سجّل الغضب والإحباط من سياسة الحكومة، ورئيسها بنيامين نتنياهو بالذات، ارتفاعا جديدا في صفوف شرائح إسرائيلية واسعة، مع مقتل 6 من المواطنين الإسرائيليين المحتجزين في غزة. ووجه عدد من المحللين ووسائل الإعلام الاتهامات المباشرة لرئيس الحكومة بالمسؤولية عن مصيرهم المأساوي، بل هناك من وصفه بمرتكب القتل عمليًا.
هذه الحقيقة كان يجدر التوصل إليها ليس اليوم بل قبل أشهر طويلة من الحرب والقتل والتدمير والتهجير في قطاع غزة. لكن خليطًا من نزعة الانتقام وهوس الحرب والادمان على العسكرة، دفع بالغالبية الساحقة، بمن فيهم أقسام من المحتجين الآن، إلى السير ببصر وبصيرة منطفئين خلف نتنياهو وحكومته وسياسته وحلفائه المغالين في التعصب والكراهية.
نحن نقول إن منسوب الغضب والإحباط هو الذي يرتفع، ولا نقول إن الوعي لكارثية هذه الحرب يزداد، ذلك لأن المطالبين بالإسراع إلى توقيع صفقة تبادل رهائن وأسرى لا يتممون ما يجب المجاهرة به بوضوح وحزم، وهو: وقف الحرب والانسحاب التام من قطاع غزة، والامتناع عن كل ما من شأنه تعميق الكارثة الإنسانية هناك. وهذا هو أضعف الإيمان الفوري لكل ذي رُشد سياسي متوسط لا يرغب في التدهور أكثر فأكثر.
أما المطلوب بعمق وبرؤية أبعد فهو الإقلاع التام في هذا المجتمع ومؤسسته الحاكمة عن سياسات ومخططات وممارسات الاحتلال والعدوانية والتوسع والاستعلاء على الشعب الفلسطيني وسائر شعوب العرب وشعوب المنطقة. فعدم القيام بانعطافة حادة من عقلية الحرب إلى رؤية السلم والعدل (بترادف تام!) ليس فقط أنها لن تكسر الدائرة الكارثية المقفلة الراهنة، بل ستضيّقها بشكل خانق وخطير ومدمّر أكثر فأكثر، وليس على الفلسطيني وحده.