حكومة الحرب تقامر بكل شيء ضمن خطواتها التصعيدية المستمرة، سواء في الحرب الوحشية على غزة أو الضربات المغامرة في سوريا ولبنان. آخرها كان استهداف ما وُصف بمبنى قنصليّ إيراني في العاصمة السورية دمشق بقصف قتل مسؤولين إيرانيين كبار. وكالمتوقع، جرّ هذا الاعتداء تهديدات وخشية إسرائيلية من تنفيذها وترجمتها، فتم إعلان حالة تأهب قصوى واعتماد احتياطات واسعة، منها تعطيل نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) في مركز البلاد إضافة إلى مواصلة تعطيله في مناطق واسعة من الشمال.
إن هذه الحكومة، التي يشارك فيها مع مختلف أحزاب اليمين الاستيطاني حزب "المعارضة" المزعومة "كحول لفان" بوزيرين في كبينيت الحرب، بيني غانتس وعادي آيزنكوت، لا تتوقف عن التصعيد بذريعة الردع والمنع وما شابه. علمًا بأن هذه السياسة المنتهجة منذ سنوات لم تؤدّ إلاّ إلى زيادة المخاطر والمخاوف والقلق والتوتر بين الجمهور. لأنها كلها خطوات وممارسات تتم داخل عقلية وممارسة الحرب، مثلما في دائرة مقفلة.
وهذه السياسة هي مصدر التهديد الذي يحيق بسلامة ومصالح الجمهور العام، واستقراره الاقتصادي والنفسي، أما كل الديماغوغيا عن بطولات الأفعال العسكرية فلا تجدي أحدًا نفعًا على المدى البعيد، بل تشكّل بتراكمها خطرًا أكبر بكثير في حال أدت الى اشتعال حرب كبرى إقليمية يزداد تحذير جهات دولية منها كل يوم.
إن السبيل للخروج من هذا الغوص في مستنقع الحروب الدائمة هو كسر الدائرة المقفلة والتفكير والتوجه بمفاهيم مناقضة للحرب، عقلية وممارسة. وهو ما يجب أن تقلع عنه هذه الحكومة، بل كل المؤسسة السياسية الإسرائيلية المؤلفة من الأحزاب الصهيونية جميعًا. إن درب النهج السياسي نحو تخفيف الصراع والتهدئة والحوار وصولا إلى حلول عادلة (نسبيًا!) هو الضمانة الوحيدة لجلب الأمن والاستقرار، أما كل ما عدا هذا فهو بمثابة الوصفة لمواصلة المآسي، والدليل هو عقود السياسة الرسمية الإسرائيلية الطويلة. فكفى لعقلية وممارسة الحرب المدمرة!