news-details

محمد بركة لـ"الاتحاد": نعلم أن مساهمتنا لبيروت مهما بلغت، متواضعة، لكنها تعبير واجب عن موقف انساني واخلاقي ووطني

دعت لجنة المتابعة العليا للجماهير الفلسطينية في الداخل، الجماهير العربية  الى التجند لإغاثة الشعب اللبناني الشقيق في الكارثة التي حلّت به اثر انفجار مرفأ بيروت. وقد اتفقت اللجنة بإجماع كافة مركباتها على توحيد حملة الإغاثة وتنظيمها، وضمان القنوات السليمة لنقل المساعدات. وقمنا بالاتحاد بالحديث مع رئيس لجنة المتابعة، الرفيق محمد بركة، لسؤاله عن تفاصيل الحملة.


الاتحاد:اطلقت لجنة المتابعة حملة جمع تبرعات وحدوية من أجل غوث الشعب اللبناني اثر كارثة انفجار مرفأ بيروت الذي خلف آلاف الضحايا بين قتلى وجرى ومشردين. ما هي القيمة المعنوية والرسالة الانسانية من وراء الحملة ؟

محمد بركة: يجب ان يكون الانسان متبلد المشاعر كي لا يشعر بالذهول من الانفجار في مرفأ لبنان، وهذا الذهول من المفروض أن يتحول الى فعل وموقف. وحقيقة أن ضميرنا الانساني وضميرنا الوطني لم يكن ليتيح لنا الا ان نتحرك بسرعة من اجل المساعدة ولو بمقدار ضئيل نسبيًا والوقوف الى جانب الاشقاء في لبنان. ونحن نعلم ان حجم الخسائر مخيف، الدولة اللبنانية كانت اصلًا قبل الانفجار في وضع صعب اقتصاديًا واجتماعيًا ومؤسسات السلطة كانت متهتكة الى حد كبير، وجاء الانفجار على جسمٍ ضعيف، ولذلك هناك حاجة لتضافر قوى هائلة محليًا وعالميًا للتغلب على آثار ومخلفات هذا الانفجار. نحن نعلم أن مساهمتنا مهما بلغت لن تسد واحد بالمئة من احتياجات لبنان، لكن هذه المساهمة هي تعبير عن موقف انساني واخلاقي ووطني، ولا يمكن لنا الا تبنيه والقيام به. ونحن راضون عن حجم التجاوب وحجم الحماس للمساهمة والتبرع الموجود عند اوساط واسعة في مجتمعنا.

الاتحاد: الكثير من الحملات من عدة مؤسسات وجهات مجتمعية وسياسية خرجت مباشرةً اثر وصول انباء الكارثة، لكن المتابعة اصرت على توحيد كل هذه الحملات في حملة تبرعات وحدوية. ما هي أهمية أن تكون الحملة وحدوية ؟

بركة: الحقيقة نحن نحيي كل جهة او حزب أو مبادرة أبدت استعدادها لجمع التبرعات ومساندة شعبنا اللبناني الشقيق. لكن نحن رأينا أن هذا المجتمع الصغير نسبيًا، من المهم ان يطرح موقفًا موحدًا. أعتقد ان هناك قيمة سياسية وحدوية هامة لنا جدًا نحن كمجتمع سياسي في الداخل الفلسطيني وايضًا عبارة عن رسالة سياسية للشعب اللبناني كنموذج للعمل الوحدودي وتأكيد أن هذا الامر ممكن رغم أن هناك تباينات وخلافات فكرية واجتماعية مختلفة في مجتمعنا ورغم ذلك نستطيع أن نعمل بشكل وحدوي. والحقيقة اريد ان اقيم بشكل عالٍ الاستعدادية والقبول الجامع الذي صبغ اجتماع لجنة المتابعة يوم الخميس الماضي عندما أجمعت جميع مركبات لجنة المتابعة على هذه الحملة الوحدوية. انا اعلم ان هناك مبادرات مستقلة لمجموعات غيورة هنا وهناك، بينها مؤسسات اجتماعية او اطر شبابية او دينية بحكم ارتباطاتها بالفضاء الاجتماعي اللبناني، وهذه مناسبة لكي ادعو كل هذه الاطر للانخراط في الحملة التي اطلقتها لجنة المتابعة.

الاتحاد: بالرغم من اعلان لجنة المتابعة عن حملة وحدوية لكن رأينا أن جهات مثل الحركة الاسلامية الجنوبية قامت بتوصيل التبرعات بشكل منفرد، ما سبب ذلك؟

بركة: في الحقيقة ان الحركة الاسلامية الجنوبية بادرت بحملة تبرعاتها قبل اعلان حملة المتابعة وقبل التوافق الذي حصل لتوحيد الحملات. في اجتماع لجنة المتابعة، الحركة الاسلامية الجنوبية كان موقفها مثلذذ باقي مركبات لجنة المتابعة بضرورة أن تكون هنالك حملة وحدودية وهي أعلنت انها ملتزمة بذلك، وهذا أمر يشار اليه بايجاب. لكن في الايام الاخيرة سمعنا ان هنالك بعض المبادرات  المحلية والتي تجمع التبرعات بشكل منفرد، هنا وهناك. ونحن بصدد معالجة ذلك. نحن يهمنا الموقف الاساسي لكل مركبات المتابعة الملتزمة بالحملة الوحدوية، واذا كان هناك خلل هنا او هناك او عدم تنسيق فيفترض أن يتم التغلب عليه بسرعة، وهناك بعض الاماكن التي تغلبنا فيها على ذلك. وبقي بعض الامور القليلة جدًا التي يجب معالجتها.

 

الاتحاد: ما هي الجهات والمؤسسات التي تتواصل معها لجنة المتابعة لايصال التبرعات وكيف ستصل الى لبنان ؟

 

بركة: حقيقة في يوم الانفجار قمت بالاتصال ببعض الجهات اللبنانية التي لي علاقة معها وايضًا تواصلت مع سفير فلسطين في بيروت، من اجل فحص امكانية ارسال طواقم طبية، ومجتمعنا يعج بالقدرات الطبية والعلمية في مجال الصحة، واعتقد أنه يمكن ان نساهم من هذه الناحية ولو بالنزر اليسير خاصة في المرحلة الأولى. وهذا الأمر لم يتأتى بسبب الارتباك الذي حصل بعد الانفجار، حتى لم يكن من يستطيع هناك ان يتخذ قرار بالنسبة للموضوع، وخاصة انه في وضعنا من يذهب يحمل جواز السفر الاسرائيلي وهذا أمر صعب جدًا في لبنان. ونحن نفحص الآن بالتوافق مع جهات لبنانية رسمية امكانية ارسال اطباء من عندنا يحملون جواز السفر الفلسطيني ونحن الآن بصدد التنسيق مع السلطة الفلسطينية حول امكانية اصدار جوازات ومن خلال هذه الجوازات من الممكن أن نحل المشكلة.

بالنسبة للتبرعات المادية فنحن نجمعها في سبيل ان تذهب من أجل دعم توفير الغذاء والمعدات الطبية في الاساس. ونحن تواصلنا مع الهلال الأحمر الفلسطيني بحيث نحول له ما جمعناه من تبرعات تدخل الى حساب بنك ومن جهته يحول الهلال الاحمر الفلسطيني التبرعات إلى الصليب الأحمر اللبناني وهكذا اتفقنا في لجنة المتابعة في أن لا نبحث عن عناوين أخرى قد تكون فئوية او يشتبه بتورطها في فساد، فقررنا اعتماد العنوان الاكثر موثوقية والأكثر تجربة. وكل عملية التحويل الى لبنان ستجري تحت تدقيق ومراقبة منا وحرص أن تغطي التبرعات الاحتياجات الضرورية والحقيقية. لكن الآن نواجه مشاكل مع هذا المسار بسبب السلطات الاسرائيلية التي تضع العراقيل امامنا باسم ما يطلقون عليه قوانين "مكافحة الارهاب". ونحن الآن نفحص كل الخيارات الأخرى المتاحة أمامنا وكذلك نفحص خيار التوجه إلى مسار قضائي. وكذلك واجهنا مشاكل من السلطات الاسرائيلية بموضوع فتح الحساب البنكي. ليس بسبب البنك، بل ايضًا  بسبب قوانين ما يسمى "مكافحة الارهاب". وهم يدققون بشدة ويطلبون طلبات تعجيزية الأمر الذي أعاق لعدة ايام عملية فتح الحساب وآمل أن ينتهي هذا الموضوع في أقرب وقت.

الحساب البنكي سيكون عليه خمسة مؤتمنين من قيادة لجنة المتابعة، لكن نحن قررنا أن نقيم هيئة رقابة ليست من لجنة المتابعة، بل من شخصيات اعتبارية في المجتمع لتكون بمثابة مرجعية لمراقبة الشفافية والنزاهة في كل ما يتعلق بتحويل الاموال وصرفها هناك. وهذه مناسبة لأطمئن ابناء شعبنا أنهم يستطيعون التبرع بضمير مرتاح مطمئنين أن مساهتهم ستصل الى المكان الصحيح والضروري.




الاتحاد: البعض يبدي تخوفات من "شبهات التطبيع" في نقل تبرعات من الداخل الى لبنان، ويصمنا بأننا "عرب اسرائل" لذلك فان ايصال التبرعات الى اهلنا في لبنان يصب في باب "التطبيع". ما تعليقك ؟

بركة: في الحقيقة هذا سؤال قديم-جديد، سؤال التطبيع، عندما يتعلق الامر بنا. هنالك مطبعون على رؤوس الأشهاد من انطمة رجعية عربية مع المؤسسة الاسرائيلية. وهنالك من يريد أن يضع هذا الجزء من الشعب الفلسطيني الذي ظل متشبثًا بوطنه في خانة التطبيع، وهذا أمر مرفوض. نحن جزء من الشعب الفلسطيني جزء من فضائه وجزء من تاريخه وجزء من مستقبله وجزء من أمتنا العربية . ولذلك لا يطبع الانسان مع نفسه ولذلك لا يمكن أن نقبل هذا المنطق الذي يتهمنا بالتطبيع. ونرفض هذا الوصم والتعبير "عرب اسرائيل" وهو مردود على اصحابه. ومن يروج لهذا المصطلح هم اناس مرتبطون بالمؤسسة الاسرائيلة والمؤسسة الاسرائيلة تحاول الترويج لهذا التعبير وبث هذه المفردات من أجل ترسيخ مشروع التدجين للجماهير العربية الباقية في وطنها وهناك من يستخدم هذا الوصم من الناحية الأخرى من أجل فصلنا عن فضائنا العربي وهذا كلام واتهام مردود على اصحابه.

وانا اريد ان اقول اكثر من ذلك، نحن نقوم بهذه الحملة بحكم واجبنا الانساني والوطني، وانا لا اريد ان اجامل أحد بهذا الموضوع، انا اعلم جيدًا ماذا يدور على الساحة السياسية في لبنان، غالبية الفضاء السياسي وغالبية  الجماهير الشعبية متحيزة لفلسطين ومتحيزة للقضية الفلسطينية، لكن هناك أوساط في داخل لبنان لا تكف عن التحريض على ابناء شعبنا اللاجئين في لُبنان وتحاول ان تلصق بهم كل مصائب الدنيا بينما هم اناس موجودين في محطة حتى عودتهم الى وطنهم. وانا اعتقد ان هذه الحملة هي حملة دعم للشعب اللبناني في محنته وهي ايضًا حملة دعم لانصار فلسطين في لبنان وهم الأغلبية وهي حملة جواب على المحرضين الذي يتطاولون على ابناء شعبنا، وكذا يجب أن يفهم الامر وكل محاولة لاخذ الامر الى مكان آخر هي شكل من اشكال تفريغ الانسان من انسانيته وتفريغنا نحن من انسانيتنا ولا يمكن أن يكون مقبولاً علينا.

الاتحاد: ماذا تقول عن عرض اسرائيل الوقح بتقديم المساعدات الى لبنان اثر الكارثة ؟

بركة: عرض اسرائيل لتقديم المساعدة الى لبنان وكذلك اضاءة بلدية تل ابيب العلم اللبناني على مبناها، كلمة  نفاق ورياء لا تكفي لوصفها، هذه صفاقة وتجاوز لكل الحدود. هذه المؤسسة التي تقصف في لبنان  وتحتل جزءًا من اراضيه والتي وصلت قوات غزوها الى بيروت وقصفت المدينة ودمرت أجزاء كبيرة منها، اليوم تتباكى على لبنان وعلى الشعب اللبناني ! هذا شكل من اشكال التمادي العصي على الوصف في الوقاحة والصفاقة. أي كما نقول" قتل القتيل ومشى بجنازته". هذا من باب نكأ الجراح التي خلفتها السياسية الاسرائيلية على بيروت ولبنان عمومًا. لهذا لا مكان لا من قريب ولا من بعيد للتعامل مع هذه العروض التافهة التي تأتي من باب التسويق الاسرائيلي ومحاولة التلاعب بعواطف الرأي العام العالمي عبر استغلال الكارثة التي حدثت في بيروت. ولكن هذا لن يمر ولن ينجح في تغطية سياسيات اسرائيل الاجرامية بحق الشعب الفلسطيني والشعب اللبناني ايضًا.
 


*بسبب خطأ تقني، وردت في نهاية المقابلة المنشورة في النسخة الورقية فقرتان لا علاقة لهما بكلام الرفيق محمد بركة ولا بنص المقابلة، بل ألصقت بالخطأ من مقال آخر. مما اقتضى التنويه

أخبار ذات صلة