news-details

رئيس بلدية عرابة عمر نصار لـ"الاتحاد": السلطات المحلية العربية على شفا الانهيار بسبب سياسات الحكومة

هزت أزمة الكورونا خلال الأشهر الماضية، أركان العالم، خاصة الرأسمالي. والمتضرر الأكبر كان الفئات المسحوقة والمستضعفة حول العالم الواقعة تحت نير النظام الرأسمالي، حيث راحت النسب العظمى من التعويضات للشركات الضخمة، وكبار رؤوس الأموال، ولم يبق للعامل البسيط سوى الفتات، في حال تم تعويضه.
أما في البلاد، فالموضوع أكثر تعقيدًا من ذلك بكثير، فبالإضافة لسياسات حكومة إفقار الفقراء، تواجه جماهيرنا العربية مرضًا اضافيًا، وهو التمييز العنصري ضدها منذ النكبة، والذي كانت نتيجته النسب الهائلة من العائلات العربية التي تعيش تحت خط الفقر.
وبعد كل هذا تأتي الحكومة وبكل وقاحة وسفالة، لتعطي للسلطات المحلية العربية نسبة أقل من 2% من التعويضات المخصصة لتخفيف أضرار أزمة الكورونا، متجاهلة أنّ السلطات المحلية العربية هي الأكثر تضررًا من الأزمة.

"الاتحاد": أعلنت السلطات المحلية العربية قبل أيام عن إضراب مفتوح، احتجاجًا على التمييز المجحف ضدها من قبل الحكومة ومخصصات تعويض جائحة كورونا، ما هي خلفيات اتخاذ قرار الإضراب وما هي المطالب العينية لهذا النضال؟
نصار: قرار الإضراب الذي اتخذته السلطات المحلية العربية يأتي ضمن سلسلة من الخطوات الاحتجاجية التي اتخذناها، حيث بدأت قبل ما يقارب الأسبوعين، عندما قررت اللجنة القطرية بتعليق عودة الطلاب إلى مقاعد الدراسة، ثم تم تصعيد موقف اللجنة القطرية بتنظيم مظاهرة للرؤساء أمام وزارة المالية في القدس. ثم المشاركة في لجنة جلسة المالية في الكنيست. وبعد ذلك تقرر إعلان الإضراب الشامل والمفتوح يوم الثلاثاء.
كل هذه الخطوات تأتي كردّ على عدم تعامل الحكومة ووزارة المالية بالشكل الجدي والمطلوب مع الأزمة الاقتصادية الخانقة التي دخلت فيها السلطات المحلية العربية في أعقاب أزمة كورونا وتداعياتها، قررت الحكومة في وقت لاحق تعويض السلطات المحلية في البلاد عن الخسائر التي لحقت بها جراء إغلاق المصالح التجارية فيها، وبالتالي إعفائها من دفع ضريبة الأرنونا للسلطات المحلية.
المبلغ الذي أقرّته الحكومة كتعويض لكافة السلطات المحلية في البلاد هو 2,8مليار شيكل، وهو يبدو للوهلة الأولى مبلغًا كبيرًا دسمًا، ولكن حصة السلطات المحلية العربية منه كانت 47 مليون شيكل فقط.
نحن نتحدث عن 67 سلطة محلية عربية تمثل 1,2 مليون مواطن عربي، حصلت فقط على 47 مليون شيكل بالمجمل، وللمقارنة، مجلس إقليمي "تمار" بجانب البحر الميت، عدد سكانه أقل من 2000 نسمة، حصل على مبلغ أكبر مما حصلت عليه السلطات العربية مجتمعة، بلدية إيلات كذلك الأمر.

"الاتحاد" ما هي المعايير التي وضعتها الحكومة لتوزيع هذه التعويضات؟ وكم هي منصفة هذه المعايير؟ وهل تأخذ الوضع الخاص للبلدات العربية؟
نصار:
المواطنون العرب يشكلون نسبة 18% من سكان البلاد ولكن مبلغ الذي حصلنا عليه يشكل 1,7% فقط!! من مجمل التعويضات التي دفعت لكافة السلطات المحلية، ما يعني أننا حصلنا على أقل من 10% من نسبتنا، هذا إجحاف صارخ لا يمكن السكوت عنه.
بعد إجراء دراسات مهنية، تبين أن خسائر السلطات المحلية من الضرائب، تقدر بـ70 مليون شيكل للشهر، وها نحن ندخل الشهر الثالث من أزمة كورونا، وهذا يعني أن الخسائر تقدر بـ200 مليون شيكل، وتأتي الحكومة لتعوضنا بـ47 مليون شيكل لا تحل أي مشكلة، لا تسمن ولا تغني من جوع.
التجاهل الحكومي لهذه القضية نابع من أنّهم ينظرون للمصالح التجارية فقط، وتعويض ضريبة الأرنونا التي منحوا أصحاب المصالح التجارية 25% منها.
نحن نقول أن سلطاتنا المحلية العربية وبلداتنا ومدننا تفتقر إلى مصالح تجارية ومناطق صناعية وتجارية، ولذلك فإن أساس دخل السلطات العربية هو من ضريبة المساكن وليس من ضريبة المتاجر، لأنه لا يوجد عندنا متاجر.
وبالتالي فإننا خسرنا مرتين، خسرنا لأنه ليس عندنا متاجر، وبالتالي لا يمكن تعويضنا عنها، وخسرنا لأن المساكن عندنا لم يعد أهلها قادرين على دفع ضريبة المساكن لأن قسمًا كبيرًا منهم أصبحوا عاطلين عن العمل وهؤلاء لا تعوّض الحكومة عنهم، وهكذا، وجدنا أنفسنا كسلطات محلية عربية بدون دخل ووجدنا أنفسنا عاجزين عن تقديم أبسط الخدمات للمواطنين وعلى شفا الانهيار.
إذا كنا هذا الشهر قد دفعنا معاشات الموظفين، فإننا في الشهر القادم سنواجه صعوبة حقيقية في دفعها إذا لم تتدخل الحكومة لحل الأزمة.

"الاتحاد" ما هي الخطوات التي تعزمون على اتخاذها مستقبلا؟
نصار:
كما قلت سابقًا، إنّنا أعلننا عن سلسلة من الخطوات كانت الأولى منها تعليق الدراسة، والثانية كانت مظاهرة في القدس للرؤساء، والثالثة كانت الإضراب الشامل. وفي حال لم تتجاوب الحكومة مع مطالبنا فإننا نفكر بتصعيد هذا النّضال أو خطواتنا الاحتجاجية. سندرس بطبيعة الحال الخطوات الآتية التي يمكن أن نقوم بها لاحقًا. 
الآن في هذه الأثناء اليوم وبالأمس، هناك اتصالات حثيثة تجرى مع مركز الحكم المحلّي، ومع وزير الداخلية، ووزارة المالية، والعديد من الموظفين أيضًا. وعلمنا كذلك، بأن رئيس الحكومة أوعز إلى وزير الداخلية بالعمل على حلّ القضية، وفي حالة لم يتم حلّها حلًّا جذريًا، فإنّنا سنتخذ إجراءات أخرى. 
الحلول التي يتحدثون عنها حتى الآن، باعتقادنا هي حلول جزئية، لأنهم يتحدثون عن مبلغ بحدود الـ100 مليون حتّى 120 مليون شيكل لجميع السلطات المحليّة، وعند توزيعها يمكن أن تحدث بلبلة، لأنه ليس واضحًا كيف سيتم هذا التوزيع. فهل توزّع على السلطات المحلية العربية فقط؟ أم على السلطات التي تواجه أزمة وصعوبة اقتصادية؟ وعندها سيشمل العديد من السلطات المحلية اليهودية، وهكذا ستقل حصتنا من هذا المبلغ، وهذا بالطبع أمر مرفوض، لذا في حال لم يتعاملوا بجدية مع السلطات المحلية العربية وتكون هناك معادلة واضحة لتعويضها بشكل كامل عن خسائرها سنفكر في اتخاذ خطوات أخرى مستقبلًا.

"الاتحاد" ما رأيك في ضرورة تحويل المعركة إلى معركة شعبية جماهيرية تشارك فيها الأحزاب والقوى الفاعلة لتحصيل المساواة؟
نصار:
باعتقادي أن التصعيد في مرحلة معينة يجب أن يخرج عن دائرة الرؤساء فقط، ويجب أن يتوقف تقديم الخدمات التي تقدمها السلطات المحلية العربية كليًا، ويجب أن يتحول النضال الى نضال شعبي ورسمي معًا. بمعنى أن تتحرك الأحزاب والنواب العرب، نواب القائمة المشتركة الذين يتابعوننا ويدعموننا طوال الوقت، ولكن يجب أن يكون لهم دور فاعل ومؤثر داخل الكنيست، وعلى الوزارات الحكومية المختلفة، والنضال الشعبي في الميدان بتنظيم المظاهرات او بإغلاق الشوارع، أو المحاور المركزية، بهذا الشكل المتكامل من الخطوات الاحتجاجية والنضالية يمكن التأثير على صناع القرار ليتخذوا القرار اللازم والصحيح لدعم السلطات العربية المحلية، وبالطبع هذا في حال تم التصعيد، ولكننا نأمل أن تنتهي الأزمة وأن تحل، وأن نعود إلى مزاولة عملنا وتقديم الخدمات لمواطنينا في أقرب وقت.

أخبار ذات صلة