مقابلة خاصة بالاتحاد مع رئيس مجلس محلي كفرياسيف الرفيق شادي شويري، حول سياسة التمييز والعنصرية الممنهجة ضد السلطات العربية المحليّة والتي ستأخذ شكلًا وطابعًا أكثر اجحافًا مع تشكيل الحكومة الجديدة.
"الاتحاد": كنّا نراهن سابقًا أن زمرة اليمين الفاشي المتألفة من رأس الحربة نتنياهو وثلّة من الفاسدين والمستوطنين حوله هم الأكثر طغيانًا على صعيد الصراع عامّة، وعلى صعيد التمييز والنهج العنصري الذي يقابل الجماهير العربية الفلسطينية في الدّاخل. ولكن لا شكّ أن الحكومة الجديدة، وهي وليدة المرحلة المقبلة، ستكون أكثر عتيًا، لما في جعبتها من نيّات تأبيد الاحتلال، تثبيت ومتابعة خطط الاستيلاء والاستيطان والضم، فأيّة تحديات من المتوقع أن تواجهها السلطات المحليّة في حال ظفرت هذه الحكومة بما تعمد عليه، وما هي التأثيرات المستقبلية لذلك؟
شويري: لا شكّ أن حكومة نتنياهو الأخيرة كانت من أشد الحكومات عنصرية وعداءً للجماهير العربية وحقوقها. هذه الحكومة خلقت جوًا من التحريض السافر على العرب بدءًا من رئيس الحكومة حتى أصغر وزير. والأخطر أن عنصريتها كانت ممنهجة ومنسّقة تهدف إلى نزع الشرعية عن الجماهير العربية واتهامها بإشعال الحرائق، وأنها "داعش" وسائر هذه الاتهامات التي توّجت في النهاية بسن قانون القومية العنصري.
حكومة نتنياهو جانتس لن تكون أفضل وعلينا كجماهير عربية وعلى القوى التقدمية اليهودية أن نكون على أهبة الاستعداد لما هو قادم، فباعتقادي ستتعمق العنصرية أكثر وستقضي هذه الحكومة على ما تبقى من هامش ديمقراطي وستعمق الاحتلال و"تقوننه".
سلطاتنا المحلية العربية هي جزء من شعبنا ومن قيادته وتعاني من سياسة التمييز العنصري على كافة الأصعدة بدءًا من تخصيص الميزانيات والتضييق على مسطحات البناء وفي التربية والتعليم وفي إهمال وتقصير الشرطة في مكافحة العنف والجريمة وفي بناء المناطق الصناعية وخلق فرص عمل للشباب، وحتى في تعويضات الكورونا لم نسلم من التمييز الصارخ بحقّنا، حيث كان نصيبنا كسلطات محلية عربية مجتمعة فقط على حوالي 2% فقط من مجمل التعويضات البالغة مليارين وستمائة مليون شيكل.
ولذلك علينا أن نشكل الظهر والسند الداعم لهيئاتنا التمثيلية القطرية ونضالها من أجل المساواة القومية واليومية من لجنة المتابعة واللجنة القطرية للرؤساء والمشتركة وأن نكثف النضال الشعبي والمهني لتحصيل حقوقنا المشروعة.
"الاتحاد": ما هي الخطوات التصعيدية القادمة إلى جانب الإضراب المفتوح، خاصّة بعد المهلة الّتي منحت للحكومة كنوع من الاحتجاج الأولي للاستجابة على هذه المطالب المشروعة؟ وهل سيكون هنالك دور شعبي لمواجهة هذه السياسات بوحدوية؟
شويري: اضطررنا إلى إعلان الإضراب المفتوح كخطوة احتجاجية أولية على التمييز الصارخ في تعويضات الكورونا وهناك خطوات تصعيدية في حال عدم الاستجابة لمطالبنا العادلة فقد توجهت اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية بالتماس إلى محكمة العدل العليا، وكذلك يتم تنظيم التظاهرات التضامنية مع مطالبنا في جميع المناطق وهذه التظاهرات هي مهمة لتشكيل مساندة جماهيرية لنضال سلطاتنا المحلية ففي نهاية المطاف نحن نطالب بحقوق سلطاتنا المحلية التي هي في النهاية حقوق جماهيرنا.
"الاتحاد": رغم الضائقة الجلية الّتي تنهش في كبد السلطات المحلية العربية وفي عمدة استمراريتها، استطاع مجلس محلي كفرياسيف أن يتجاوز بعض الشيء أثر الممارسات الحكومية وعمل على تحضير المدارس لاستقبال الطلاب وفقًا للمعايير المطلوبة التي أصدرتها وزارة الصحة، فكيف استطعتم القيام بهذه التحضيرات وبسرعةٍ رغم أصداء العاصفة المجحفة؟
شويري: تحضير المدارس وتجهيزها للعودة التدريجية للتعليم هو واجبنا وعلينا القيام به رغم كل الظروف وعلى حساب ميزانيتنا العادية. هذا، ضمن اجراءات ومصروفات أخرى اضطررنا لصرفها في أزمة الكورونا، شكل وسيشكل عبئًا على ميزانيتنا الفقيرة أصلًا بفعل سياسات التمييز. ولذلك يكتسب نضالنا من أجل المساواة في تعويضات الكورونا أهمية خاصة فهذا حقنا وحق أولادنا وطلابنا والتمييز هنا سيعني إيصال مجالسنا العربية لأوضاع مادية لا تحتمل لأنه لا يمكننا أن نتخلى أبدًا عن واجبنا تجاه جمهورنا.
"الاتحاد": كيف يتعامل النّاس بشكل عام مع الأزمة الحالية، خاصّة بعد تضييق الخناق الاقتصادي على عملكم في المجلس المحلي وبالتّالي تعسّر تقديم الخدمات المطلوبة؟
شويري: الجمهور بشكل عام متفهم لنضالنا خاصة وأن التمييز في تعويضات الكورونا هو صارخ ومفضوح. فلا يمكن أن نقبل أن تحصل بلدية إيلات مثلًا على نفس التعويض الذي ستحصل عليه سلطاتنا العربية مجتمعة. والأنكى من ذلك أنهم يبررون هذا التمييز بعدم وجود مناطق صناعية في القرى والمدن العربية أي أنهم يبررون تمييزهم بتقصيرهم، لأن السؤال هو لماذا لا توجد مناطق صناعية في مدننا وقرانا؟ وكلنا نعرف أن هذا الواقع هو بفعل تقصير وعنصرية الحكومات المتعاقبة. جماهيرنا تعلم أننا نطالب بحقوقنا كسلطات محلية التي هي في النهاية حقوق الجمهور ولذلك هي مساندة ومؤيدة لهذا النضال الذي نخوضه على المستوى الشعبي والمهني والقضائي ومتفهمة لإضرابنا وإجراءاتنا الاحتجاجية.