شهد الكنيست في أول أيام دورته الشتوية، هذا الأسبوع، ما يصح اعتباره انفلاتا تشريعيًا عنصريًا وفاشيًا وعدوانيًا وشعبويًا. بينها قوانين تنتهك بصلافة مواثيق دولية بل ميثاق الأمم المتحدة نفسه، أي الهيئة التي تكتسب دولة إسرائيل شرعيتها بقرار منها!. مثال على ذلك قانون حظر وملاحقة وتجريم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا". وهي خطوة وجهت لها الانتقادات حتى راعية الاحتلال الكبرى، أي الإدارة الأمريكية الامبريالية. وليس لنوبة اخلاق أصابت واشنطن طبعًا، بل لشدة الانفلات المهوّس الإسرائيلي الرسمي.
كذلك، فقد بلغ العبث ذروة جديدة حين جاهر "الشاباك" نفسه، ذاك الجهاز الذي لا يمكن التجنّي عليه واتهامه بالانحياز لحقوق الفلسطيني ولا لحقوق الإنسان عموما، بإعلان معارضته لمشروع قانون ترحيل جماعي لعائلات المدانين بالقيام بعمليات في إسرائيل. ومرة أخرى، حتى هكذا جهاز قمع قلق من الانفلات.
وهناك مشروع قانون آخر يهدف إلى مراكمة العراقيل أمام إجازة خوض الأحزاب الانتخابات، والمستهدف طبعا هو الأحزاب الفاعلة بين الجماهير العربية وحلفائها التقدميين اليهود. وفي طيات هذا القانون هناك أيضًا محاولة لمحاصرة المحكمة العليا ودورها في ممارسة الرقابة على القرارات السياسية في لجنة الانتخابات المركزية بشأن حظر أحزاب وقوائم ومرشحين. وهذه عمليًا خطوة في إطار الانقلاب القضائي إيّاه.
إن هذه الهجمة المنفلتة تأتي مدفوعة بعقائد وسياسات ومواقف فاشية تجمع كل مركبات الحكومة، ولكن يجب الانتباه والتنبيه إلى أنها تمتد خارج الحكومة والائتلاف أيضًا، وصولا إلى المعارضة في بعض الأحيان، مثل الاجماع الصهيوني ضد الأونروا. وهي هجمة تزداد شراسة وانحدارًا نحو حضيض بعد آخر وسط وبفعل أجواء الحرب الوحشية وغرائز الانتقام والبطش والتدمير والتهجير وصولا إلى ممارسات تطهير وإبادة.