news-details

صدور "الخبز في فلسطين": رحلة في صناعة " مادة الحياة" على الارض الفلسطينية

في تعاون جديد بين مركز الدراسات القروية في معليا، بإدارة د. شكري عرّاف والباحث اسكندر عطية، وبين دار راية للنشر والترجمة في حيفا والشارقة، تصدر خلال الفترة القريبة، وبشكل متتالٍ، مجموعة من الأعمال الجديدة للعلّامة الفلسطيني الكبير، د. شكري عراف، نستهلها بكتاب (الخبز في فلسطين؛ صار بيننا خبز وملح).

في مؤلفه الموسوعيّ الجديد يأخذنا د. عرّاف في رحلة معرفية ثريّة في تاريخ الخبز على الأرض الفلسطينية، منذ فجر التاريخ، إلى العصور الحديثة، عبر الإضاءة على علاقة الانسان وجهده بالأرض والمشهد الطبيعي في فلسطين، في سيرورة انتاج الخبز، زراعةً وحصادًا وتخزينًا، وصولًا إلى انتاج رغيف الخبز، كمادة أساسية في حياة انسان هذه الأرض.

يتحرك الجهد البحثيّ الجبار لهذا الكتاب الموسوعي بين أقانيم التاريخ، والفلكلور، والميثولوجيا الدينية التي منحت الخبز مكانةً مقدّسة في جميع الديانات والعقائد التي ولدت على ارض فلسطين، وهو إذ يقوم بهذه الرحلة الثرية، إنما يتوقّف طويلا، وبالتفصيل، أمام أشكال الجهد الإنساني المبذول، لإنتاج رغيف الخبز بوصفه المادة الأساس للحياة، منذ فجر التاريخ إلى استئلاف الحيوانات في العصور البدائية الاولى، وصولا إلى الثورة الصناعية الحديثة التي غيّرت شكل علاقة الانسان برغيف خبزه، وأسهمت في القضاء على أنماط من الانتاج كانت سائدة لفترات تاريخية طويلة، واستحدثت أنماط انتاج جديدة، على ما في هذه الصيرورة من تبدّلات سوسيولوجية- اقتصادية، وتأثبرات على شكل وأنماط الانتاج في فلسطين، وعلى نشوء واندثار أنواع مختلفة من علاقات القوى ضمن مسيرة التاريخ التي شهدتها بلادنا.

ويذهب د. عراف في مقدمة كتابه إلى أنّ "الخبز  كان مادة الغذاء الرئيسية على موائدنا، وما زال يُشكّل نسبة عالية من وجبات الفقراء والعائلات مباركة الأولاد في كل مجتمع. وكان كل ما عداه أمرًا ثانويًا في حاجة الفلاح للغذاء، فإن هو طُبخ فلتتبيل اللقمة وتطريتها، وإن هو حوّل اللبن إلى منتجاته الأخرى فليكون إدامًا لهذا الخبز، أيًّا كان نوعه، ومن أي نبات صُنع أو في أي موقد خُبز".

ويرى د. عراف أن عملية انتاج الخبز، بمراحلها المختلفة، هي إحدى اولى العمليات التشاركية المتساوية بين الرجل والمرأة في التاريخ على أرض فلسطين، ويضيف: "لم يكن فرد واحد فقط، من جنس واحد، هو الذي أشغله هذا الخبز، بل عمل به كلا الجنسين، ووُزّعت الوظائف بينهما بحيث تحمّل الرجل العمل في الخارج، على حين عملت المرأة في البيت، وخرجت لتساعد في جهد، اتّفق كلاهما أنه ضروري لإنجاح المواسم والحصول على الكفاف والشّبع. فالرجل يحرث والمرأة تنكش، هو يحصد وهي تقلع أو تحلش وتغمّر وتحمل "القِتت" على رأسها، حين يحمَّل الحلل على الجمال لتنقلها إلى البيدر، وهو هناك يَدرس ويُقلّب الطرحة، حين تجيء هي له بالأكل، وإن هو ذَرَّى "العورمة" "قوصلت " ما خشن من التبن، ثم إن هو سرد القمح غربلته، وإن ذهب ليطحن في المطحنة قامت هي بالنخل والعجن والخبز، وهكذا .... تقسيم رائع للجهد الذي كان على كل منهما أن يقوم به في تناغم طبيعي في المجتمعات التي نشأت وتطورت وأبدعت على تراب وطننا".

الجدير بالذكر أن الكتاب يأتي بتوقيع د. عراف ومشاركة الباحثين الشبان، اسكندر عطية وماري زيتون، وهو الأول ضمن مجموعة من الأبحاث والموسوعات التي تباشر دار راية للنشر انتاجها بالتعاون مع مركز الدراسات القروية.

أخبار ذات صلة