فيما تكثر الأصوات الإسرائيلية التي تتهم بنيامين نتنياهو بالسعي المقصود لإفشال التفاوض وبالتالي منع صفقة تبادل أسرى ورهائن، بغية إطالة الحرب خدمة لمصالحه السياسية – فإن حكومته تواصل مراكمة الضربات الاقتصادية على جمهور العاملين والأجيرين لدفع أثمان هذه الحرب التي سيتم الاعتراف يومًا (قريبًا) ما أنها لم تحقق سوى الويلات والكوارث.
وإلى جانب الأثمان الملموسة في الغلاء وعبء الهم في إكمال الشهر، فقد أقرت الهيئة العامة للكنيست أولى مراحل مشروع قانون حكومي يمنع زيادة رسوم النقاهة للعاملين قياسًا بالتضخم المالي، في العام الجاري 2024، ويخصم يوم نقاهة من اجمالي الايام التي يستحقها العامل سنويا، لصالح الديون العسكرية. وتربو هذه الأموال التي سيتم نهبها من جمهور العاملين لتمويل الحرب، عن مليار ونصف المليار شيكل.
في الوقت نفسه، لم تتأثر الميزانيات الضخمة بقيمة اجمالية تصل 13 مليار شيكل التي سوف يتم صرفها في السنوات الـ 4 المقبلة على المستوطنات والمستوطنين والحريديم. هذا الجشع يجري بموازاة توقعات اقتصادية قاسية لمكتب الإحصاءات المركزي، منها أن الاقتصاد انكمش بنسبة الخُمس في الربع الأخير من العام 2023، في أعقاب العدوان. بينما قدّرت وكالة "بلومبرغ" الاقتصادية أنّ "إسرائيل تسير نحو واحدة من أكبر حالات العجز في الميزانية في هذا القرن" وأن "الاقتراض وصل إلى مستويات شبه قياسية، مع تعرض الميزانية الإسرائيلية لضغوط، حيث انخفضت الإيرادات الحكومية، بشكل حاد منذ اندلاع الحرب على غزّة، والإنفاق سيرتفع بما يعادل 19 مليار دولار هذا العام".
فسياسة وعقلية الحرب مدمّرة بكل المفاهيم والمستويات، وبعد أن يتبدّد غبارها سيكتشف الجمهور مرة أخرى من بين عشرات المرّات السابقة أنه سيتم تدفيعه الثمن من عرقه وتعبه، وأنه لم يتعلم الدرس للأسف! وأن سياسة السلم هي الضمان الوحيد للعيش الآمن والكريم وليس أي هوسٍ للحرب والانتقام والتوسّع والغطرسة.