يتواصل الصمت والإذعان في مختلف شرائح المجتمع الإسرائيلي مع استمرار التعنّت "الانتهازي والمحسوب، لدى بنيامين نتنياهو على المضي في الحرب، علمًا بأن هناك انحسار شبه تام في دعم العالم لإسرائيل، يشمل "أصدقاءها"، وهو ما بات يعترف به جميع المراقبين الإسرائيليين، على مضض.
وعلى الرغم من مظاهرات وصرخة ذوي الرهائن الإسرائيليين ومطالبتهم الحكومة ومناشدتهم المجتمع الإسرائيلي العمل السريع على التوصل لاتفاق يعيد ذويهم وينقذهم (من النار الإسرائيلية والتجويع الإسرائيلي طبعًا)، فإن الطابع العام هو التجاهل الفعلي بالرغم من التعاطف الكلامي. ويبرز هنا بقوّة تخلّف أطياف حركة الاحتجاج ضد الانقلاب الحكومي على قواعد الحكم الديمقراطي (الشكلي) واستقلالية الجهاز القضائي (المحدودة) عن الانخراط في هذه المظاهرات بزخم ملحوظ.
وتقول بعض التحليلات الإسرائيلية إن هذا يدل على أن قادة ذلك الاحتجاج إنما يوافقون نتنياهو في خطواته الحربية على الأرض، من من منطلق الإيمان بالعسكرة والحسم والردع والخ.. بدلا من العلاج بأدوات السياسة لقضية الرهائن ومجمل هذه الحرب. وهذا تشخيص دقيق لو أخذنا بالاعتبار أن قادة الاحتجاج باسم حماية الديمقراطية رفضوا بشدة وعنجهية طرح قضايا الاحتلال والاستيطان، واعتبروها غير ذات صلة بمسألة الديمقراطية. حماقة ما بعدها حماقة! لقد نسي هؤلاء مقولة الراحل يشعياهو ليبوفيتش الثاقبة عن أن مواصلة الاحتلال سوف تقوض الديمقراطية، وهو ما يتفاعل أمامهم بالبث المباشر اليوم.
إن المشهد بكامل تفاصيله يبرز حقيقة غياب التضامن الداخلي في المجتمع الإسرائيلي، على الرغم من كل ملصقات "معا ننتصر" وأشباهها. فقد تُرِك الرهائن وذووهم وحيدين تحت وطأة إصرار الائتلاف اليميني الحاكم، وبمشاركة بيني غانتس المتواطئة، على فعل كل شيء وتقديم كل ما يلزم من قرابين ودماء لغرض تحقيق الهدف الأعلى لديهم: التمسك بالحكم.
فمواصلة الحرب تحمل أكثر من غاية، أولها طبعا أوهام واحلام التهجير وربما الاستيطان في غزة، وثانيها ورديفها إبعاد لحظة انتهاء الحرب خشية من الوقوف أمام لحظة الحقيقة، لحظة انكشاف كذب الأهداف المستحيلة التي وُضعت لها، مما سيضع هذه الحكومة في إزاء جبل شاهق من الخذلان الجماهيري؛ جبلٌ يخاف اليمين أن الناخبين، بالمزاج السياسي المتقلّب لديهم، سيرمونهم من أعلاه إلى مزبلة التاريخ في لحظة الحسم الانتخابي القادمة لا محالة.