سيبقى الشعب الفلسطيني ينشد للسلام المبني على الحق والعدل والحرية ولو بعد اجيال واجيال، جيلا وراء جيل
تتعمق القناعة في الوقت الذي اصبحت فيه راسخة ومتجذرة الى درجة النهاية من منطلق اللا عودة، ان تفتقد يوما بعد آخر وبسرعة مذهلة جدا، ان حكام اسرائيل على مختلف حكوماتهم واحزابهم السياسية تقريبا، قد رفضوا ويرفضون السلام وغصن الزيتون مع الشعب الفلسطيني، الشعب الاسرائيلي بأغلبيته الساحقة والغارق في اليمينية الشوفينية والعنصرية يرفض ليس فقط مبدأ السلام، وانما الاقرار بالاعتراف على ما اقترفت ايدي حكوماته وقادته على مدار السبعة عقود المنصرمة، من ذبح وقتل وتشريد وهدم وقمع وابادة جماعية واضحة واستباحة الارض الفلسطينية من خلال الحرب والاحتلال والاستيطان والقوة والعربدة في الاجرام.
فما بال حكومة تعمل اليوم المستحيل لابعاد الفكرة والتفكير السلمي، بل تقوض اسس الحل العادل وبال رئيس حكومة مثل نتنياهو والذي يعتبر من اكثر رؤساء الحكومات في دولة الاحتلال، يتنكر على الملأ للحق الطبيعي ويحرض على اصحاب الحق والقضية ويعمل المستحيل على اضاعة وتبديد اسس الحل والحق والعدل، ويشن الحرب والاعتداء ويفتعل الازمات ويرتكب الموبقات بحق شعب الضحية، كما هو حال غزة اليوم ويحرض ليل نهار على البقية المنزرعة في وطنها. فيما يدعو الآخرون في حكومته الى اخراج الجماهير العربية الفلسطينية وقياداتها خارج اسوار المساحة الشرعية ودائرة القرار والتأثير.
نعي جيدا مفهوم السلام واستحقاقات "العملية السلمية" لكن مشروع السلام الذي يعمل نتنياهو وحكومته بالتنسيق مع الادارة الامريكية واطراف عربية وخليجية بالذات هو سلام الاستسلام وهو سلام التدمير والتقويض القائم على الهيمنة والبلطجة، في افراغ السلام العادل المبني على الحق والحقوق الثابتة والراسخة للشعب الفلسطيني من محتواه واشتراطاته واستحقاقاته القانونية والشرعية بموجب القانون الدولي وقرارات الامم المتحدة التي لا تلتزم بها حكومات اسرائيل، الحكومة العنصرية الفاشية اليمينية التي اصبح من واجبها تدمير اسس الحل، قد اخذت على عاتقها ان تقمع بالحديد والنار والقضاء على كل صوت سلمي وشرعي يعارض الاحتلال ويناصر القضية الفلسطينية، ويطالب بالقدس الشرقية عاصمة الدولة الفلسطينية او بحق العودة للاجئين والانسحاب وغيره من مطالب واستحقاقات ما اتفق على تسميته "بالسلام العادل"، ان ما جرى على حدود غزة في مسيرات الغضب والعودة 2018 والتي ملأت الرأي العام العالمي ووضعت الكثير من النقاط والمسلّمات السياسية على حروف خرق وافشال ما يخطط في الخفاء من صفعة القرن المطبوخة امريكيا واسرائيليا وعربيا-سعوديا، لقد سعت حكومة الحرب والاستيطان بقيادة نتنياهو وشركائه في الدم الملطخ بعزة الشعب الفلسطيني، كيف ان الفاشية اليهودية المتفشية في هرم حكومة نتنياهو قد قابلت وملأت الساحة بدل الحديث عن افق السلام والعدل وثقافة الحق واسس التعايش كيف قابلتها بالدم والدموع وعمدت الفلسطينيين في غزة المنتصرة، بحمام من الدم والقتل المتعمد، الذي لا يزيد الشعب الفلسطيني الا اصرارا ما بعده اصرار على ان رسوخ الحق واجب مثلما انبلاج الفجر بعد تبديد حلكة الليل، هو قانون في فلسفة الطبيعة وان الحق الفلسطيني مهما اشتدت قوى الشر والعدوان والتآمر من عدوانيتها وبلطجيتها وسفكت الكثير من الدماء الفلسطينية الزكية، فهي في كل الاحوال الا غير الطبيعية عربون على حساب الحق والحرية وممكن احتسابه في خانة وقهر الانتصار القادم، على طريق الحق والدولة انتصارا على همجية التنكر وتغييب وتبديد الحقوق الجماعية والفردية للشعب الفلسطيني ابي التضحيات.
لا يوجد شريك للشعب الفلسطيني في صنع سلام الشجعان، كما عرفه القائد الرمز ياسر عرفات، وان يمد يده وان يتخلى عن فوهة المدفع ويحمل غصن الزيتون مع الشريك الفلسطيني. حكومة نتنياهو وقوى اليمين والاستيطان تقابل الدعوات الفلسطينية بالمزيد من التنكر لمتطلبات السلام، عبر اغراق المنطقة بشلالات من الدم والدموع وتعزيز مواقع ونهج الاستيطان، وتحرق وتدمر كل بارقة امل ومبادرة سواء كانت اوروبية او عربية او اممية، اذا كانت لا تلتقي مع نوايا وسياسة نتنياهو وحكومته الغارقة في الفساد والافساد والتنكر والاستيطان والقمع والاضطهاد من خلال افتعال الصدام مع الفلسطينيين، كما جرى في مسيرات العودة على حدود قطاع غزة، على مدار الاشهر الثلاثة الاخيرة وسقوط اكثر من 120 شهيدا وما يزيد عن ثلاثة آلاف جريح، كل ذلك لمجرد تجديد العهد والقسم والمطالبة بحق العودة، وفك الحصار عن قطاع غزة المحاصر منذ اكثر من 12 عاما على التوالي.
ما يجري على ارض الواقع، وفي مشهد الحياة اليومية للمجتمع الاسرائيلي المتدهور نحو العنف والتطرف، هو انه في ظل حكومة اليمين العنصري والفاشية، تحرض هذه الحكومة علنا على الجماهير العربية ولذلك على السلطة الفلسطينية وقياداتها المنتخبة والبعض من جوقة التحريض الحكومية، يطالب الحكومة بضرورة اخراج لجنة المتابعة العليا خارج القانون والساحة السياسية، وكأن قيام المتابعة كان قرارا برلمانيا – حكومية بامتياز، سمعنا في مظاهرة واحتجاج حيفا على عمليات القتل في غزة في منتصف ايار دعوات قوى اليمين الذي تظاهر مقابل الجبهة وغيرها وقيام وزراء بالتحريض على القائمة المشتركة والنائب ايمن عودة بالذات، في عنفوان الاحتجاج وذروته تسمع وتواجه وتتصدى للعنصريين اليهود، حين يصفونك بالارهابي والمخرب، وان هذه الدولة دولتهم ويطالبونك بالرحيل والذهاب الى سوريا وغزة والعالم العربي، حكومة نتنياهو تعمل وفق سيناريو التحريض والتشريد والقتل والقمع وتضييق الخناق وعلى تعبئة وحشد الرأي العام الاسرائيلي – اليهودي منطلقة من قناعة عنصرية راسخة وسياسة القوة والعربدة، بان هذه البلاد والارض هي ملك الشعب اليهودي فقط ،وان السلام الذي يتغنون به هو السلام التي تفرضه حكومة نتنياهو بمساعدة ومباركة الادارة الامريكية التي تتعاطف الى حد الجنون مع طروحات نتنياهو واليمين العنصري الفاشي في اسرائيل، واي سلام لا يضمن السيطرة اليهودية وتعزيز "دولة اليهود" على كامل التراب الذي "وعد به اليهود" هو ليس سلاما، بمعنى سيطرة واحتلال بالقوة وبسط نفوذ دولة اليهود من النيل الى الفرات.
ففي شوفينيتهم العنصرية لا يجري الحديث عن شعب فلسطيني موجود هنا منذ فجر التاريخ ولا عن حقوق وطنية وقومية وانه هو صاحب هذه الارض، فهم يتنكرون حتى لفكرة التعايش المشترك بين شعبي هذه البلاد، فالمؤسسة الحاكمة هي مؤسسة عنصرية بامتياز، تتماشى مع مبادئ وقيم الصهيونية العنصرية الجديدة بأفكار التعايش والمحبة والسلام والتجاور الحسن والانساني، لا يتلاءم مع الطبيعة العدوانية لحكام اسرائيل وارتباطاتهم العدوانية المتكاملة في خدمة الاهداف الاستراتيجية الكونية للامبريالية العالمية وعلى وجه الخصوص الولايات المتحدة الامريكية، فاسرائيل الرسمية والى حد كبير الشعبية حيث يجري وجرى خلال العقود الاخيرة على تنويم الوعي وتغيب وايقاظ الادراك وفصل اليهود عن الشعوب الاخرى وخاصة المحيطة بهم، عن ان قضاياه، اسرائيل واليهود من حلها الا اذا تعاونا مع حلفائنا من المستعمرين القدماء والجدد وهذا يظهر معنى السلام في ظل سيطرة مثل هذه الافكار هو ابعد ما يكون عن الواقع مهما كانت الظروف، سيبقى الشعب الفلسطيني ينشد للسلام المبني على الحق والعدل والحرية ولو بعد اجيال واجيال، جيلا وراء جيل.
(كويكات – ابو سنان)