لا زالت الدعوة الموجهة الى وسائل الاعلام ، وخاصة المواقع الالكترونية بتحسين أدائها مفتوحة سيما وأن بعضا من هذه الوسائل ، بسوء ادارتها ، كانت ولا زالت تشكل خطرا على السلوك الأدبي والنهج السليم في التعامل بين الأفراد وسائر أقطاب المجتمع . أعني بكلامي هذا ما يتم نشره في الصحف المحلية وخاصة في المواقع الالكترونية من تهجمات أو تعليقات بذيئة وشتائم تدور أحيانا حتى بين أشخاص لهم مكانتهم في المجتمع ومن بينهم أدباء أو شخصيات معروفة . وفي هذا السياق لا بد من الاشارة الى أن المواقع الالكترونية مباحة اليوم أكثر من الصحف المحلية في بث الكثير من التطاول والاساءات بين الأشخاص ، والعديد من هذه المواقع باتت حتى تخالف القانون الذي يمنع القذف والتشهير وفرشت نفسها ساحة تدور فيها معارك طاحنة من الكلام المشين والتهجمات الشخصية تصل أحيانا الى عبارات سوقية لا يقبلها الذوق ألأدبي والانساني على حد سواء .
وفي هذا السياق لا بد من الاشارة الى أن العديد من المواقع الالكترونية لا زالت متاحة أمام أي شخص أراد التعليق على أي موضوع يشاء وبأي لغة يريد دون مراقبة من جانب المسؤولين لما يكتب في هذه المواقع ، هذا على الرغم من أن هذه التعليقات فيها ما يشكل خطرا على سلامة وسمعة الأفراد والمجتمع على حد سواء . وعلى سبيل المثال لازلنا نرى العديد من المواقع تنشر التعليقات العنصرية التي تبث الكراهية وتشجع التفرقة بين الطوائف والعائلات أحيانا ، الأمر الذي يشكل خطرا على سلامة مجتمعنا وحصانته من التشرذم العائلي والطائفي .
لاحظنا مثل هذا الخطر في الآونة الأخيرة في تصريحات نشرت في صحيفة محلية لشخصية دينية من طائفة معينة أساءت لطائفة أخرى الأمر الذي حذا بشاعر من هذه الطائفة الى نظم ما يشبه قصيدة هجاء لتلك الشخصية . وهنا ألم يكن من الصواب أن يلتزم هذا الشخص وأن يعد للعشرة قبل الادلاء بتصريحاته المسيئة من أجل تجنب بث الضغينة الطائفية ؟ .
ان المسؤولية في هذا المجال تقع أيضا على أصحاب وسائل الاعلام وعلى عاتق الصحفيين الذين في كثير من الأحيان يخرجون الكلام عن سياقه ويزيدون الطين بلة ولا يتخذون جانب الحيطة في صياغة الخبر وغالبا ما يتراكضون لكسب ما يسمى السبق الصحفي متناسين أن من شأن ذلك وأن مثل هذه التصريحات فيها ما يسيء الى العلاقات الأخوية بين الطوائف من أبناء الشعب الواحد في هذه البلاد .
على ضوء هذا كله يجب على وسائل الاعلام أن تصحح الخطأ وأن تتخذ موقفا أكثر التزاما ومسؤولية وأن تترفع عن كسب الشهرة من وراء التنافس الصحفي على حساب المصلحة العامة التي تظل بالدرجة الأولى مصلحة أخلاقية وأدبية وانسانية .