياهو في الالتزام بالصفقة وإبرامها، حيث يشكل مثل هذا الموقف انقاذا لحكومته اذ أكد رئيس المعارضة لبيد وعلنا، عن التزام حزبه بتوفير شبكة امان لاستمرار الحكومة في حال تنفيذ الصفقة.

•           الصراع داخل الائتلاف الحاكم، حقيقي وجوهري وليس بجديد، لكنه انكشف وقد يسقط نتنياهو، ويعكس صراعا أعمق داخل معسكر اليمين وحصريا بين الصهيونية الدينة والحرديم، ومن الصعوبة بمكان جسره. 

•           الشراكة التاريخية بين حزبي المتدينين الحرديم والليكود باتت هشة، خاصة انه هناك بدائل امام هذا التيار سواء مع غانتس او الكتلة اليمينية في طور التبلور.

  •             من غير الواضح ما يضمره نتنياهو، في ضوء واقع الائتلاف الحالي، بالإضافة  لضغط المؤسسة الامنية والادارة الامريكية وواقع حرب الاستنزاف في غزة ومخاطر الحرب شمالا، الامر الذي قد يدفعه لتمرير الصفقة في غزة .
أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب