يشكل تزايد التحركات بين جماهيرنا من اجل حملات الإغاثة للأهل الفلسطينيين في قطاع غزة مقولة سياسية مهمة، إلى جانب مضمونها الإنساني والأخلاقي النبيل. فهي مسألة تفوق بمعانيها مد يد الدعم والاحتضان، وصولا إلى تجسيد الانتماء الوطني والفعل النضالي والموقف الإنساني.
لقد حاولت المؤسسة الحاكمة الإسرائيلية عزل القطاع الذي تقتل فيه وتدمّر وتهجّر على مدار الساعة منذ 322 يومًا وليلة، وخططت لدب الخوف لمنع التضامن مع أهله، حتى ولو باللسان..، وسعت لمنع إدخال مختلف مواد وخدمات الإغاثة من أية جهة، لكن حجم جريمتها كان اكبر من قدرتها على تمرير مخططها، الذي كان بين أهدافه الأولى تهجير القطاع وإفراغه من اهله. ويمكن القول في هذه المرحلة إنها فشلت بتحقيق هذا.
وإذا كانت حملات الإغاثة في المراحل الأولى من الحرب هي حملات دولية من حكومات ومنظمات، فنحن نسلط الضوء بإيجابية على الحملات الشعبية، ونشير خصوصا إلى الحملات في صفوف جماهيرنا العربية الفلسطينية في مدننا وقرانا هنا. فهي تحمل أهمية عديدة الطبقات والمستويات بكونها حملات يجريها أشقاء وشقيقات لأجل أشقائهم وشقيقاتهم، وتشكل في أحد مضامينها عميقة الأهمية مقولة سياسية شجاعة تعلن بوضوح أن الترهيب لن ينجع في الإخضاع، ولا في الانسلاخ عن الهوية الوطنية.
هذه ترجمة حيّة للمقولة المأثورة: "لم ننكر، ولا يمكن ان ننكر حتى لو جوبهنا بالموت نفسه، أصلنا العريق: اننا جزء حي وواع ونشيط من الشعب العربي الفلسطيني"!
ونشدد هنا على الموقف الذي أصدرته لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية بخصوص تنظيم عمل الإغاثة: "إنّ نضالنا الشعبي والسياسي والدولي لوقف حرب الإبادة ضد شعبنا، رغم الملاحقات والتهديدات والتقييدات الخطيرة وغير المسبوقة التي تضعها إسرائيل أمامنا، هو واجب وطني وأخلاقي وإنساني من الدرجة الأولى، ونرى أنّ الإغاثة الطارئة والمستدامة هي أحد أهم عناصر التعبير عن هذا الواجب".