تعقد اليوم الثلاثاء الانتخابات المحلية، وكلنا أمل أن تكون الأيام العصبية الراهنة قد وسّعت وعّمقت من الوعي واليقظة لضرورة انتخاب قيادات قرانا ومدننا المحلية على أساس المسؤولية والمهنية والجدارة والانتماء الوطني الجامع، بعيدا عن الفئويات الصغيرة والاعتبارات الضيقة.
إن جميع أشكال الانتماء المجتمعية سواء للعائلة أو المجموعة الدينية أو المذهبية هي انتماءات محترمة وأصيلة، مع ذلك فهي ليست معيارا ملائما بالمرة لاختيار من يتسلم المسؤولية والعمل البلدي. ليست القرابة العائلية ولا الدينية هي التي يجب أن تكون في صلب اتخاذ موقف من قضية لا علاقة لها بعائلة محددة ولا غيرها، بل إن المصلحة العليا للبلد بأكمله وبكافة اهله هي التي يصحّ أن تكون المعيار والمقياس عند الادلاء بالصوت لاختيار الجديرات والجديرين بالقيادة.
يقال هذا خصوصًا، كما أكدت الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة: أنها انتخابات تأتي في ظروف استثنائية وغير مسبوقة، في ظل الحرب الدموية على شعبنا في غزة والتصاعد الفاشي المتسارع الذي تغذيه آلة الحرب الاسرائيلية، وما يتبعه من تصعيد للملاحقة والقمع والترهيب والتضييق بحق المواطنين العرب ومناهضي الحرب في هذه البلاد، مما يجعل مهمة تحويل هذه الانتخابات إلى استحقاق سياسي كفاحي، ملحة أكثر من أي وقت مضى.
إن قضايانا المحلية هي بين الأولويات من حيث الضرورة الحيوية والحاجة الحياتية لكل مواطنة ومواطن، وإلى جانب هذا من المهم والضروري عدم تجاهل أو تناسي أن جميع المواطنين والمواطنات العرب يقفون أمام سياسة حكومية واحدة لا تميّز بينهم من حيث عائلاتهم، بل تميّز ضدهم من ناحية قوميتهم وعلى أساس انتمائهم! ومن هنا، فمن الضروري النظر إلى المرشحين أيضا من منظور قدرتهم على رؤية الصورة السياسية الواسعة، وما يتمتعون به من معرفة وتجربة وجرأة للمثابرة والمتابعة والمواجهة لانتزاع حقوق الناس المشروعة من براثن المؤسسة الحاكمة بكافة أذرعها.