عن دار راية للنشر والترجمة في فلسطين والشارقة وبيروت، تصدر خلال الفترة القريبة طبعة عربية جديدة من الأعمال الكاملة للشاعر الفلسطيني الكبير، الراحل طه محمّد علي، بعد مرور 12 عامًا على تقديم دار راية الطبعة الأولى من أعمال "عاشق صفورية" مع انطلاق مشروعها في نشر الأدب الفلسطيني ربيع 2011.
يعتبر طه محمّد علي أحد أهم وأعذب الشعراء الفلسطينيين والعرب المعاصرين، ولد في "صفورية" عام 1931،ونشأ فيها حتى أحداث النكبة الفلسطينية عام 1948، حيث اضطرت عائلته أسوة بكثير من العائلات الفلسطينية الى النزوح إلى لبنان، لتعود العائلة بعد عام إلى الناصرة، حيث سيقيم طه ويعمل حتى رحيله فيها مساء الثاني من تشرين أول / أكتوبر 2011. علّم طه نفسه بنفسه وأجاد اللغة الانجليزية وقرأ فيها كما تحوّل دكان التحف والهدايا الذي امتلكه في سوق الناصرة القديم إلى منتدى ثقافي مفتوح خلال الخمسينات والستينات وأحد الأمكنة الاساسية التي شهدت ولادة أجيال من الكتاب والمبدعين الفلسطينيين الباقين في وطنهم، في زمن لم تكن المنتديات الثقافية والامسيات الاحتفالية تقليدا معروفًا وخلا الحيّز العام من مساحات لمثل هكذا نشاطات في ذروة التضييق السياسي على فلسطينيي الـ 48 ، خلال فترة الحكم العسكري (1948-1967).
لفت طه محمد علي الأنظار إلى قصيدته منذ وقت مبكر، لأنها كانت مختلفة عن سائد الشعر الفلسطيني في النبرة والمقولة والبنى الفنية والجمالية، ورغم أنه نشر أولى مجموعاته الشعرية وهو على مشارف الستين من العمر، إلا أن الاصداء الطيبة لإبداعه سرعان ما وصلت إلى القارئ العربي والأجنبي، حيث قوبلت قصائده المترجمة إلى الانجليزية والفرنسية على وجه الخصوص بحفاوة كبيرة لدى القارئ العادي والمختص على السواء.
وتقع الأعمال الكاملة لصاحب "حريق في مقبرة الدير" في 560 صفحة وتشتمل على مجموعاته الشعرية والقصصية الصادرة في حياته، بالاضافة الى الكتاب الأخير الذي أسماه الشاعر ( قصص، خواطر وأساطير) وهو مجموعة من النصوص الشعرية والسردية والحكايا التي انتهى الشاعر من العمل عليها قبل رحيله ولم يتح له إصدارها في حياته. وكانت عائلة الشاعر قد نشرت هذا الكتاب، الأخير، ضمن الطبعة التكريمية من اعمال الشاعر الكاملة التي اصدرتها العائلة عام 2014 في الذكرى الثالثة لرحيله.
من جهته قال الشاعر والناشر بشير شلش، مؤسس دار راية ومديرها: إن صدور طبعة عربية من أعمال الشاعر الكبير طه محمد علي حدث مفرح على أكثر من مستوى، فبالاضافة إلى القيمة المعرفية في توفير الاعمال الكاملة لأحد أهم التجارب الشعرية العربية، نشعر في دار راية بفخر خاص ونحن نقدم الطبعة الاشمل من اعمال ابي نزار لأن الطبعة الاولى من اعماله كانت الكتاب الأول الذي انطلق به مشروع راية في تقديم الادب الفلسطيني بقالب جمالي جديد مع انطلاق الدار في حيفا ربيع 2011".
وأضاف شلش: نشهد انتباهة نقدية وجماهيرية قوية منذ صدور اعمال الشاعر، حيث عادت حياته واعماله الأدبية لتكون مرتكزًا لعدد من الاعمال المسرحية المحلية والعروض –المسرحية الشعرية التي ما تزال تعرض وتتداول الى اليوم، رغم مرور أكثر من عقد على انتاجها، كما ان الفترة التي اعقبت رحيله شهدت حضور مشروعه الشعري في عدد من العواصم العربية، سيما المختارات الشاملة التي اختارها الشاعر المصري محمود خير الله وصدرت في القاهرة عن سلسلة "إبداع عربي" باسم (صبي الفراشات الملوّنة) وشكّلت اهم اعتراف ادبي عربي بتجربة طه الأدبية الغنية والمختلفة.