افتتحت منظمة العمل الدولية مؤتمرها الحادي عشر بعد المائة يوم 5 حزيران الحالي وتستمر جلسات المؤتمر حتى 16 من الشهر نفسه، بحضور ممثلين عن 187 دولة يقدر عددهم بحوالي 5000 مندوب يمثلون الحكومات واصحاب العمل والنقابات، ويتناول المشاركون في المؤتمر العديد من القضايا المتعلقة بعالم العمل وما يواجهه من صعاب في ظل الازمات الاقتصادية والغلاء الفاحش وتآكل قيمة الاجور وما تتعرض له الحركة النقابية من هجوم من قبل مختلف الحكومات، بما فيها الاعتداء على الحريات النقابية، وكان قد افتتح المؤتمر المدير العام الجديد للمنظمة السيد جيلبرت ف. هونجبو وهو اول مدير عام للمنظمة من القارة الافريقية، وكان قد تسلم مهمة المدير العام في شهر تشرين ثاني 2022 خلفا للمدير العام السابق غاي رايدر.
هذا وفي كلمته الافتتاحية التي القاها على مسامع المندوبين قال:”ها نحن نجتمع حضوريا مرة اخرى في فترة محورية يشهدها سوق العمل. وما فتئ التقدم التكنولوجي والعلمي يستمر في رسم معالم اشكال جديدة من العمل ويستحدث الاف الوظائف، ناهيك عن مكاسب الانتاجية.” واضاف بخصوص القول ان اقتصاديات الدول ذات الدخل المرتفع عادت الى طبيعتها بعد جائحة كورونا، لكن " الصورة أكثر قتامة بالنسبة الى البلدان منخفضة الدخل. واستنادا الى ذلك يشير مرصد ةعالم العمل التابع لمنظمة العمل الدولية، الذي نُشر الاسبوع الماضي، الى مستوى بطالة عالمي يُقدر بنحو 191 مليون شخص، وهو بالكاد اقل مما كان عليه قبل الازمة.” واضاف "لا ينبغي لاحد ان يمارس سياسة النعامة … في الوقت نفسه تستمر اوجه انعدام المساواة في الاتساع. ومن المخزي ان نلاحظ انه جثى اليوم لا يتمتع 4 مليارات من مواطنينا باي حماية اجتماعية وان 214 مليون عامل يكسبون اجرا اقل من عتبة الفقر, وكيف يمكن ان نفسر انّ اليوم لا تزال النساء يكسبن في المتوسط 20 في المائة اقل في الساعة من زملائهن الذكور؟".
وكان المدير العام قدم تقريره الاول بعنوان "الدفع قدما بالعدالة الاجتماعية "، وتطرق في كلمته ايضا الى موضوع عمالة الاطفال والعمل الجبري، اما عن اوضاع العمال العرب تحت الاحتلال الاسرائيلي فقد قال:”خلال المؤتمر، ستتاح امامكم الفرصة ايضا للنظر في تقريري عن وضع عمال الاراضي العربية المحتلة. وللاسف الشديد يؤكد هذا التقرير ظروف سوق العمل الصعبة ومستوى البطالة المرتفع وزيادة مستوى الفقر، خاصة في غزة حيث ارتفعت من 59 في المائة الى 65 في المائة، وسيواصل مكتب العمل الدولي تقديم المساعدة التقنية الى السلطة الفلسطينية وكذلك الى العمال واصحاب العمل في فلسطين.”جدير بالذكر ان المدير العام قدم تقريره الخاص ايضا بعنوان "وضع عمال الاراضي العربية المحتلة" الذي يقع في 63 صفحة ويحمل انتقاد شديد للمارسات الاسرائيلية بحق العمال العرب في فلسطين المحتلة والجولان السوري المحتل، ويعتبر ظاهرة سماسرة التصاريح ظاهرة الاتجار بالبشر.
ووفق متابعتي لجلسات المؤتمر فان اكثرية المتحدثين ومن مختلف الدول بما في ذلك وزراء واصحاب عمل ونقابات فقد كانت قضية العمال في الاراضي العربية المحتلة وقضية ممارسات الاحتلال الاسرائيلي من قمع وتوسيع المستوطنات كلها اخذت حيزا في كلمات المتحدثين من استنكار ومطالبة بوقف تلك الممارسات والتقيد بالقرارات الدولية.
وكالعادة عقدت المجموعة العربية على هامش جلسات المؤتمر جلسة خاصة بعنوان "ملتقى التضامن مع عمال وشعب فلسطين والاراضى العربية المحتلة الاخرى" وذلك مساء يوم 7 حزيران بقاعة الامارات باشتراك المدير العام لمنظمة العمل الدولية والمدير العام لمنظمة العمل العربية ووفود الدول العربية والاجنبية.
وانتخب الدكتور علي بن صميخ المري، وزير العمل القطري، لتولي رئاسة الدورة 111 لمؤتمر العمل الدولي وذلك بالاجماع بعد ان طرح ترشيحه من قبل المجموعة الاسيوية، وبالرغم من ان انتخابه قد تم بالاجماع، الا ان ممثلة مجموعة العمال النقابية كاتلين باشير نائبة رئيس مجلس ادارة منظمة العمل الدولية عن مجموعة العمال ابدت تحفظ مجموعة العمال على انتخابه بسبب الممارسات الظالمة بحق العمال المهاجرين وغيرهم من قبل دولة قطر، لكنها تضطر للتصويت بسبب ان قرارات المؤتمر تقر بالتوافق.
الحقوق المالية المحتجزة لعمالنا الفلسطينيين
طالب وزير العمل د. نصري ابو جيش، خلال كلمته اليوم، في مؤتمر العمل الدولي الدورة (111) المنعقد في جنيف، المدير العام لمنظمة العمل الدولية واعضاء المنظمة بتشكيل لجنة بقيادة منظمة العمل الدولية، لحماية حقوق عمالنا الفلسطينيين المتراكمة منذ عام 1970، ووضع الية لاستعادتها من قبل الاحتلال الاسرائيلي، والتي يستخدمها الاحتلال لتطوير اقتصاده، مؤكدا على اهمية استعادة اموال العمال الفلسطينيين لاصحابها لخدمة الاقتصاد الفلسطيني، وان لا نترك حكومة الاحتلال فوق القانون والمساءلة.
واضاف ابو جيش " نريد عملا لائقا لعمالنا يحفظ حقوقهم وكرامتهم الانسانية"، فمازال عمالنا في المنشات الاسرائيلية يعملون في ظروف عمل غير لائقة يتحكم بها سماسرة العمل، ومازالت حوادث العمل تحصد ارواح العشرات من العمال الفلسطينيين سنويا، كما يعاني عمالنا من الظروف القاسية على المعابر والتي تعتبر اماكن للذل والقهر اللاانساني، اضافة الى الكثير من الانتهاكات المخالفة لمعايير منظمتكم واتفاقياتها.
واكد ان ملاحظات المدير العام وتوصياته في تقريره السنوي لابد ان تجد طريقها للتنفيذ لحماية حقوق عمالنا، مشيرا الى ان التقرير يؤكد سنويا جملة من الحقائق والانتهاكات التي يتعرض لها العمال الفلسطينيين، كما يؤكد التقرير ضعف الاقتصاد الفلسطيني نتيجة السياسات الاسرائيلية الممنهجة لاضعاف الاقتصاد الفلسطيني، وهو ما يعكس ذاته على مؤشرات الفقر والبطالة والعمل اللائق واستقرار السوق، والمعدلات والنسب التي تعتبر الاعلى في العالم.
وعلى هامش المؤتمر، تراس ابو جيش والوفد المرافق له والذي ضم كلا من الامين العام لاتحاد نقابات العمال شاهر سعد، ورئيس اتحاد الغرف التجارية والصناعية عبده ادريس، وسفير فلسطين في جنيف ابراهيم خريشة، اجتماعا مع مدير عام منظمة العمل الدولية، حيث طالب ابو جيش المنظمة بضرورة العمل المشترك لوضع الاليات والاجراءات اللازمة لوضع توصيات التقرير موضع التنفيذ، والحد من الانتهاكات الاسرائيلية، سيما التفرد في عملية التشغيل واصدار التصاريح، واتخاذ الاجراءات اللازمة لمحاربة ظاهرة سماسرة التصاريح والعمل على حماية الحقوق الاجتماعية للعمال، مشيرا الى اهمية تقرير بعثة تقصي الحقائق.
واكد \ في كلمته، على دور منظمة العمل الدولية في فلسطين، خاصة في دعم الاستراتيجية الوطنية للتشغيل، وبرنامج العمل اللائق.
وكان الوزير ابو جيش قد التقى العديد من المشاركين في المؤتمر من مختلف الدول وبرز اللقاء مع د. حسن شحاته وزير العمل المصري، وكان محور هذه اللقاءات قضية العمال في الاراضي العربية المحتلة وما يواجهونه من ظُلم ومعانة من قبل قوات الاحتلال الاسرائيلي.
//كلمة الامين العام لنقابات عمال فلسطين
القى شاهر سعد الامين العام لنقابات عمال فلسطين كلمة النقابات الفلسطينية امام المشاركين في مؤتمر منظمة العمال الدولية ومما جاء في كلمته:” عمال فلسطين، ما زالوا من اكثر عمال العالم تعرضا للتهميش والحرمان، ومحرومين من التمتع بالامن والعدالة، التي تنشدها نظم العمل الدولية وتشريعاته، لانهم يعانون يوميا من الانتهاكات التي تمارس عليهم من قبل دولة الاحتلال الاسرائيلي، والتي تؤدي الى حرمانهم من العمل اللائق والامن، وزيادة عديد المتعطلين بينهم عن العمل؛ وقد اشار مدير عام منظمة العمل في تقاريره الدورية الى ظاهرة البطالة في فلسطين وتعاظمها الخطر، وحذر من انعكاساتها المدمرة للاقتصاد والمجتمع الفلسطينيان، وخاصة في قطاع غزة.
واضاف: “انه رغم المشوار الكبير الذي قطعته منظمة العمل الدولية المحفوف بالانجازات الا ان هناك تحديات وصعوبات تواجه منظمة العمل الدولية وعلى راسها فلسطين الذي لا يزال شعبها وعمالها يعيشون تحت الاحتلال الاسرائيلي بكل ارهاصاته وبكل فاشيته تجاه الشعب الفلسطيني، انتم تعلمون بانه تم رصد وتوثيق كل هذه الانتهاكات بتقرير المدير العام الذي نشكره وبعثته على ذلك، وقد صممت من اجل ذلك برامج لخدمة الطبقة العاملة ليتجاوزوا مخاطر الوصول الامن الى اماكن العمل، كما تم توقيع على اتفاق ما بين اطراف الانتاج اتفاقية العمل اللائق وذلك لاحقا لاتفاقية رقم (205) للعمالة التي تم اعتمادها بهذا المؤتمر.
ويكون ذلك اليوم السمة السائدة في فلسطين معدلات البطالة والفقر المرتفعة وخاصة بين سكان قطاع غزة الذين يعانون البطالة والحرب المدمرة عليهم دائما وابدا كما ذكر ذلك تقرير البنك الدولي، وما زالت الحواجز العسكرية الاسرائيلية تزداد في كل مناطق الضفة الغربية بشكل يومي، كما اشار مكتب الامم المتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية (OCHA) بان هناك اكثر من (506) حواجز بين مدن وقرى ومخيمات الضفة الغربية، هذا عدا عن الحاجز الدائم والسور الدائم حول القدس عاصمة فلسطين.
ان تلك الحواجز تسهم في تدمير البنية التحتية للتنمية الاقتصادية، وضعف عجلة نمو الاقتصاد الفلسطيني ليصبح اقتصاد هش ضعيف لا يقوى على تطوير السياسات الاقتصادية التي تسعى لاستعياب كل العمال الوافدة لسوق العمل الفلسطيني، ليزداد تباطؤ نمو الاقتصاد في فلسطين.
وتابع مؤكدا ان لا حدود ل:” معاناة العمال الذين يعملون داخل الاراضي المحتلة عام (1948) من المطاردة العسكرية القاتلة، والاعتقال التعسفي، بمشاركة الكلاب البوليسية وحتى الطائرات المسيرة، واكيد جميعكم سمع عن ذلك والعديد من العمال فقدوا حياتهم بسبب هذه الانتهاكات المستمرة.
ومن الجدير بالذكر ان واقع المستوطنات المستشري بالاراضي الفلسطينية والذي اصبح مثل السرطان ياكل كل مقومات الحياة على اعين ومراى العالم، ورغم كل ذلك نحن نعمل بكل جد في فلسطين كاطراف انتاج من اجل تحسين واقعنا، وتعزيز صمودنا وصمود عمالنا و عاملاتنا داخل فلسطين، وذلك بالتعاون مع منظمة العمل الدولية، اعدادا لورقة الموقف الوطني، وانشاء التحالف الوطني والمشاركة بالحوار الاجتماعي لتعديل قانون العمل الفلسطيني رقم 7 لعام 2000م.
واختتم سعد حديثه بالقول، “بانه لا يمكن القضاء على الفقر، ولا يمكن ان تتم التنمية المستدامة طالما هذا الاحتلال باقي على صدورنا في فلسطين فليسقط الاحتلال، ولتقام الدولة الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس الشريف، لكي ينعم عمالنا بالتنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية والعمل اللائق”.