كتلة الجبهة والتغيير وحدها التي قدمت تحفظات اعتراضية، والقى نوابها الخمسة، على مدى ساعة ونصف الساعة، شروحات للاعتراضات، بما في ذلك الموقف الحازم ضد حرب الإبادة والمجازر، وسط مقاطعات من نواب المعارضة كالائتلاف، والتهجم على نواب الكتلة
اتحدت الكتل الصهيونية والدينية مساء أمس الاثنين، في الكنيست، مرّة أخرى، من خلف قانون احتلالي اقصائي شرس آخر، يستهدف وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، "الأونروا"، التابعة للأمم المتحدة، بحظر نشاطها في المناطق الخاضعة لما تسمى "السيادة الإسرائيلية"، بقصد القدس الشرقية المحتلة، وما ألحقه احتلال العام 1967 لها من بلدات ومخيمات فلسطينية في الجوار، وبضمنها مخيمي شعفاط وقلنديا. إلا أن تفسير القانون سينعكس أيضا على الضفة الغربية وقطاع غزة، بمنع جيش الاحتلال من التعامل مع طواقم "الأونروا"، كطواقم عمل تابعة للأمم المتحدة.
فقد تسابقت كتل "المعارضة" الوهمية" بنوابها، مع كتل الائتلاف الحاكم، حول من يقدم صيغة قانون أشد شراسة لحظر الأونروا، وحتى أن مشروع قانون اعتبار الأونروا، منظمة إرهابية، جاء بالذات من كتلة المعارضة المزعومة، "يسرائيل بيتينو" وفي نهاية المطاف ام يتم دمجه ضمن القانون الذي أقر، وهو عمليا قانونين اثنين، وهما دمج لعدة مشاريع قوانين.
وحصل القانون على تأييد 92 نائبا، من كتل الائتلاف والمعارضة الصهيونية، وعارض القانون 10 نواب "كتلتي الجبهة الديمقراطية والعربية للتغيير"، ونواب كتلة "القائمة الموحدة"، إلا أن كتلة الجبهة والتغيير فقط التي قدمت تحفظات اعتراضية، والقى نوابها الخمسة، على مدى ساعة ونصف الساعة، شروحات للاعتراضات، بما في ذلك الموقف الحازم من حرب الإبادة والمجازر، وسط مقاطعات من نواب المعارض كالائتلاف، والتهجم على نواب الكتلة.
وينص القانون الأول على حظر عمل الأونروا في المناطق الخاضعة لما تسمى "السيادة الإسرائيلية"، وكما أسلفنا فإن القصد هو القدس الشرقية المحتلة.
وينص القانون الثاني على الغاء معاهدة التعاون والعمل مع الأونروا، التي وقعت في 14 حزيران العام 1967، وحظر أي تعاون بين أي جهة إسرائيلية، رسمية وغير رسمية، مع الأونروا. وهذا الحظر بالذات من المفترض أن يسري على جيش الاحتلال، وبالتالي فإن القانون سيعرقل عمل الأونروا في مخيمات اللجوء في الضفة الغربية وقطاع غزة. لكن بالذات في القدس المحتلة، سيتم اغلاق مكتب الوكالة في حي الشيخ جراح، ومن المفترض أن يتم اغلاق مدارس الأونروا في شمال القدس المحتلة التي أكثر من 1100 طفل، إضافة الى اغلاق مرافق أخرى، بما فيها عيادات وغيرها.
وهذا القانون، بالإجماع الصهيوني التام حوله، يؤكد على كونه يطبق أحد أهم المشاريع الاستراتيجية الصهيونية، خاصة التي تستهدف المهجّرين في وطنهم، في حين أن إسرائيل سعت في السنوات الأخيرة لضرب وإلغاء الأونروا في الدول العربية.
رد دولي خجول متواطئ
القانون الإسرائيلي هو خرق لميثاق الأمم المتحدة الملزم لإسرائيل، وهذا الخرق من المفترض أن يتم الرد عليه بإقصاء إسرائيل من الأمم المتحدة، بموجب ما صرّح به خبراء في الأمم المتحدة، لكن طالما أن الحديث يجري عن إسرائيل، بالرعاية الأمريكية والدول الكبرى المسيطرة على القرار الدولي، فإنه لن يكون أي رد فعلي ضد إسرائيل، سوى بعض البيانات، بنصف لسان، ومن أجل الاستهلاك الإعلامي.
فقد قال متحدث الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، إن القانون الإسرائيلي بشأن منع أنشطة وكالة الأونروا، يتعارض مع ميثاق الأمم المتحدة والتزامات إسرائيل بموجب القانون الدولي. وأضاف أن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بعث برسالة إلى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بشأن القانون.
وأشار دوجاريك إلى أنهم حذروا من آثار القانون المذكور، مضيفا: "بالنسبة لنا، يتعارض مشروع القانون هذا مع ميثاق الأمم المتحدة والتزامات إسرائيل بموجب القانون الدولي".
كما أعربت الولايات المتحدة الأمريكية عن قلقها العميق إزاء قانون حظر عمل "الأونروا"، "في الوقت الذي تقوم فيه بدور لا بديل عنه في توصيل المساعدات الإنسانية في قطاع غزة"، بحسب المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر.
وأعرب الاتحاد الأوروبي عن قلقه البالغ إزاء قانون حظر عمل "الأونروا"، مؤكدا أنه "ستكون له عواقب بعيدة المدى، حيث ستجعل عمليات الأونروا الحيوية في غزة مستحيلة، وتعرقل بشكل خطير توفير الأونروا للخدمات الصحية والتعليمية والاجتماعية في الضفة الغربية المحتلة، ويلغي الامتيازات والحصانات الدبلوماسية التي تتمتع بها الأونروا في إسرائيل".
وقال مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إن "القانون يتناقض بشكل صارخ مع القانون الدولي والمبادئ الإنسانية الأساسية، ولن يؤدي إلا إلى تفاقم الأزمة الإنسانية الحادة بالفعل، وربما وقف الخدمات الأساسية مثل الغذاء والمأوى والتعليم والرعاية الصحية لملايين اللاجئين الفلسطينيين".
وأضاف: "يشدد الاتحاد الأوروبي على أن جميع وكالات الأمم المتحدة تجسد النظام الدولي القائم على القواعد لأنها تدعم وتنفذ نص وروح ميثاق الأمم المتحدة، الذي يجب على جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة الالتزام به".
وتابع: "يكرر الاتحاد الأوروبي أن الأونروا هي المزود الوحيد لهذه الخدمات الحيوية وأنها ضرورية لتقديم الإغاثة الطارئة لملايين اللاجئين الفلسطينيين. تتمتع الأونروا بتاريخ طويل من الالتزام بتفويضها المحدد على النحو المنصوص عليه من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1948، مع أكثر من 40 ألف موظف في جميع أنحاء المنطقة، بما في ذلك 13 ألفا في غزة".
وأوضح بوريل أنه "إلى جانب الإخلاء المقترح للأونروا من مبانيها في القدس الشرقية، فإن مشاريع القوانين الإسرائيلية قد تنطوي أيضا على انتهاك للتدابير المؤقتة التي أمرت بها محكمة العدل الدولية، ومرة أخرى، التزامات إسرائيل بموجب القانون الدولي. ومن المحتمل أن تكون حياة الملايين في خطر، ولا يمكن تجاهل هذه الالتزامات بعد الآن"، مؤكدا التزام الاتحاد الأوروبي بدعم الأونروا وولايتها.