فيما تتواصل حرب المجازر الإسرائيلية التي يسقط فيها يوميًا ضحايا مدنيون فلسطينيون في قطاع غزة، تتزايد المؤشرات على ان مساحات إضافية من الحقيقة باتت واضحة أمام قطاعات متزايدة من الجمهور الإسرائيلي. وهذا إلى جانب تصاعد المظاهرات ضد الحكومة، من منطلقات ولدواعٍ مختلفة، ما يجمعها هو رفض مواصلة السياسة المنتهجة وخصوصًا بشأن صفقة تبادل أسرى ورهائن.
فقد أظهر استطلاع رأي أن 45% من الإسرائيليين يعتقدون أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يعرقل التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن "لأسباب سياسية"، بمعنى مصالحه السياسية الخاصة. بينما أظهر أنه من بين المواطنين اليهود الذين شملهم الاستطلاع، أيد 57% الصفقة.
وفي داخل كبينيت الحرب أيضًا، تسرّب أنه تم رفض شروط تعجيزية وضعها نتنياهو لإتمام الصفقة، ورأى الوزراء المشاركون في الاجتماع بأنها جاءت لكي تعيق التوصل إلى نتائج في المفاوضات. وبموازاة ذلك تعمل الإدارة الأمريكية على تقريب الوزير بيني غانتس في رسالة واضحة لنتنياهو بأنه لم يعد محطّ ثقة. (ويجب الاستدراك والتوضيح أن هذا التوجه الأمريكي الرسمي يعود إلى الخشية على المصالح، وليس من منطلقات أخلاقية، واشنطن "بريئة" منها تمامًا!).
ويكثر المحللون العسكريون المقربون من الطوابق العسكرية والأمنية العليا من الحديث عن أن الأخيرة غير راضية عن إدارة الحرب من ناحية تهرّب نتنياهو وحكومته من الخوض في مسائل ما بعد انتهاء الحرب، وهذا ما يتصل بالنقطة السالفة عن نيّة نتنياهو، التي لم تعد مخفيّة، مواصلة الحرب إلى أجل غير مسمى فقط حفاظًا على سلطته.
ليس معروفًا كيف أو متى ستؤدي هذه التحوّلات البطيئة والمحدودة إلى نتيجة ملموسة ارتباطًا بوقف الحرب الوحشية. ولكن من المستحيل إخفاء الشروخ العميقة الحاصلة في المؤسسة الحاكمة، ولربما أن أشدّ مثال عليها ما صرّح به مصدر استخباراتي إسرائيلي كبير لصحيفة "التلغراف" البريطانية، إذ اعتبر أن إيتمار بن غفير هو "أكبر تهديد لإسرائيل من الداخل".. هذا كلام لا يقال عن "متطرف" أو "راديكالي" عادي، بل عن وزير حامل حقيبة ما يسمى بـ"الأمن القومي"!